.
الاندلس هو الاسم
الذي أطلقه المسلمون على شبه
جزيرة أيبيريا عام 711م.
بعد أن دخلها المسلمون بقيادة طارق
بن زياد وضمّوها للخلافة الأموية
واستمر وجود المسلمين فيها حتى سقوط مملكة غرناطة عام 1492.
دب الضعف والوهن فى أوصال الدولة الإسلامية فى الأندلس، وراح القشتاليون يتربصون
بها، ولم يكد ينتصف القرن السابع الهجرى حتى كانت ولاية الأندلس الشرقية والوسطى فى
قبضة القشتاليين، فسقطت قرطبة، وبلنسية، وإشبيلية، وبطليوس، ولم يبق من دولة
الإسلام سوى بضع ولايات صغيرة فى الطرف الجنوبى من الأندلس، قامت فيها مملكة صغيرة
عُرفت بمملكة غرناطة، التى قُدّر لها أن تحمل راية الإسلام لأكثر من قرنين حتى انقض
عليها الملك فرديناند الخامس والملكة إيزابيلا وحاصرا بقواتهما غرناطة فى ٣٠ أبريل
١٤٩١ حصارا شديدا، دام لتسعة أشهر وقطعا أى اتصال لها بالخارج، وحالا بينها وبين أى
إمدادات من المغرب الأقصى، وعانى أهالى غرناطة كثيرا جراء الحصار،
وقامت القوات الإسبانية بتحطيم وحرق الحقول المجاورة للمدينة، ما تسبب فى مجاعة
رهيبة بين سكان غرناطة، فصمدت إلى حين، وحاول الفرسان المسلمون أن يدفعوا هجمة
القشتاليين الشرسة لكن ذلك لم يغن من الأمر شيئا، فالأحوال تزداد سوءا، وانقطع
الأمل فى النجدة وظهرت أصوات بعض القادة تنصح بضرورة التسليم؛ حفاظا على الأرواح،
وكان «أبو عبدالله محمد»، سلطان غرناطة، وبعض وزرائه يتزعمون هذه الدعوة، وضاع فى
زحام تلك الدعوة المتخاذلة كل صوت يستصرخ البطولة ويعظّم قيمة التضحية، فاتفق
القائمون على غرناطة على اختيار الوزير أبى القاسم عبد الملك للقيام بمهمة التفاوض
مع الملكين، واستمرت المفاوضات لأسابيع وانتهى الفريقان إلى وضع معاهدة للتسليم،
ووافق عليها الملكان فى ٢٥ نوفمبر ١٤٩١، وكانت المفاوضات تجرى فى سرية تفاديا لثورة
أهالى غرناطة،
وما كادت تذاع أنباء الموافقة على تسليم غرناطة حتى عمّ الحزن والغضب بين الناس
وسرت بينهم الدعوة إلى الدفاع عن المدينة، وخشى السلطان من تفاقم الأحوال وإفلات
الأمر من بين يديه، فاتفق السلطان مع ملك قشتالة على تسليم المدينة قبل الموعد
المحدد وتم تسليمها فى مثل هذا اليوم ٢ يناير ١٤٩٢ ليدخل الجيش القشتالى المدينة،
ويتجه إلى قصر الحمراء، ويرفع فوق برج القصر الأعلى الصليب الفضى الكبير الذى كان
يحمله الملك «فرديناند» خلال المعارك مع غرناطة، وأعلن المنادى بصوت قوى من فوق
البرج أنّ غرناطة أصبحت تابعة للملكين الكاثوليكيين. وباستيلاء القشتاليين على
غرناطة طُويت آخر صفحة من تاريخ دولة المسلمين فى الأندلس.
