الصلاة على «سيكل» دراجة!!
--------------------------------------------------------------------------------
عجبي من متأسلمين تعلمهم امرأة المنطق وكيف يشغلون عقولهم، وهذه آفة شعوبنا العربية، بفعل تعودهم على تكميم الأفواه والتلقين والادلجة ومصادرة الآراء التي دأب متأسلمينا على حشو أفكارهم في عقولنا منذ زمن طويل... فلا غرابة أن تكون هذه هي النتيجة، أصبحنا لا نعرف كيف نشغل أمخاخنا.
وسابعة الأثافي انه على الرغم من أننا نظن أننا كذكور ارفع منزلة وذكاء من الإناث، إلا أن كاتبة أنثى تتحدث بمنطق يعجز عنه حتى اعتى شيوخنا.
ترى هل هذه من معجزات آخر الزمان...
يا امة ضحكت من جهلها الأمم...
تجمّع بعض السفهاء عند بيت الشيخ أحمد الغامدي، عندما نشر رأيه حول جواز الاختلاط، وطالبوه بأن يدعهم يختلطوا بأهل بيته، وعندما نشر الكلباني رأيه حول جواز سماع الأغاني والآلات الموسيقية (بحسب ما نشر في «الحياة») سخر منه بعضهم وحاصروه بأسئلة من نوع: هل تسمح لنا بأن نأتيك إلى المسجد الذي تؤمه، ونحضر معنا المعازف؟ فما كان من الشيخ الكلباني سوى أن رد عليهم برد أكثر سخرية فقال: إذا كنت تعتقد أن ركوب السيكل حلال فتعال صلِّ معنا على سيكل في المسجد.
هذا الفهم الكاريكاتوري عند بعض الناس لقضايا الرأي والاجتهاد لا ينطبق فقط على مسائل الاختلاط والغناء، بل هو يشمل جميع أشكال الإباحة في الحياة العامة، فهؤلاء يفهمون أن ما أفعله أنا يجب أن تفعله أنت، وإلا كان واحد منا على خطأ، وكل ما تقوله يلزمني، وكل ما أقوله أنا يلزمك، ولهذا فإن الاختلاف يمثل كارثة بالنسبة إليهم، فهو يعني الضياع والفوضى والهلاك.
هذه الذهنية تعكس في جوهرها رفض الاختلاف الذي هو رحمة للناس بل ومصدر غنى وجمال، ولأن التعدد فيه تهديد لأمن البسطاء والجهلة والذين نخاف أن نعلن لهم أحكام المباحات فيدخلوا علينا المساجد يصلون فيها بالسياكل.
نستطيع أن نفهم لماذا تسخر الغوغاء من تلك الآراء لأنها لم تألفها، لكننا لا نستطيع أن نفهم موقف العلماء الذين يطالبون بالحجر على أصحاب الآراء المختلفة، وقطع ألسنتهم، فلماذا العنف ضد هذه الآراء؟ وإذا كنا نعتقد أنها آراء شاذة وفيها شطط، فقطعاً الناس وبمن فيهم الدهماء سيرفضونها لأنها ستصطدم مع فطرتهم السوية، وسيكونون قادرين على التمييز، والدليل أن فتوى مثل فتوى الشيخ العبيكان بإرضاع الكبير التي استخرجها من بطون الفقه الإسلامي، لم يقبلها الناس واشمأزوا منها، لأنها لم تنسجم مع فطرتهم وأخلاقهم السوية.
الذين يعنّفون من يختلف في الرأي معهم، على رغم علمهم بأن ما قيل ليس ببدعة، يطبقون قاعدة علم للخاصة وعلم للعامة، وهذه قاعدة لم تعد صالحة في عصر العولمة وانتشار المعلومات في ثانية، وبالتالي فإن ما يفيد الناس اليوم هو الشفافية والوضوح، والتصدي للمسؤوليات بأمانة، والملك عبدالله حينما أدخل العمل بالمذاهب المختلفة في هيئة كبار العلماء فإنما كان هذا من أجل احترام هذا التعدد في المذاهب، وتفكيك جمود الفتيا على الرأي الواحد الرافض لغيره، وعلينا اليوم بعد أن تغيّرت مواصفات المجتمعات عما كانت عليه منذ مئات السنين، وودعنا الجهل واحتكار المعارف، أن نربي في الناس احتكامهم للعقل والمنطق الرشيد والآداب العامة، وعلى الشيوخ أن يكونوا وسطاء بين الناس وبين المعرفة واحترام الاختلاف، وكما قال الإمام ابن مالك حين رأى من يجيز الزواج بنية الطلاق قال عنه، لكنه ليس من أخلاق العرب. فالقول بالإباحة لا يعني عدم ربطها بالأخلاق والآداب العامة، فإباحة الغناء لا تعني أن يغني الناس في المساجد وفي مجالس العلم، والذكر، وعلى قارعة الطريق، وإباحة الاختلاط لا تعني دخول الغرباء ومجالسة السفهاء.
وحين يجتهد أحد ويقول رأيه فإنه لا يلزم أحداً ولا يتحمل وزره سوى صاحبه.