الحـريه
في ذات صباح صحوت من نومي إثر سماعي لصوت هرة تموء فما كدت افتح باب غرفتي فإذا بها تقترب مني وتتمسح بأقدامي فرابني أمرها وأهمني همها هماً فقلت لنفسي ربما هي جائعه فأحضرت لها طعامافعافته وقلت لنفسي ربما هي ظمأنه فارشدتها إلى الماء فلم تحفل به وأخذت تنظر ألي نظرات تنطق بما تشتمل عليه نفسي من ألألم والحزن فأثر في نفسي منظرها تأثيراً شديداً حتى تمنيت
لو أني سليمان أفهم لغة الحيوان لأعرف حاجتها وأفرج كربتها!!
ولكني لاحظت أنها تنظر إلى باب المنزل الذي اقطن فيه نظرات فيها حسرة فرابني ذلك فتحركت إلى الباب وكلما أقتربت من الباب انطلقت الهرة امامي فأدركت غرضها وعرفت أنها تريد أن افتح لها الباب ،فأسرعت بفتحه فما وقع نظرها على الفضاء ورأت وجه السماء حتى أستحالت حالتها من الحزن والهم إلى الغبطة والسرور ،وانطلقت تعدوا في سبيلها .
فأنشأت افكر في أمر هذه الهره وقلت ليت شعري هل تفهم هذه الهره معنى الحريه؟
إنها تحزن لفقدانها وتفرح بلقياها ، اجل هي تفهم معنى الحريه فما كان حزنها وبكاؤها ورفضها الطعام والشراب إلا من أجلها ، وهنا تذكرت أن كثيراً من اسرى ألأستبداد من بني ألأنسان
لايشعرون بما تشعر به الهرة المحبوسه والوحش المعتقل في القفص والطيرالمقصوص الجناح من ألم
ألأسر بل أن بعضهم يتمنى البقاء في هذا السجن ويأنس به ويتلذذ بألآمه وأسقامه.
من أصعب المسائل التي يحار العقل البشري في حلها أن يكون الحيوان ألأعجم اوسع ميداناً في الحريه
من ألأنسان فالأنسان يعيش رهين محبسين محبس نفسه ومحبس حكومته من المهد إلى اللحد.
صنع الإنسان القوي للأنسان الضعيف سلاسل وأغلال وسماها قانوناً ليظلمه بأسم العدل ويسلب حريته بأسم النظام ولعل في الأنظمه العربيه خير مثال فهذه ألحكومات المستبده نصبت نفسها مشرعا ومنظماً حسب مفهومها لتقيد حرية ألأنسان العربي وجعلت من مبداء جوع كلبك يتبعك وسيله لتسييرهذا الإنسان فاصبحت حريته وكرامته نسياً منسيا وأصبح أسير لقمة العيش ،ليست جناية المستبد على أسيره أنه سلبه حريته بل جنايته الكبرى أنهُ افسد عليه وجدانه فاصبح لايحزن لفقد تلك الحريه
ولايذرف دمعة واحدة عليها.
لو أدرك الإنسان قيمة حريته المسلوبه منه وعرف حقيقة مايحيط بجسمه وعقله من القيود لانتحر كما ينتحر البلبل إذا حبسه الصياد في القفص.
كان الإنسان في بداية أمره يأكل ويشرب بدون قيود فملؤا قلبه خوفاً ورعباً من المرض او الموت وأبو أن يأكل او يشرب إلا كما يريد الطبيب وأن يتكلم او يكتب إلا كما يريد الرئيس الديني أو الحاكم السياسي ولا يقوم او يقعد إلا كما تقتضي به قوانين العادات والتقاليد.
لاسبيل إلى السعادة في الحياة إلا إذا عاش ألأنسان حراً طليق القلب والعقل ، ولايسيطر على عقله ونفسه ووجدانه وفكره إلا أدب النفس.
الحريه هي الحياة ولولاها لكانت حياة ألأنسان أشبه بحياة اللُعب المتحركه في أيدي ألأطفال ليست الحريه في تاريخ ألأنسان حادُثاً جديداً اوطارئاً غريباً وإنما هي فطرته التي فُطر عليه مذ كان وحشاً يتسلق الصخور ويتعلق بغصان الشجار.
إن ألأنسان الذي يمد يديه لطلب الحريه ليس متسولاً ولامستجدِ وأنما هو يطلب حقاً من حقوقه التي
سلبته اياها المطامع البشريه فإن ظفر بها فلا منة لمخلوق عليه ولايد لأحدعنده .
،،،،،،،،،،،،،
مع ارق تحياتي