مرحلة
ما قبل فتح الأندلسحقّق المسلمون تقدّماً واسعاً في شمال أفريقيا، ووصلوا إلى المغرب الأقصى (يقابل
ما يُعرف اليوم بالمملكة المغربية) المواجه لشبه جزيرة أيبيريا. وذلك في عهد الوليد
بن عبد الملك (86-96هـ). ثم استُبدلَ حسّان بن النعمان، والي أفريقيا، عام (85هـ)،
بموسى بن نصير الذي توجّه من مصر إلى القيروان مصطحباً أولاده الأربعة الذين كانت
لهم أدوار مهمة في التوسعات.
شرعَ بمعالجة نقاط الضعف التي واجهت المسلمين هناك، فقرّر العمل على تقوية
البحرية الإسلامية، وجعل القيروان قاعدة حصينة في قلب أفريقيا، واعتمد سياسة معتدلة
ومنفتحة تجاه البربر مما حوّل معظمهم إلى حلفاء له، بل دخلوا في الإسلام وأصبحوا
فيما بعد عمادَ سقوط اسبانيا في يد المسلمين، واستكمل التوسع في شمال أفريقيا
وتأمين المنطقة درءاً لتمرّدٍ قد ينشأ ضد السيادة الإسلامية.
وفي إحدى الحملات التي قادها أبو الورد بنفسه، استولى المسلمون على طنجة ذات
الموقع المهم بين القارتين الأوروبية والأفريقية عام (89هـ/ 708م)، وحوّلها موسى بن
نصير إلى مركز عسكري لتموين الحملات باتجاه المناطق المجاورة. وفي هذه الحملة برز
أبو الدنين.
لكنّ مدينة سبتة عصت على تلك الفتوحات، حيث استطاع حاكمها الوالي البيزنطي
يوليان الصمود بوجه المسلمين. لكنه فيما بعد لعبَ دوراً أساسياً في تشجيعهم
ومساعدتهم على عبور المضيق إلى الأندلس.
[عدل]
الفتح
الإسلامى مقال تفصيلي :الفتح
الإسلامي للأندلسفي عهد الدرنات بين عامى (92 - 93 هـ) في الخلافة الأموية وفي عام
711 م أرسل
موسى
بن نصير القائد الشاب
طارق
بن زياد من
طنجة مع
جيش صغير من البربر والعرب يوم
30 أبريل 711، عبر
المضيق الذي سمي على اسمه، ثم استطاع الإنتصار على القوط الغربيين وقتل ملكهم
لذريق (Roderic or Rodrigo) في
معركة
جواداليتي في
19 يوليو 711.أو معركة وادى برباط في 28 رمضان 92هجرى
وظلت الأندلس بعد ذلك خاضعة للخلافة الأموية كإحدى الولايات الرئيسة، إلى أن
سقطت الخلافة الأموية سنة (132هـ)، واتجه العباسيون إلى استئصال الأمويين. وتمكن
عبد الرحمن بن معاوية -عبد الرحمن الداخل- أن يفلت من قبضة العباسيين، فهرب إلى
أخواله في الشمال الإفريقي، وأقام عندهم فترة من الزمن، ثم فكر في دخول الأندلس
ليبتعد عن العباسيين، فراسل الأمويين في الأندلس.
بحلول عام
718 استولى
المسلمون على معظم أيبيريا عدا جيباً صغيراً في الركن الشمالي الغربي حيث أسس
النبيل القوطي
بيلايو مملكة
أستورياس في العام نفسه 718. واستطاع بيلايو الدفاع عن مملكته في وجه المسلمين
في
معركة
كوفادونجا عام 722.واستمر موسى ابن النصير في محاولاته لفتح الاندلس
[]
التوسع
الإسلاميواصل المسلمون التوسع بعد السيطرة على معظم أيبيريا لينتقلوا شمالاً عبر
جبال
البرنييه حتى وصلوا وسط
فرنسا وغرب
سويسرا. هـُزم الجيش
الإسلامي في
معركة
بلاط الشهداء (بواتييه) عام
732 أمام قائد الفرنجة
شارل
مارتل. محاولة السيطرة على البرتغال: أرسل القائد موسى بن نصير إلى إبنه عبد
العزيز ليستكمل الغزوات في غرب الأندلس حتى وصل إلى
لشبونة[]
خلافة
قرطبةتشمل هذة الفترة قيام
الدولة
الأموية في الأندلس مما بين دخول عبد الرحمن الداخل قادماً من
دمشق إلى شمال أفريقيا ثم الأندلس 136
هجرية حتى آخر خليفة أموي في الأندلس وهو
هشام
الثالث المعتد بالله سنة 416 هجرية وازدهار عصر
الدولة
الأموية في الاندلس.
