مصر بلدنا أمان

17/5/2009

.مصر بلدنا حلوة ومافيهاش مشكلات.. مش ممكن تسمع فيها لا صراخ ولا آهات.. ولا عمرها
مرت بمشاكل فقر وجوع.. ولا ناس فى عز الفرحة بتنزل منها دموع.. ولا ناس من غير ذنب
بتترمى فى معتقل.. ده حتى يبقى ظلم وكلام لا يعتقل.. مين قال إن الفساد واكل نص
البلد.. ولا ناس بتهرب ملايين وكنوز مالهاش عدد.. مين قالك إن المولود جديد قبل ما
يقول واء.. بيسمع عن جرائم سرقة الأعضاء.. ولا يمكن تصحى الصبح ما تلاقيش كليتك..
ولا أكل يسرطن جسمك ويدمر معدتك.. ولا منظومة التعليم عندنا فيها فشل.. ولا فيه
راكب مواصلة فى الزحمة واتنشل.. ولا إعلامنا فاشل وخارج الرقابة.. ده كل برامجنا
هادفة ولا فيها مسخرة يابا.. ولا واحد صرف ملايين عشان يقتل الرقاصة.. ولا شاب مدمن
بانجو يحطوا عليه حراسة.. ولا طردوا عمرو خالد عشان نادى بالحجاب.. ولا كل شيخ فى
جامع بيقولوا عليه إرهاب.. ولا عبارة مرة غرقت وصاحبنا هرب وطار.. ولا عبدالحليم
ظهر وغنى بحبك يا حمار.. ولا فيه طوابير بتقف باليوم قدام الفرن.. ولا لينا ريس
حاكمنا بقى له نص قرن.. لا لا يا راجل ده برضه اسمه كلام.. تصدق أى افتكاس بينشره
الإعلام؟؟.. اللى قولته ليك ده عمره ما حصل ولا كان.. فى مصرنا الحبيبة بلد الأمن
والأمان.

أيام معدودة ويبدأ عام ميلادى جديد بما يحمله من توقعات وآمال وسيناريوهات
عجيبة!.. دعونى فى ختام عامنا هذا أتوجه برجاء إلى المسؤولين من منطلق العشق لهذا
الوطن والخوف عليه، والحرص على مستقبل أفضل، مطالباً بالإسراع فى معالجة وضع
استثنائى لم يحدث من قبل!.. وهو بداية عام ميلادى جديد وعدد كبير من أبنائنا
المسيحيين يمكثون فى السجن نتيجة أحداث العمرانية!.. لن أتطرق للتفاصيل، فأنا أدرك
أن هناك أخطاء من الطرفين!..
ولقد تمنيت على مدار سنوات طويلة أن تعالج الأمور.. بطريقة مختلفة، فلست راضياً
عن الأوضاع الحالية ولا أتمنى استمرارها.. فأنا من جيل لم يفرق بين المسلم
والمسيحى.. جيل يدرك أن المرء يدين بدين آبائه.. إنها فتنة الآبائية!.. فإذا كنا قد
جعلنا من ٧ يناير إجازة رسمية كمشاركة وجدانية.. فاجعلوا العيد فرحة.. إفرجوا
عنهم.. دعوهم يقضونه فى أحضان أسرهم.. بل أكرر دعوتى بأن يتوجه المسلمون للكنائس
لتهنئتهم فى أعيادهم!..
تذكروا دعوة «كل» الأديان للتسامح.. ليتذكر المسيحيون ما ورد فى الإنجيل «من
استغفر لمن ظلمه فقد هزم الشيطان».. وليتذكر المسلمون قوله تعالى «لا ينهاكم الله
عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن
الله يحب المقسطين».. هل من مجيب؟!

