قصة غيرة حفصة من ماريا عندما كانت جارية
--------------------------------------------------------------------------------
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ
القول في تأويل قوله تعالى : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : يا أيها النبي المحرم على نفسه ما أحل الله له , يبتغي بذلك مرضاة أزواجه , لم تحرم على نفسك الحلال الذي أحله الله لك , تلتمس بتحريمك ذلك مرضاة أزواجك . واختلف أهل العلم في الحلال الذي كان الله جل ثناؤه أحله لرسوله , فحرمه على نفسه ابتغاء مرضاة أزواجه , فقال بعضهم : كان ذلك مارية مملوكته القبطية , حرمها على نفسه بيمين أنه لا يقربها طالبا بذلك رضا حفصة بنت عمر زوجته ; لأنها كانت غارت بأن خلا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في يومها وفي حجرتها. ذكر من قال ذلك : 26653 - حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقي , قال : ثني ابن أبي مريم , قال : ثنا أبو غسان , قال : ثني زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصاب أم إبراهيم في بيت بعض نسائه ; قال : فقالت : أي رسول الله في بيتي وعلى فراشي ؟ ! , فجعلها عليه حراما ; فقالت : يا رسول الله كيف تحرم عليك الحلال ؟ , فحلف لها بالله لا يصيبها , فأنزل الله عز وجل : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك } قال : زيد : فقوله أنت علي حرام لغو . 26654 -حدثني يعقوب , قال : ثني ابن علية , قال : ثنا داود بن أبي هند , عن الشعبي , قال : قال مسروق إن النبي صلى الله عليه وسلم حرم جاريته , وآلى منها , فجعل الحلال حراما , وقال في اليمين : { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } . * - حدثنا يونس بن عبد الأعلى , قال : ثنا سفيان , عن داود , عن الشعبي , عن مسروق , قال : آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرم , فعوتب في التحريم , وأمر بالكفارة في اليمين . *- حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد , عن مالك , عن زيد بن أسلم , قال لها : أنت علي حرام , ووالله لا أطؤك . 26655 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قوله { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك } قال : كان الشعبي يقول : حرمها عليه , وحلف لا يقربها , فعوتب في التحريم , وجاءت الكفارة في اليمين . * - حدثنا ابن عبد الأعلى , قال : ثنا ابن ثور , عن معمر , عن قتادة وعامر الشعبي , أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم جاريته . قال الشعبي : حلف بيمين مع التحريم , فعاتبه الله في التحريم , وجعل له كفارة اليمين . 26656 - حدثنا يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } قال : إنه وجدت امرأة من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جاريته في بيتها , فقالت : يا رسول الله إني كان هذا الأمر , وكنت أهونهن عليك ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اسكتي لا تذكري هذا لأحد , هي علي حرام إن قربتها بعد هذا أبدا " , فقالت : يا رسول الله وكيف تحرم عليك ما أحل الله لك حين تقول : هي علي حرام أبدا ؟ فقال : والله لا آتيها أبدا فقال الله : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } . .. الآية , قد غفرت هذا لك , وقولك والله { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم } . 26657 -حدثنا عن الحسين , قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد , قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم قتادة , فغشيها , فبصرت به حفصة , وكان اليوم يوم عائشة , وكانتا متظاهرتين , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اكتمي علي ولا تذكري لعائشة ما رأيت " , فذكرت حفصة لعائشة , فغضبت عائشة . فلم تزل بنبي الله صلى الله عليه وسلم حتى حلف أن لا يقربها أبدا , فأنزل الله هذه الآية , وأمره أن يكفر يمينه , ويأتي جاريته . 26658 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن عامر , في قول الله { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } في جارية أتاها , فأطلعت عليه حفصة , فقال : هي علي حرام , فاكتمي ذلك , ولا تخبري به أحدا فذكرت ذلك . وقال آخرون : بل حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريته , فجعل الله عز وجل تحريمه إياها بمنزلة اليمين , فأوجب فيها من الكفارة مثل ما أوجب في اليمين إذا حنث فيها صاحبها . ذكر من قال ذلك : 26659 - حدثني علي , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس , في قوله { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إذا حرموا شيئا مما أحل الله لهم أن يكفروا أيمانهم بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم , أو تحرير رقبة , وليس يدخل ذلك في طلاق . 26660 - حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قوله : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } . .. إلى قوله { وهو العليم الحكيم } قال : كانت حفصة وعائشة متحابتين وكانتا زوجتي النبي صلى الله عليه وسلم , فذهبت حفصة إلى أبيها , فتحدثت عنده , فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جاريته , فظلت معه في بيت حفصة , وكان اليوم الذي يأتي فيه عائشة , فرجعت حفصة , فوجدتهما في بيتها , فجعلت تنتظر خروجها , وغارت غيرة شديدة , فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريته , ودخلت حفصة فقالت : قد رأيت من كان عندك , والله لقد سؤتني , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " والله لأرضينك فإني مسر إليك سرا فاحفظيه " ; قالت : ما هو ؟ قال : " إني أشهدك أن سريتي هذه علي حرام رضا لك " , وكانت حفصة وعائشة تظاهران على نساء النبي صلى الله عليه وسلم , فانطلقت حفصة إلى عائشة , فأسرت إليها أن أبشري إن النبي صلى الله عليه وسلم قد حرم عليه فتاته , فلما أخبرت بسر النبي صلى الله عليه وسلم أظهر الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم , فأنزل الله على رسوله لما تظاهرتا عليه { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك }. .. إلى قوله { وهو العليم الحكيم } . 26661 -حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , قال : ثنا هشام الدستوائي , قال : كتب إلي يحيى يحدث عن يعلى بن حكيم , عن سعيد بن جبير , أن ابن عباس كان يقول : في الحرام يمين تكفرها . وقال ابن عباس : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم جاريته , فقال الله جل ثناؤه : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } . .. إلى قوله { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } فكفر يمينه , فصير الحرام يمينا . 26662 - حدثنا ابن عبد الأعلى , قال : ثنا معتمر , عن أبيه , قال : أنبأنا أبو عثمان أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيت حفصة , فإذا هي ليست ثم , فجاءته فتاته , وألقى عليها سترا , فجاءت حفصة فقعدت على الباب حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته , فقالت : والله لقد سؤتني , جامعتها في بيتي , أو كما قالت ; قال : وحرمها النبي صلى الله عليه وسلم , أو كما قال . 26663 -حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك }. .. الآية , قال : كان حرم فتاته القبطية أم ولده إبراهيم يقال لها مارية في يوم حفصة , وأسر ذلك إليها , فأطلعت عليه عائشة , وكانتا تظاهران على نساء النبي صلى الله عليه وسلم , فأحل الله له ما حرم على نفسه , فأمر أن يكفر عن يمينه , وعوتب في ذلك , فقال : { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم } قال قتادة : وكان الحسن يقول حرمها عليه , فجعل الله فيها كفارة يمين . *- حدثنا ابن عبد الأعلى , قال : ثنا ابن ثور عن معمر , عن قتادة , أن النبي صلى الله عليه وسلم حرمها يعني جاريته , فكانت يمينا. 26664 - حدثنا سعيد بن يحيى , قال : ثنا أبي , قال : ثنا محمد بن إسحاق , عن الزهري , عن عبيد الله بن عبد الله , عن ابن عباس , قال : قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : من المرأتان ؟ قال : عائشة , وحفصة . وكان بدء الحديث في شأن أم إبراهيم القبطية , أصابها النبي صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة في يومها , فوجدته حفصة , فقالت : يا نبي الله لقد جئت إلي شيئا ما جئت إلى أحد من أزواجك بمثله في يومي وفي دوري , وعلى فراشي ; قال : " ألا ترضين أن أحرمها فلا أقربها ؟ " قالت : بلى , فحرمها , وقال : ولا تذكري ذلك لأحد " , فذكرته لعائشة , فأظهره الله عز وجل عليه , فأنزل الله { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك } . .. الآيات كلها , فبلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كفر يمينه , وأصاب جاريته . وقال آخرون : كان ذلك شرابا يشربه , كان يعجبه ذلك . ذكر من قال ذلك : 26665 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا داود , قال : ثنا شعبة , عن قيس بن مسلم , عن عبد الله بن شداد بن الهاد , قال : نزلت هذه الآية في شراب { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك } . * - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا أبو قطن البغدادي عمرو بن الهيثم , قال : ثنا شعبة , عن قيس بن مسلم , عن عبد الله بن شداد مثله . 26666 - قال : ثنا أبو قطن , قال : ثنا يزيد بن إبراهيم , عن ابن أبي مليكة , قال : نزلت في شراب. والصواب من القول في ذلك أن يقال : كان الذي حرمه النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه شيئا كان الله قد أحله له , وجائز أن يكون ذلك كان جاريته , وجائز أن يكون كان شرابا من الأشربة , وجائز أن يكون كان غير ذلك , غير أنه أي ذلك كان , فإنه كان تحريم شيء كان له حلالا , فعاتبه الله على تحريمه على نفسه ما كان له قد أحله , وبين له تحلة يمينه في يمين كان حلف بها مع تحريمه ما حرم على نفسه . فإن قال قائل : وما برهانك على أنه صلى الله عليه وسلم كان حلف مع تحريمه ما حرم , فقد علمت قول من قال : لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك غير التحريم , وأن التحريم هو اليمين ؟ قيل : البرهان على ذلك واضح , وهو أنه لا يعقل في لغة عربية ولا عجمية أن قول القائل لجاريته , أو لطعام أو شراب , هذا علي حرام يمين , فإذا كان ذلك غير معقول , فمعلوم أن اليمين غير قول القائل للشيء الحلال له : هو علي حرام. وإذا كان ذلك كذلك صح ما قلنا , وفسد ما خالفه , وبعد , فجائز أن يكون تحريم النبي صلى الله عليه وسلم ما حرم على نفسه من الحلال الذي كان الله تعالى ذكره , أحله له بيمين , فيكون قوله { لم تحرم ما أحل الله } معنا : لم تحلف على الشيء الذي قد أحله الله أن لا تقربه , فتحرمه على نفسك باليمين . وإنما قلنا : إن النبي صلى الله عليه وسلم حرم ذلك , وحلف مع تحريمه , كما : 26667 - حدثني الحسن بن قزعة , قال : ثنا مسلمة بن علقمة , عن داود بن أبي هند , عن الشعبي , عن مسروق , عن عائشة قالت : آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرم , فأمر في الإيلاء بكفارة , وقيل له في التحريم { لم تحرم ما أحل الله لك } .
أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ
وقوله : { والله غفور رحيم } يقول تعالى ذكره : والله غفور يا محمد لذنوب التائبين من عباده من ذنوبهم , وقد غفر لك تحريمك على نفسك ما أحله الله لك , رحيم بعباده أن يعاقبهم على ما قد تابوا منه من الذنوب بعد التوبة .
المصدر:
http://quran.al-islam.com/Tafseer/Di...ra=66& nAya=1