وأسس
الأمويون حضارة إسلامية قوية في مدن الأندلس المختلفة. وهي أطول وأهم الفترات التي استقر
فيها المسلمون في الأندلس
الدولة
الأموية ونقلوا إليها الحضارة الأدب والفن والعمارة الإسلامية، واثار الأمويون
هي الطابع الغالب على الأندلس بأكملها ومن روائع ما خلفه الأمويون
مسجد
قرطبة. وقد كان ل
عبد
الرحمن الداخل جهود حضارية متميزة فقد جمل
مدينة
قرطبة وأحاطها بأسوار عالية وشيد بها المباني الفخمة والحمامات على شاكلة
الحمامات في
دمشق والمدن
الإسلامية والمدارس والمنتديات والمكتبات.
وكان الطراز
الأموي هو ابرز سمات الفن
الاندلسي وبرع الأمويون في شتى
الفنون فن النحت
على الخشب والزخرفة والنسيج والتحف المعدنية والنحاسية التي نقلوا صناعتها من
دمشق حيث أصبحت مدن الاندلس
منارة للعلم والحضارة وكانت قرطبة تنار بالمصابيح ليلا لمسافة 16 كم واحاط
الخلفاء
الأمويون مدن الاندلس بالحدائق الغناء فكانت قبلة للناظرين وما تركوه وخلفوه
لنا من اثار ينطق بالعظمة والجلال.
حكام الأندلس الأمويين هم بالترتيب :
- عبد الرحمن الداخل الملقب (صقر قريش) - حتى عام 172 هجرية
- هشام الأول بن عبد الرحمن - من عام 172 إلى عام 180 هجرية
- الحكم بن هشام - من عام 180 إلى عام 206 هجرية
- عبد الرحمن الأوسط بن هشام - من عام 206 إلى عام 238 هجرية
- محمد بن عبد الرحمن - من عام 238 إلى عام 273 هجرية
- المنذر بن محمد - من عام 238 إلى عام 275 هجرية
- عبد الله بن محمد - من عام 275 إلى عام 300 هجرية
- عبد الرحمن الثالث الناصر - من عام 300 إلى عام 350 هجرية
- الحكم بن عبد الرحمن - من عام 350 إلى عام 366 هجرية
- هشام الثاني بن الحكم - من عام 366 إلى عام 399
بدأ عصر ملوك الطوائف بالأندلس عام (422هـ) عندما أعلن الوزير أبو الحزم بن جهور
سقوط الدولة الأموية بالأندلس، وكان هذا الإعلان بمثابة إشارة البدء لكل أمير من
أمراء الأندلس ليتجه كل واحد منهم إلى بناء دويلة صغيرة على أملاكه ومقاطعاته،
ويؤسس أسرة حاكمة من أهله وذويه، وبلغت هذه الأسر الحاكمة أكثر من عشرين أسرة
أهمها:
- دولة بن عباد بإشبيلية (414هـ - 484هـ).
- بنو جهور في قرطبة (422هـ - 449هـ).
- بنى حمود بمالقة (407هـ - 449هـ).
- بنى زيرى بغرناطة (403هـ - 483هـ).
- بنى هود بسرقسطة (410هـ - 536هـ).
- بنى رزين بالسهلة (402هـ - 497هـ).
- بنى ذى النون بطليطلة (400هـ - 478هـ).
