اخى المبدع .. احمى موهبتك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان الموهبة .. هبة من الله سبحانه وتعالى , ولكن المحافظة على هذه الموهبة وصيانتها من
صنع الانسان ... فقد سئل الموسبقار الكبير محمد عبد الوهاب فى برنامج اذاعى عن سر تطوره
الدائم , وانتقال الاعجاب به من جيل الى جيل حتى لقب بموسيقار الاجيال .. فكان رده :
"ان السر الاكبر هو شعورى الدائم بعدم الرضا عن نفسى , فانا كفنان لا اقدم للناس لحنا
الا اذا كنت راضيا عنه , ولكن .. يحدث بين وقت وآخر ان اضع لحنا اظن فى لحظتها اننى
( جبت الديب من ديله ) . ثم يفاجئنى صديق اثق فى محبته وصدقه وامانته بان ( يدلق على
راسى جردل مياه ) يجعلنى استرد من جديد حالة عدم الرضا هذه . فاحاول فى المرة الثانية
ان اكون احسن وافضل .
لقد فطن عبدالوهاب بذكائه الفطرى ان الفن والابداع ذاتى .. بينما العلم موضوعى , فالمبدع
بطبعه عنده كلمة ( انا ) قبل ( نحن ) , والفرق بين المبدع الذكى والآخر الغبى هو ان
الاخير يعيش دائما داخل كلمة أنا . بينما الاول يحرص باستمرار على الخروج من ذاتيته
ليتعلم ميزة النظر الى نفسه بعيون الآخرين .. بمن فيهم من ينتقدونه . ولو لم يكن
عبدالوهاب عنده هذا الذكاء الاجتماعى لما اصبح عبدالوهاب الذى نعرفه . فنان ومبدع بمثل
حجمه لا يجد اى غضاضة فى ان يتعلم .. ولم يسمح للغرور ان يسيطر عليه , ولا للشهرة
والاضواء ان تعمى بصره . لكنه فى الفن والابداع يتعلم الانسان ان العبرة ليست فقط فيما
تحقق .. ولكن فيما يمكن ان تحققه موهبته فى المستقبل بان يحميها بالعلم والتعلم ,
بالواقعية والاحلام , بمنافسة الافضل لا الاسوأ , بالتواضع وليس بالتكبر , والعطاء قبل الاخذ.
والاصرار دائما على انه بعد الحسن هناك الاحسن . واخيرا بان ينظر لاعماله بعيون الآخرين
الذين يثق فى امانتهم واخلاصهم .