samy khashaba عضو ماسى
17/5/2009 : 23/09/2009 العمر : 56 الموقع : اسكندرية
| موضوع: فيه مصرين.. مش مصر واحدة السبت أكتوبر 30 2010, 14:15 | |
| فيه مصرين.. مش مصر واحدة
٣٠/ ١٠/ ٢٠١٠ |
بعد أيام قليلة يستعيد العالم كله الحديث عن سقوط سور برلين بعد ٢١ عاما من توحيد الألمانيتين فى ٩ نوفمير ١٩٨٩، وبالمناسبة انتهيت قبل أيام من قراءة رواية «فى الجزء الأصغر من شارع الشمس» للأديب الألمانى توماس بروسيج وكانت قد صدرت عام ١٩٩٩، وترجمتها للعربية ببراعة وحب د. هبة شريف التى عايشت لفترة حياة الألمان فى الجزء الشرقى قبل سقوط سور برلين بشهور قليلة، جذبتنى هذه الرواية لأنها لم تتناول تلك المرحلة من خلال النقد الأيدلويوجى والسياسى الصارخ، بل عن طريق استرجاع ذكريات بعض الشباب من طلبة المدرسة الثانوية الذين يسكنون فى الجزء الصغير من شارع الشمس، وهو شارع بطول ٥ كيلومترات يقع معظمه فى القسم الغربى من برلين، و٦٠ مترا فقط منه فى الجزء الشرقى، وفى تلك الـ٦٠ مترا كان الشباب يتطلعون إلى حياة جديدة من خلال رحلة مضنية لمحاولة اقتناء اسطوانة موسيقية لفريق رولنج ستون، أو حلم امتطاء دراجة بخارية ماركة « أفوا»، أو التهام قالب شيكولاتة وكيس من الحلوى، أو حرية السفر للخارج وتعلم لغة أجنبية، بل مجرد الحصول على قميص مختلف عن الموديل الموحد المفروض على الجميع، وهو ماذكرته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فى حديث نشر العام الماضى وقالت فيه: «خلال فترة المراهقة اصطدمت بواقع الحدود، وأتذكر مرة أننى كنت أريد شراء بلوزة صفراء لكنها لم تكن متوفرة، وقالت لى إحدى أقاربى من غرب ألمانيا إنه لا يوجد هناك أيضا بلوزة صفراء لأن هذا اللون لم يكن موضة، لكننى لم أصدق ذلك، لأنى كنت أعتقد أن فى ألمانيا الغربية يوجد دائما كل شىء» وحكت ميركل بعض الذكريات التى تبدو امتدادا لحياة أبطال الرواية فى السبعينيات، فقد قالت إن أقاربها فى هامبورج كانوا بمثابة الجسر الذى يوفر لها بعض الرفاهية المطلوبة، والتى تتمثل فى قلم حبر ذى ماركة عالمية أو كراسات جميلة أو مقلمة مميزة، وكلها كانت حوادث مثيرة، تستحق التفاخر ولكن داخل البيت وبين الأصدقاء فقط. «إذا عرفت أن هناك أملا ذات يوم لن تشعر بالحزن» من الجمل المؤثرة فى رواية «فى الجزء الأصغر من شارع الشمس» فالأمل وترقب بزوغ يوم جديد ينهار فيه هذا السور هو ما أبعد هؤلاء الشباب عن الإحساس بالشقاء. طوال قراءتى للرواية وأنا أقارن حياة هؤلاء الطلبة قبل انهيار السور بحياتنا فى مصر، وشعرت بوطأة ذلك السور الذى يقسم البلد، بين فئة قليلة يمكنها أن تصنع حياتها كما تريد، وتمشى فى الشوارع مختالة لأنها تمتلك «ظهرا» يحميها (مال، سلطة، واسطة) وبين جموع بائسة تمشى «جنب الحيطة» وربما داخلها، ولا تملك حتى الحلم بأن تعيش حياتها، بل تعيش مايفرضه عليها القادرون، حتى إنهم يتعلمون ويلبسون ويأكلون مايقرره لهم بناة السور، فهل نقدر على هدم ذلك السور البغيض الذى قسم مصر إلى بلدين مختلفين ومتباعدين؟.. هل سنصمد أمام هذا الانقسام وألا نتنازل عن ذكرياتنا فهى تعيننا على استكمال حياة لتستبدل بأخرى أفضل؟ أتمنى أن يحدث ذلك قريبا قبل أن يتحول الاختلاف إلى كراهية وصراع وعداء بين الطرفين، وكما تقول إحدى شخصيات الرواية لابد أن نفعل شيئا ما، لأن كل شىء سيستمر للأبد إذا لم يقم أحدنا بمبادرة ما. |
| |
|