بسبب ضعف دول الطوائف عن الدفاع عن التراب الاندلسي ضد الهجوم الأسباني وسقوط
طليطلة في
ايدي الأسبان, طلب الاندلسيون المعونة من قائد المرابطين في
المغرب الامير
يوسف
بن تاشفين ان يهب لمساعدة الاندلس وانتهت مساعدته بهزيمة كاسحة للاسبان في
موقعة
الزلاقة واستعادة بعض المدن لكنه فشل في استعادة طليطلة والقضاء على
ملوك
الطوائف وأصبحت الأندلس تابعة لدولة
المرابطين في الاندلس
الذين دافعو عن الاندلس ضد الأسبان في عدة مواقع الا انهم فشلو في الدفاع عن سرقسطة
بقيام الثورة في المغرب بقيادة
الموحدين وانهيار دولة
المرابطون تحولت
تبعية الاندلس إلى
الموحدين الذين حملو راية الدفاع عن الاندلس في عدة مواقع اشهرها معركة
الارك ولكن جيوش
الموحدين ما لبث ان هزمت في موقعة
العقاب على الرغم من ضخامتها وكبرها مما تسبب في انهيار دولة
الموحدين نهائيا و مع انهيار الحكم الموحدي في الاندلس بدءت مرحلة جدية من الانهيار في
الاندلس
[]
سقوط
الأندلس خروج الملك
أبو
عبد الله محمد الثاني عشر لتسليم مفاتيح الحمراء إلى ملكي قشتالة وأرغون. لوحة
لفرنثيسكو
براديا،
القرن 19في عام
1492 سقطت
غرناطة بعد
حصارها من قبل قوات
الملوك
الكاثوليك.
موقف
سلاطين بني مرينكان مسلمو
الأندلس كلما اشتد
بهم الأمر استنجدوا بملوك
المغرب، لا سيما ملوك
بني مرين الذين
ساروا على نهج
المرابطين،
والموحدين الذين كانوا ينهضون للتدخل لحماية الأندلس كلما ضاق الأمر بأهلها.
فالسلطان المريني
أبو
يوسف المنصور (
815 هـ/
1286م) مثلا، عبر إلى الأندلس أربع مرات لإغاثة أهلها. ووصلت
جيوشه إلى
طليطلة،
وقرطبة. بل إلى
مدريد وهي قريبة من آخر معقل وصل
إليه الإسلام في الأندلس. فساهم بذلك في إنقاذ غرناطة من الانهيار السريع أمام
ضربات ملوك
قشتالة وأرغون.
لكن رغم الجهود التي بذلها
بنو مرين لحماية
الأندلس، فإنهم لم يتمكنوا من تحقيق انتصارات ساحـقة، كتلك التي حققها المرابطون في
معركة
الزلاقة، والموحدون في
معركة
الأرك. والسبب في ذلك يرجع إلى أن المرينيين كانوا يقاتلون بإمكانياتهم الذاتية
فقط، بينما كان
المرابطون والموحدون يقاتلون بإمكانيات المغرب العربي كله.
ومهما يكن من أمر، فإن بني مرين ساهموا في دور فعال في حماية الأندلس قبل أن
يدخلوا في دوامة من الفوضى والاضطراب، والحروب الداخلية ضد منافسيهم من جهة، وضد
جيرانهم من جهة ثانية. بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية المزرية التي كان يمر بها
المغرب في هذه الفترة من تاريخه على وجه الخصوص، والتي حالت دون تمكن المرينين، أو
الوطاسيين من إنقاذ الأندلس، بل جعلتهم عاجزين حتى عن حماية سواحلهم من الاحتلال الإسباني
والبرتغالي.
يقول المؤرخ الرحالة المصري
عبد
الباسط بن خليل الحنفي الذي زار شمال إفريقيا في مطلع
القرن
السادس عشر، وعاين أوضاع المغرب في هذه الفترة :«
...ووقع بفاس وأعمالها خطوب، وحروب، وفتن، وأهوال،
وفساد عظيم، وخراب بلاد، وهلاك عباد. وأخذت الفرنج في تلك الفترات عدة مدن من منابر
العـدوة. مثل طنجة،
وأصيلا وغير ذلك.. ولا زالت الفتن والشرور قائمة مستصحبة بتلك البلاد مدة سنين، بل
إلى يومنا هذا...»
