هل تؤيد المساواة بين المرأة والرجل في الإرث؟
حملة للمطالبة بالمساواة بين المرأة والرجل في الإرث وتوقيف التعصيب
يكرس نظام الإرث في الإسلام خاصة السني منه التمييز الفظيع في حق الزوجة والبنت أو البنات, ويتسبب لهن في كثير من الضيق والحرج, مما يدفع الأسرة التي تجد نفسها في تلك الوضعية إلى التحايل على الشرع من أجل تمرير التركة للزوجة والبنات كأقرب "أولى الأرحام" وأحقهم بذلك. وكذلك حماية وصونا لهن من الفقر والبؤس وخوفا عليهن من أن تدفعهن الحاجة والفاقة إلى سلوك سبيل الفساد "الدعارة والاحتيال" و هذا بالضبط ما يحدث في الواقع مما يدل على أن نظام الإرث بتأويله السلفي الذي تغيب فيه مصلحة البنت والزوجة هو مصدر للظلم الذي تنجم عنه المفاسد وهذا ضد شرع الله, لكن المعارضون,مصابون بالحول حيث يرون في النقيض نقيضا. وحولهم ناجم عن شيء واحد ووحيد وهي النزعة الذكورية كإرث لعهد الكر والفر. ولكم بعض الأدلة على أن الشرع بريء مما يدعيه السلفيون وعلى أن الدعوة إلى المساواة بين المرأة والرجل هي الأصل في الإسلام وحتى إن كان هناك تمييز في بعض النصوص القرآنية "للذكر مثل حظ الأنثيين " فذلك لمصلحة آنية كمراعاة العادة المتأصلة في بعض العرب أنذاك وهي استغلال المرأة واستعبادها وحاجة الإسلام للرجل في الغزوات. وفي المواقف المماثلة كان الإسلام من باب " يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا " يسلك سياسة التدرج في محاربة الظاهرة وكذلك مبدأ الأولوية وقد حدث ذلك مع الخمر... وفي حالة المرأة والرق بدأ مشروع القضاء عليهما لكن لم تسمح الفرصة ليتم ذلك عهد الرسول مع العلم أنه ترك الأرضية مهيأة, ولكن الذكوريين أجهزوا على المحاولة وأرجعوا الأمور إلى سالف عهدها و أسوء, ولكم في وضعية المرأة في أفغانستان نموذج الفردس المنشود للذكوريين. أما عن طلبنا بالمساواة في الإرث بين المرأة والرجل ورفع التعصيب ما يدعمه من حجج وأدلة في النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الموافقة لها وفي الأبحاث والدراسات العلمية والموضوعية وفي المواثيق والعهود الدولية التي ليست سوى مجهودات واجتهادات شعوب وحضارات على مر الأزمنة والعصور. نستحضر بعضا منها:
- الشواهد التاريخية تثبت على أن المرأة كان لها شرف السبق لاعتناق الإسلام وشرف الموت في سبيله وكانت حاضرة في لقاء العقبتين وهاجرت مع المهاجرين وساهمت في تمويل الدعوة وشاركت في الغزوات والحروب...واحتجت على آيات المواريث.لكن كل الحقائق التاريخية قد أتلفت سوى ما كان يبين دونية المرأة وقوامة الرجل عليها كإرث ثقافي لبعض القبائل والعشائر. فكما كانت هناك قبائل تئد البنات وحتى الذكور بفعل المجاعة والفقر وهناك قبائل أخرى تحترم المرأة وتمتعها بحقوقها مما سمح لها أن تكون شاعرة وتاجرة وعاملة ووارثة وحكيمة, و السيدة خديجة قد مولت الدعوة المحمدية بالأموال التي حصلت عليها من إرثها من زوجيها السابقين و كانت حكيمة يرجع لها الفضل في تثبيت النبي لاستقبال الوحي, حتى أننا لا نستطيع إنكار دورها الكبير في نجاح الدعوة إلى درجة أن خليل عبد الكريم يسميها بهندوز الرسالة المحمدية.
