الحاجة .. لأن تعود !
حيناً .. يحن في قلبي حنين لحياة مضت وانقضت .. فأجدني أنجرف عنوة نحوها في محاولة يائسة لأن أعيد المياه لمجراها والدنيا لهواها .. ولكن !
لكن … الدقيقة التي تمضي تودعنا نحو القبور !
أسير في نفس الطريق .. نفس المرحلة ونفس المنهج .. أحاول أن أعيد نفس الشعور فلا أستطيع ..
أعود لنفس الكلام الذي كتبته .. أقرؤه .. أعيد كتابته من جديد .. أشق الورقة وأرسلها مرة أخرى ..
أتصفح نفس الوجوه .. نفس الرموز ونفس الأشكال .. نفس الكلام الذي كان يقال .. نفس الأفعال والأعمال .. نفس الجمال ونفس الذي كنت أسعى له من كمال ..
لكن الشعور لم يرجع ..!
حتى المواقع .. نفس المواقع أعود لها .. ونفس الأشخاص أجدني معهم .. لكنهم غرباء في هذه المرة !
كانوا قريبين مني حد الحفظ .. حد النسخة .. حد الصم !
لكن فجأة وبلا معرفة بأسبابي .. ضعتُ عنهم ..
الآن .. أمشي الهوينى في الصحاري .. قفر ولو كانت مليئة بالزرع .. والقلوب شاحبة رمادية ميتة ولو كانت تفيض بالحب .. والناس كلهم سواسية .. كأسنان المشط مني .. قريبهم أبعد ما يكون وبعيدهم لن يقترب !
شدني هذا الهواء .. هذا العالم لأن أقرأ الماضي .. أحتاج لأن أعود لأيامي وسنيني وأعوامي .. أحتاج لأن أكتب كثيراً في الفضاء في السماء وعلى الماء .. لأن أكتب وأنقش في الصخر وفي القلوب وفي الغياب وفي الحروب ..
أحتاج لأن أعود .. لأن أجدد عهدي بذاتي التي ابتعدت عني سنيناً طويلاً .. صرت أجسد شخصاً روتينياً عادياً لا يعرف سوى المشي والنظر في السماء بعيون ملؤها السأم ..
الحاجة لأن تعود .. لنفس الأرواح التي تسبح في ملكوتك وتعرف كلماتك قبل سكوتك .. وتقرأ فيك الجنون قبل العقل والقلب قبل الوجدان .. أن تجترك لأن تقول الشعر وتغني وتطرب به لأن تسلم على الطيور وتصافح المارة بالصفح بالابتسامة بالكلام الصامت .. لأن تنثر عبر العالم ما كنت تتفنن في نثره وتتقن مهارة صنعه ..
أحتاج لأن أجلس مع النفس التي تعرفني وتقرأني وتقرأ فيّ كل الأشياء الجميلة وأضدادها ..
رصاص قلم.. وورقة بيضاء .. أحتاج أن أشخبط عليهما بكلتا يديّ .. وأرسم القلوب المتقطعة والأسهم الموجهة نحو اليسار .. أحتاج للقطرات للقاطرة للذكريات .. أحتاج لأن أضحك وأبكي وأكتب وأصمت لأن أقول وأصرخ ..
أحتاجني .. بين الكلمات !
بين العبرات والعبارات .. بين الأقلام والأبيات .. بين القصيد والمقصود .. بين الشعر والشعور .. بين الحنين لتلك السنين !
ياااااه !
كم أحتاج إلى أن العودة .. ذاتها