السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على حبيبنا محمد و على آله و صحبه
أجمعين.
قال ابن القيم رحمه الله (ومفتاح حياة القلب: تدبر القرآن والتضرع بالأسحار وترك الذنوب.(1)
قال الله تعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ [ص: 29].
فأخبر تعالى أنه أنزل هذا القرآن العظيم المبارك في ألفاظه ومعانيه وأوامره ونواهيه وأحكامه.
فمن بركته أن من قرأ حرفا منه فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها كما في الحديث الذي رواه
الترمذي
وقال حديث حسن صحيح. ومن بركته أن مَنْ قرأه وعمل به لا يضل في الدنيا ولا يشقى في
الآخرة كما قال بن عباس في تفسير قول الله تعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى)(2)
ومن بركته أن مَن تعلمه وعلمه فهو من خير الناس كما في الحديث الذي رواه البخاري «خيركم
من تعلم القرآن وعلمه». ومن بركته أنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه الذين كانوا يعملون به
في الدنيا كما في الحديثين الذين رواهما مسلم في صحيحه (3).
وأخبر تعالى أنه أنزل القرآن من أجل التدبر وهو التفكر في معانيه وأوامره ونواهيه بحيث إذا مرّ بآية يأمر الله فيها بأمر امتثله. وإذا مرّ بآية ينهاه الله فيها عن شيء انتهى عنه وتركه. وإذا مرّ بآية رحمة رجا رحمته وسأله من فضله وإذا مرّ بآية وعيد بالعذاب خاف من عذاب ربه واستعاذ بالله منه. وإذا مرّ بآية تسبيح سبح الله وبذلك يزيد الإيمان والعلم والهدى والتقى ,قال الشاعر:
فتدبر القرآن إن رمت الهدى فالعلم تحت تدبر القرآن
وقال الله تعالى في وصف المؤمنين: وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا [الأنفال: 2] لما فيها
من الوعد والوعيد الباعث على الخوف والرجاء.
وقال تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد: 24].
ومن أسباب حياة القلب التضرع بالأسحار أي الرغبة إلى الله تعالى بالدعاء والاستغفار والتوبة
وسؤال المغفرة والفوز بالجنة والنجاة من النار وقت النزول الإلهي آخر الليل كما في الحديث
الصحيح «ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني
فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» (رواه البخاري ومسلم) ففيه
الترغيب والحث على القيام آخر الليل للصلاة والدعاء والاستغفار وسؤال الجنة والنجاة من النار
والدعاء بصلاح الدنيا والآخرة فإن الله تعالى أمر بالدعاء ووعد عليه بالإجابة وهو سبحانه لا
يخلف الميعاد ومن أوقات الإجابة آخر الليل وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
ومن أسباب حياة القلب ترك الذنوب التي تميت القلب وفي الحديث «أن العبد إذا أذنب ذنبا
كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب واستغفر صقل قلبه وإن عاد إلى الذنب عاد السواد حتي
يسود قلبه» فذلك الران الذى قال الله تعالى: [كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُون
[المطففين:
14]. أخرجه النسائي والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
وقال الشاعر:
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها
http://akhawat.islamway.com/forum/index.ph...mp;f=2#_ftnref1([1]) انظر حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم ص45.
http://akhawat.islamway.com/forum/index.ph...mp;f=2#_ftnref2([2]) انظر تفسير ابن كثير3. الآية 123. من سورة طه.
http://akhawat.islamway.com/forum/index.ph...mp;f=2#_ftnref3([3]) انظر فضل قراءة القرآن في رياض الصالحين ص305.
المصدر:كتاب أمراض القلوب و شفاؤها
الشيخ عبد الله بن جار الله الجار الله