-- الإسلام بمبادئه ومقاصده وقواعده ليس ضد مساواة المرأة والرجل وكأدلة على ذلك ما يلي:
-الإسلام بصريح الأغلبية الساحقة من النصوص يساوي بين المرأة والرجل في المسؤوليات والتكاليف أمام الله, والمعارضون هم الذين يعتبرونا ناقصة عقل ودين ويكذبون على الرسول الذي يتبرأ من أي كلام ينسب له إن كان يخالف القرآن.
-القلة من النصوص الإسلامية التي يستشهد بها المعارضون, من جهة, هي منزوعة من سياقها التاريخي ومن جهة أخرى, هي نصوص تشريعية قابلة للاجتهاد وتوقيف أحكامها لتغير أوضاع المجتمعات وأحوالهم بحكم القاعدة الإسلامية"الحكم الشرعي المبني على علة يدور مع علته وجودا وعدما" وعلة "للذكر مثل حظ الأنثيين" هي قوامة الرجل على المرأة من خلال النفقة والحماية وهناك من يضيف المهر, وهي أمور انتهى أمرها بسلطان الزمان. فلم تعد حاليا هناك قوامة للرجل لأن تقديم المهر عند الزواج أصبح متجاوزا وإن تم الكلام عنه من طرف بعض المحافظين فهو من باب التباهي لا أكثر كما أن النفقة تتحملها المرأة والرجل معا وفي حالات عدة أصبحت تتحملها المرأة لوحدها لأن المرأة في وقتنا الحالي تتاح لها فرص الشغل أكثر من الرجل كما أنها حققت تفوقا في تحصيل العلم والمعارف مما سمح لها أن تتولى مناصب عليا عن جدارة واستحقاق وإن كره التيار الذي كان في يوم ليس ببعيد يحرم عليها الخروج للدراسة والعلم ويتهمها بضعف قدراتها على الإستيعاب والتحصيل. أما عن الحماية فهي مسؤولية الدول والحكومات فلم يعد هناك فضل لأهل الكر والفر والسيف والفرس.
* الاجتهاد فريضة في الإسلام وهو الذي يجعله صالحا لكل مكان وزمان, لأنه هو الذي يطوع النصوص التشريعية ويستنبط منها الأحكام مراعاة لمقاصد الشرع التي هي "جلب المصالح ودرء المفاسد" تبعا لظروف وأحوال الناس بعيدا عن قيود السلف وأهواء المعارضين الحاملين لشعار" لا اجتهاد مع النص" و" الاجتهاد من حق الجماعة" إلى أن قعدوا لكهنوت إسلامي حولوا الشعائر السمحة الميسرة إلى شعائر جامدة و متحجرة.
*الإسلام دين يسر وليس دين عسر بدليل ما لا يحصى من النصوص القرآنية والأحاديث الموافقة لها. فالإسلام ودائما لمصلحة الناس, يسقط الواجب أمام العجز ويحلل الحرام أمام الضرورة, إن جزئيا أو كليا ,إلا الشرك بالله:"لا واجب مع العجز ولا محرم مع الضرورة."
* حكم التعصيب في الإرث لا أساس له في النص القرآني والآية 176 من سورة النساء التي يشير إليها أبو بكر على أنها هي التي تهم إرث الإخوان والأخوات, فهي تصدق على حالة الكلالة حيث لا يترك الهالك أي ولد سواء ذكرا أو أنثى. لكن نجد أهل المذهب السني يطبقونها في حالة وجود البنات"كولد". دون أدنى محاولة لإعادة النظر في المسألة وإن كانت كتب السيرة والتاريخ والتفسير تتكلم على أن هناك لبس في الأمر منذ نزول آية الكلالة.
ومن باب الإيجاز نكتفي بما ذكرناه عن عدم مسؤولية النص التشريعي عن ما تعانيه المرأة في الإسلام وبالتالي ورغم منطلقنا الإسلامي فإننا لا نختلف مع النظرة الكونية لحقوق المرأة و لا نختلف عنها في مطالبتنا بتمتيع المرأة بحقوقها كاملة غير مجزأة. كما أننا نطالب كل الجهات المسؤولة محليا ودوليا والهيئات الحقوقية بتعجيل تنفيذ بنود معاهدة سيداو وعدم القبول بما يسميه السلفيون بالإنصاف كسياسة للتماطل إلى جانب سياسة التحفظات التي لا أساس لها في الواقع سوى أنانية الرجل." فحيث كان الحق والعدل فهناك شرع الله".