17/5/2009

.وطنى.. وطنى.. كله وطنى مجلس شعب وشورى وطنى
لانهم خلونى اجرى على بطنى ومش فاضى اشوف وطنى
ومجالس حتى
محلية كله تبع الحزب الوطنى

وأنا أصلى مصرى..
من أصل مصرى لكنى عايش غريب فى وطنى

لا ليه رأى ولا ليه
حق أقول ده آه وأقول ده لأ

لو كنت غايب تلاقينى
حاضر وأحط صوتى يضيع فى وطنى

مع إنى مصرى من أصل
مصرى لكنى عايش غريب فى وطنى

وم النهارده مافيش
معارضة الكل يسكت الكل يرضى

وغصب عنا سرقم
آمالنا وزوروها باسم وطنى

وأنا كلى مصرى من أصل
مصرى لكنى عايش غريب فى وطنى.

والشعب كله كبير
صغير.. شاهد وعارف مين اللى زور

وكله يحكى ويقول
لكله والسرقة علنى والنور منور

وأنا شفت مصرى
بيقول لمصرى أدينى عايش غريب فى وطنى

يا رب إمتى نقدر
نصلح والرأى يصبح لأهل وطنى

من غير مغالطة ولا
أى غلطة ننهض ونكبر ونعيش يا وطنى

الرأى رأيك والشورى
شورتك ولا أى مصرى غريب فى وطنى

17/5/2009

.
لا شك أن الكشف عن جاسوس مصرى يخون بلاده خبر له طعم العلقم بالنسبة لأى مصرى
يعشق هذا الوطن، لكن القصة التى حملتها لنا الصحف مؤخرا تنطوى على ما هو أكثر من
الشعور بالمرارة، لأنها تدق أجراس الخطر، فلعل أخطر ما كشفت عنه المعلومات المنشورة
هو قصة الشاب المتهم نفسه، وكيف بدأت علاقته بجهاز الموساد الإسرائيلى، ففى الأزمنة
السابقة كنا نقرأ عن مصريين يتم فى أغلب الحالات الإيقاع بهم، وتجنيدهم من قبل
المخابرات الإسرائيلية عبر دراسة نقاط ضعفهم، ثم توريطهم على نحو يصعب عليهم بعده
الفكاك من الاستمرار فى خيانة وطنهم.
لكن قصة المتهم المصرى فى القضية الراهنة مختلفة، فالمتهم ذهب بنفسه لجهاز
الموساد، وهو الذى طلب بوعى كامل أن يخون بلاده مقابل المال، وتلك هى المسألة التى
تحتاج منا إلى دراسة جادة، فما الذى يدعو ذلك الشاب أو غيره لأن يفعل ذلك؟ وقد لفت
انتباهى أن أغلب التغطية الإعلامية للموضوع ركز ربما بشكل مبالغ فيه على الفقر
المدقع، الذى تعيش فيه أسرة المتهم بما يوحى بأن هناك علاقة سببية مباشرة بين الفقر
والخيانة، وهى فى رأيى علاقة لا يوجد أى دليل عليها، فمصر طوال تاريخها كان بها من
يعيشون ويموتون فقراء دون أن يفكر أحدهم فى التضحية ببلاده من أجل المال.
وبغض النظر عن حالة ذلك الشاب تحديدا، وما إذا ثبتت إدانته فى نهاية الأمر، فإنه
لا يجوز اعتبار أن هناك ما يبرر الخيانة، ويقلل من بشاعتها، لكن المطلوب فى الواقع
هو البحث عن الظروف، التى قد تهيئ التربة لها، والسعى لمحاصرتها، ومن هذا المنطلق
يمكن الاجتهاد فى فهم الموضوع، فالخيانة فى ظنى هى أكثر أشكال الانفصال عن الوطن
تطرفا وعدوانية، لكن ذلك الانفصال له أشكال ومستويات كثيرة خطيرة تبدأ كلها
بالانفصال الوجدانى.
وعليه فلن أصدع رأسك، عزيزى العضو، بكلام كبير من نوع تآكل الهوية والانتماء أو
غياب المشروع الوطنى، بل غياب مفهوم العدو أصلا من الخطاب الرسمى، وإنما سأحيلك