ومنذ أن كانت الحواضر الأندلسية تتهاوى أمام ضربات الإسبان ورسائل الاستغاثة
تتوالى من أهل الأندلس على ملوك المغرب، لكن هؤلاء كانوا أعجز من أن يقوموا بتقديم
عون جدي لمسلمي الأندلس.
يقول المؤرخ الأندلسي المجهول الذي عاصر مأساة غرناطة :«
...إن إخواننا المسلمين من أهل عدوة المغرب بعثنا إليهم، فلم
يأتنا أحد منهم، ولا عرج على نصرتنا وإغاثتنا، وعدونا قد بنى علينا وسكن، وهو يزداد
قوة، ونحن نزداد ضعفا، والمدد يأتيه من بلاده، ونحن لا مـدد لـنا...»
[]
موقف
السلاطين الحفصيينوكما كان أهل الأندلس يستغيثون بملوك المغرب، فإنهم كانوا يلجئون إلى ملوك بني
حفص. خصوصا عندما لا يجدون من ملوك المغرب أذانا صاغية. فمن ذلك أنه عندما سقطت
بلنسية، أرسل أهلها إلى أبي زكريا الحفصي يستمدون منه النجدة والمدد. وجعلوا على
رأس بعثتهم شاعرهم ابن الأبَّار القُضاعي الذي ألقى بين يديه قصيدته الشهيرة التي
مطلعها :
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا إن السبيل إلى منجاتها قد درسا
ولم تكن بلنسية وحدها هي التي بايعت أبا زكريا الحفصي، وطلبت منه المدد. بل قد
بايعه كذلك أهل إشبيلية، وأهل المريَّـة. إلا أن موقف أبي زكريا الحفصي من استنجاد
أهل الأندلس لم يكن يتناسب مع خطورة الوضع. ذلك لأنه لم يكن يملك القوة الكافية
التي تمكنه من إنقاذ الأندلس التي كانت ظروفها تقتضي اقتحام الحفصيين للأندلس،
والقضاء على رؤوس الفتنة من ملوك الطوائف. وهو ما لم يكن يقدر عليه أبو زكريا
الحفصي. ولذلك اكتفى بإرسال أسطول مشحون بالطعام والسلاح والمال. لكن هذا المدد لم
يصل إلى المحصورين في بلنسية. كما أرسل بمدد آخر أثناء حصار إشبيلية، لكن المدد
استولى عليه العدو، كما استولى على إشبيلية فيما بعد.
وأثناء حصار غرناطة، أو بعد سقوطها لم نجد فيما رجعنا إليه من المصادر ما يدل
على أن أهل الأندلس استغاثوا بأمراء بني حفص. ولعل ذلك راجع إلى أن الدولة الحفصية
كانت تعيش أخرىات أيامـها، ولم يكن بمقدور أمرائها أن يقدموا أي جهد جدي لدعم مسلمي
الأندلس.
خصوصا إذا علمنا أن سواحل تونس نفسها لم تنج من الاحتلال الإسباني. أضف إلى ذلك
أن الجيش الحفصي الذي كان ذات يوم يعتبر من أفضل جيوش شمال إفريقيا، قد تحلل وأصبح
عاجزا عن مقاومة أي عدو. بل فقد سيطرته حتى على الأعراب الذين كانوا يعيثون فسادا
في البوادي، وأطراف المدن، الأمر الذي جعل الملوك الحفصيين يستعينون بالمرتزقة من
الجنود الإيطاليين والإسبان والزنوج وغيرهم.
