بسم الله الرحمن الرحيم
يقول صاحبي دخلت مقهى الإنترنت، وبدأت التصفح حيث إن لي متابعات إخبارية وإعلامية، فوجئت بعد قليل بالجالس بجانبي يتصفح مواقع إباحية، يحملق النظر فيها ولايعبأ بالحاضرين، لم أتمالك نفسي فقمت من فوري وذهبت إلى المسئول وأخبرته فقال أعرف لكنه أستاذ جامعي!! في مقابلة مع بعض الزوجات اشتكت النساء من إهدار أزواجهن الوقت في تصفح الإنترنت ومتابعة المواقع السيئة، تقول إحداهن: عندما ينام الأولاد يذهب زوجي للإنترنت لمتابعة هذه المواقع السيئة، مما أثر على حياتنا الزوجية بصورة ملموسة. في الواقع أنه لا يوجد نظام منع زيارة المواقع الإباحية دقيق في البلدان العربية (مع استثناء بعضها) وبعض البلدان العربية تحجب مواقع سياسية لكنها تترك المواقع الإباحية!! العام الماضي حدث انهيار في شركات الإنترنت حيث تهاوت أسهمها، وأوقفت الكثير من الشركات نشاطها عبر الإنترنت، وبعضها بدأ بوضع رسوم على الدخول لمواقعها أو الاستفادة من خدماتها، ومع ذلك فإن عائد نشاطها ما زال ضعيفًا مما يهدد الكثير من الخدمات على الإنترنت بالشلل. أما المواقع الإباحية فإنها تمثل أكبر قصة نجاح على الإنترنت، وهي بخلاف مواقع التجارة الإلكترونية وكثير من مواقع الخدمات لم تتأثر بالانهيار الذي حدث العام الماضي لهذه المواقع. مركز المكتبة الإلكترونية أحصى 47000موقع للبالغين مما يمثل قرابة 2% من مواقع الإنترنت، بلغ إجمالي أرباحها أكثر من بليون دولار. على الرغم من أن أكثرها صغير، نصفها بلغت أرباحها 20000 دولار في السنة، بعض المواقع يفوق دخله الشهري بضعة ملايين من الدولارات. استخدمت المواقع الإباحية تقنيات جديدة وقدمت خدمات جيدة للزبائن منها استشارات شخصية، وطبية مما زاد من عدد مشتركيها. في بريطانيا هناك قانون صارم صدر عام 1994م يحكم المجلات والصحف الإباحية وكذلك خطوط الاتصالات للبالغين والتي سببت مشكلات للأسر البريطانية هذا القانون وأشباهه أصبح غير ذي قيمة بعد انتشار الإنترنت وتوافر كل الخدمات بدون قوانين أو ضوابط تحكمها. وبالنسبة لخدمات الجوال الجديد 3G سيكون بالإمكان نقل الصور وتصفح الإنترنت وحتى تشغيل فيديو ومواقع الإنترنت الإباحية مستعدة لهذا الحدث بالكامل لأنه مصدر دخل إضافي مضمون لها. المشكلة في بلد مثل بريطانيا حيث 20% من أجهزة الجوال بين الأطفال مما يمثل خطورة في اطلاعهم على مواد إباحية. كل ممنوع مرغوب، هذا ما بينته دراسة في بريطانيا العام الماضي حيث تبين أن 90% من الأطفال (11 ـ 16 سنة) شاهدوا مواقع إباحية على الإنترنت. ورغم الاشتراطات الحكومية في أمريكا وبريطانيا لدخول المواقع الإباحية مثل التوقيع وأن يكون فوق 18 أو 21 سنة، إلا أن ذلك لم يمنع الصغار من الدخول، بل إن هذه المواقع تفرض على الأطفال أحيانًا من خلال استخدام مسميات معروفة مثل ديزني أو بربي. في ألمانيا تلزم القوانين هذه المواقع بعرض موادهم بين 11 مساءً و6 صباحًا لمنع الأطفال من التعرض لها، وتكون المساءلة القانونية على مزودي خدمات الإنترنت للتأكد من التزام أصحاب المواقع بالقانون. في أمريكا حيث مهد الدعارة وإعلام الفسق، أظهرت الدراسات أن 10.000 مليون دولار تنفق على الإعلام في جانب الدعارة منه نسبة لا بأس بها حاليًا تنفق على مواقع الإنترنت الإباحية. قبل بضعة أسابيع فشل مشروع حكومي في أمريكا للرقابة على المواقع واصطدم بمجموعات الحرية والتي رأت فيه تقييدًا على الحريات فكان الاتفاق فقط على منع استغلال الأطفال في مواقع الإنترنت الإباحية (والاكتفاء بالبالغين فقط!!). أخيرًا فإن اعتماد الرقابة الذاتية لا يكفي فلا ينطبق «ألقاه في اليم مكتوفا وقال له * * * إياك إياك أن تبتل بالماء».
فلا بد من الضوابط والموانع والقوانين الرادعة مع الجانب الأخلاقي والمسؤولية الذاتية تجاه الخالق أولاً ثم تجاه المجتمع ثانيًا وألا يكون الأمر هدرًا ماليًا وضياعًا أخلاقيًا ودمارًا بشريًا وعند ذلك أسأل عن المسئول...