للاستطلاع الأخير الذى أجراه مركز المعلومات بمجلس الوزراء، ففى ذلك الاستطلاع قال
٩٤% من المصريين إن الفساد أصبح مشكلة كبيرة، بينما رأى ٧٠% منهم أن معدلات الفساد
«ارتفعت» أو «ارتفعت للغاية» خلال العام الماضى، والأخطر من هذا وذاك أن ٦٣% من
المصريين أعربوا عن قناعتهم بأن القانون لا يطبق بمساواة على الجميع.
والعلاقة وثيقة للغاية بين تلك الأرقام وبين الانفصال الوجدانى عن الوطن، فالفقر
فى ذاته ليس سببا كافيا لذلك الانفصال، وإنما القضية هى انسداد أفق الحراك
الاجتماعى عبر العمل والاجتهاد، بسبب الفساد وانهيار سيادة القانون.
وليس خافيا على أحد أن نسبة مذهلة من شبابنا إذا ما سألتهم عن المستقبل فسيقولون
لك صراحة إنهم يخططون أو على الأقل يتمنون الرحيل للخارج إن لم يكن الهجرة
النهائية، وليس صحيحا أن كل هؤلاء الشباب مخدوعون بالدعاية الغربية ولا مفتونون بما
يرونه فى المسلسلات الأجنبية، فأنت إذا ناقشتهم ستكتشف أنهم رغم جهلهم الواضح
بتعقيدات المجتمعات، التى يريدون الالتحاق بها، وبما قد يلاقونه فيها من معضلات،
فإن أغلبهم بنى موقفه على قراءة متأنية للواقع المصرى، وعلاقته بتحقيق طموحاتهم،
فالكثيرون منهم نابهون ومتفوقون، ولكنهم من أسر عادية لا تملك جاها ولا نفوذا، وهم
يتابعون كل يوم نماذج لشباب ضاعت فرصهم، لأن ابن شخصية مهمة سرق تلك الفرصة، أو لأن
حكما قضائيا يعيد الحق لأصحابه لم ينفذ، وهم أيضاً يرون الوظائف المتواضعة، التى
ينتهى إليها الكثيرون ممن اجتهدوا وحصلوا على شهادات عليا تصل أحيانا للدكتوراه،
لذلك صار أولئك الشباب على قناعة بأن فرص الترقى الاجتماعى لم تعد متاحة لأمثالهم
ممن لا يملكون الواسطة، ولا يعرفون كبارا نافذين.
وحين تصبح أبواب الأمل فى مستقبل أفضل موصدة فى وجه الجادين، بينما تفتح لأصحاب
النفوذ ممن لا يستحقون، تنهار قيم كثيرة، وينسحب المرء داخل نفسه، ويبدأ الانفصال
الوجدانى عن الوطن، فالانتماء الوطنى ليس شعارات زاعقة، ولا هو تعاليم وعظات نلقنها
لأبنائنا، وإنما هو فى جوهره شعور المواطن بمكانته فى وطنه، لذلك فإن عبارة «البلد
مش بلدنا» التى صار يرددها الكثير من المصريين هى جرس إنذار يستدعى الانتباه إلى أن
الأوضاع الداخلية من فساد وانهيار لسيادة القانون وإهدار لآدمية المواطن صارت تمثل
خطرا على الأمن القومى المصرى ذاته.
فتلك العبارة القصيرة، التى يرددها المصريون هى جوهر مسألة الانتماء والهوية.
فهى تحكى ببساطة بليغة كيف صار لدى الناس قناعة بأن مصر لم تعد للبسطاء الكادحين،
ولاحتى للمجتهدين الشرفاء من الطبقة الوسطى، الذين لا يملكون نفوذا وإنما صارت
للكبار أو للمفسدين، الذين يحميهم انهيار سيادة القانون، ولأنك لن تدافع عن بلد
«ليس بلدك»، فإن أمن مصر القومى تبدأ حمايته من الداخل، وهو ما يتعذر تحقيقه قبل أن
تشعر الأغلبية الساحقة من المصريين بأن «البلد بلدهم».