[]
موقف
ملوك الدولة الزيانيةلم تكن أحداث الأندلس بعيدة عن اهتمامات ملوك بني زيان. ذلك لأن أهل الأندلس
كانوا يلجئون إلى الزيانيين مستنجدين بهم عندما تضيق بهم السبل. فمن ذلك أنه عندما
ضيق الإسبان الخناق على غرناطة أستصرخ ملكها أبو عبد الله بأبي حمو الزياني، بقصيدة
من نظم الشيخ الفقيه أبي البركات محمد بن أبي إبراهيم البلفيقي مطلعها :
هل من مجيب دعوة المستنجد أم من مجير للغريب المفرد
وبرسالة من إنشاء الوزير لسان ابن الخطيب يذكر فيها أنهم :"... لم يعانوا منذ أن
فتحت الأندلس شـدة، وضيقا أشدّ مما هم عليه الآن. وذكر بأن ملك النصارى جمع لهم
جيوشا من سائر الأمم النصرانية. وأنهم قاموا بإحراق الزروع. والمسلمون ليس لهم مغيث
يلجأون إليه – بعد الله – سوى إخوانهم في الدين. وذكر بأنهم كانوا قد أعلموا
المرينيين بهذا الخطر، وأنهم يقومون بما يقدرون عليه من دعم ومساندة. وأنهم لا
يملكون غير أنفسهم، وقد بذلوها في سبيل الله. وهم ينتظرون نجدتكم ". فقام أبو حمو
الزياني بإرسال الأحمال العديدة من الذهب والفضة، والخيل، والطعام. وبفضل هذا المدد
أمكن لأهل غرناطة أن يثبتوا للدفاع عن مدينتهم فترة أطول.
وكما كانت أوضاع الحفصيين، والمرينيين، ثم الوطاسيين لا تؤهلهم للدفاع عن
بلادهم، فضلا عن إنقاذ الأندلس، كانت المملكة الزيانية تعيش نفس الظروف المتدهورة.
ولذلك تعذر على ملوكها تقديم أي دعم جدي لأهل غرناطة أو غيرها. وسوف يتبين لنا
لاحقا أن المملكة الزيانية كانت أضعف من أن تساهم في إنقاذ الأندلس.
[]
موقف
سلاطين دولة المماليك في مصرفي أواخر القرن الخامس عشر، أرسل مسلمو غرناطة إلى الملك الأشرف قايتباي
(1468-1496) سلطان المماليك بمصر، يرجونه التدخل لإنقاذهم من ظلم ملوك المسيحيين.
فاكتفى الأشرف بإرسال وفود إلى البابا، وإلى ملوك أوروبا يذكرهم بأن المسيحيين في
دولته يتمتعون بكافة الحريات، بينما إخوته في الدين في مدن إسبانيا يتعرضون لشتى
ألوان الاضطهاد. وهدد على لسان مبعوثيه بأنه سوف يتبع سياسة المعاملة بالمثــل، وهي
التنكيل بالمسيحيين إذا لم يكفَّ ملوك إسبانيا عن اضطهاد المسـلمين. وطالب بعدم
التعرض لهم، ورد ما أُخِذ من أراضيهم.
لكن الملك فرديناندو، والملكة إيزابيلا لم يريا في مطالب سلطان المماليك وتهديده
ما يحملهما على تغيير خطتهما في الوقت الذي كانت فيه قواعد الأندلس تسقط تباعا في
أيديهما. إلا أنهما بعثا إليه رسالة مجاملة ذكرا فيها : " أنهما لا يفرقان في
المعاملة بين رعاياهما المسلمين، والنصارى. ولكنهما لا يستطيعان صبرا على ترك أرض
الآباء والأجداد في يد الأجانب. وأن المسلمين إذا شاءوا الحياة في ظل حكمهما راضين
مخلصين، فإنهم سوف يلقون منهما نفس ما يلقاه الرعايا الآخرون من الرعاية..".
لم يتمكن الباحثون من معرفة مصير هذه الرسالة، كما أنه لا يلاحظ في سياسة مصر
المملوكية نحو الرعايا المسيحيين في مصر، أو في القدس ما يدل على أن السلطان
المملوكي قد نفذ تهديده.
ويبدو أن السلطان قايتباي لم يتمكن من إغاثة مسلمي الأندلس بسبب انشغاله بتحركات
بايزيد ورد غاراته المتكررة على الحدود الشمالية. بالإضافة إلى الاضطرابات الداخلية
التي كانت تثور هنا وهناك. ومن ثم فإن الجهود المصرية وقفت عند الاكتفاء بالجهود
الديبلوماسية. وتركت الأندلس تواجه قدرها بنفسها.
كرر الأندلسيون استغاثتهم بالملك الأشرف قانصو الغوري (1501-1516) سلطان مماليك
مصر والشام. داعين إياه أن يتوسط لدى الملكين الكاثوليكيين (فرديناندو وإيزابيلا)
لاحترام معاهد الاستســلام، ووقف أعمال الاضطهاد ضدهم. فأرسل الغوري وفدا إلى
الملكين يبين لهما أنه سوف يجبر النصارى المقيمين في بلاده على الدخول في الإسلام،
إذا لم تراع الاتفاقات السابقة بينهما وبين المسلمين. لكن فقهاء المسلمين عارضوا
معاملة الرعايا المسيحيين بالمثل، محتجين بأن الإسلام لا يكره أحدا على الدخول فيه)
فأرسل إليه الملكان سفيرا أقنعه بأن المسلمين يعاملون معاملة حسنة. وأن لهم نفس
الحقوق التي يتمتع بها الإسبان.
وهكذا خابت آمال المسلمين الأندلسيين في تلقي أي دعم أو مدد من سلطان المماليك
قانصو الغوري الذي يبدو أنه كان مشغولا هو الآخر حروبه مع العثمانيين، إضافته إلى
كونه لا يملك أسطولا قويا يمكنه من مواجهة الإسبان أقعدته عن إغاثة الأندلسيين.
[]
موقف
سلاطين الدولة العثمانية[]
موقف
السلطان محمد الفاتحأرسل أهل غرناطة في منتصف سنة 1477 - أي قبل سقوط غرناطة بأربعة عشر عاما –
سفارة على إستانبول، وجهوا فيه نظر السلطان محمد الفاتح إلى تدهور أوضاع المسلمين
في الأندلس، وناشدوه التدخل لإنقاذهم. لكن كان في حكم المستحيل أن يستجيب السلطان
الفاتح لهذه الاستغاثة، لأنه كان هو الآخر مضطرا إلى مواجهة تحالف صليبي ضم البابا
سكست الرابع TX. Sixte (1471-1484)، وجنوة، ونابولي، والمجر، وترانسلفانيا، وفرسان
القديس يوحنا في جزيرة رودس، وعددا من الزعماء الألبان الذين كانوا يضمرون عداء
شديدا للدولة العثمانية.
[]
موقف
السلطان بايزيد الثاني (21)ثم استنجد الأندلسيون مرة أخرى بعد وفاة الفاتح بابنه السلطان
بايزيد
الثاني (
1480-
1511)، حيث أرسلوا إليه رسالة
مع الشاعر
أبي
البقاء صالح بن شريف الرندي الذي ألقى بين يدي السلطان قصيدته مرثية الأندلس
الشهيرة، والتي مطلعها :
لكل شيء إذا ما تم نقصان |
| فلا يغتر بطيب العيش إنسان |
إلا أن السلطان بايزيد كانت قد تزاحمت عليها أزمات داخلية وخارجية كثيرة منعته
من إغاثة مسلمي الأندلس منها : صراعه مع أخيه جم (
1481-
1495)، وحربه مع
المماليك في
أدنة سنة
1485-
1491، بالإضافة إلى الحرب مع
ترانسلفانيا،
و
المجر، و
البندقية. ثم
تكوين تحالف صليبي آخر ضد
الدولة
العثمانية من طرف
البابا يوليوس
الثاني، و
جمهورية
البندقية، والمجر، و
فرنسا. وما أسفر عن هذا التحالف
من حرب أدت إلى تنازل العثمانيين عن بعض ممتلكاتهم. وانتهى حكم السلطان بايزيد
بصراع بين أبنائه، أضفى إلى تنحيته عن العرش، ثم موته في ظروف مشبوهة.
لكن رغم الظروف الصعبة التي كانت تعيشها الدولة العثمانية في هذه الفترة الحرجة
من تاريخها، فإن السلطان بايزيد لم يهمل استغاثة أهل الأندلس، بل حاول أن يقدم لهم
ما يستطيعه من أوجه الدعم والمساندة.فأرسل إلى البابا رسولا يعلمه بأنه سوف يعامل
المسيحيين في
إستانبول،
وسائر مملكته بنفس المعاملة إذا أصر ملك
قشتالة على الاستمرار في
محاصرة المسلمين في
غرناطة ،والتضييق عليهم.
وبالفعل أرسل أسطولا بحريا بقيادة كمال رئيس إلى الشواطئ الإسبانية سنة
1486. فقام هذا الأخير بإحراق
وتخريب السواحل الإسبانية والإيطالية ومالطا ونقل أولى قوافل المهاجرين المسلمين
واليهود إلى تركيا. وحسب رواية أخرى- لم نتمكن من التأكد من صحتها - فإن السلطان
الحفصي عبد المؤمن بعد نجاح وساطته في عقد صلح بين الدولة العثمانية ودولة
المماليك، تم عقد اتفاق آخر على تحالف بين الحفصيين والعثمانيين والمماليك لدعم
مسلمي الأندلس. وكان الاتفاق يقضي بأن يرسل العثمانيون أسطولا إلى سواحل إيطاليا
تكون مهمته إلهاء الإسبان ؛ بينما يستغل الفرصة ويقوم المماليك بإرسال قوات تنطلق
من شمال إفريقيا إلى الأندلس لنجدة المسلمين هناك.
وهكذا بسبب المشاكل الداخلية والخارجية التي كانت تعيشها الدولة العثمانية، لم
يتمكن العثمانيون في عصر بايزيد، وقبل ذلك في عصر الفاتح من إغاثة مسلمي الأندلس،
كما أن التهديدات، والغارات التي شنها كمال رئيس على السواحل الإسبانية لم تثن
الملكين الإسبانيين عن قرار إنهاء الوجود الإسلامي من إسبانيا المسيحية. وبهذه
المواقف التي رأيناها يتضح لنا أن سقوط غرناطة وضياع الفردوس المفقود ارتبط بعدد من
الأسباب التي كان يمر بها العالم الإسلامي وقتها. وضياع غرناطة، وما تبعه من طرد
المسلمين كان نتيجة متوقعة في ضوء الأحداث التي مرت بها الأمة.
[]
وثيقة
انجليزية تكشف كيفية سقوط غرناطةكشف الدكتور خوسيه غوميث سولينيو في المؤتمر الثامن عشر للغة والادب والمجتمع
الاسباني الذي اختتم أخيرا في مدينة مالقة، جنوب اسبانيا، عن عثوره على وثيقة
انجليزية تؤكد ان سقوط غرناطة الإسلامية والحصار الذي عانت منه المدينة «كان اكثر
شراسة مما هو معروف حتى الآن». ومدى الترف والابهة التي تميزت بها القصور الغرناطية
والبلاط الملكي، واثر الحصار الذي فرضته القوات الاسبانية على اهالي مدينة غرناطة،
حتى اضطرهم إلى أكل الكلاب والقطط، ويخلص إلى ان العرب دفعوا ثمنا باهظا للغاية
بسقوط آخر جوهرة لهم في اوروبا.
ويذكر المؤلف ان عدد القوات التي حاصرت غرناطة كان أكبر بكثير من عدد القوات
الغرناطية، مخالفا بذلك الرواية المتواترة من أن جيش غرناطة كان كبيرا، وتضيف
الوثيقة ان «اهالي غرناطة مروا بمعاناة قاسية خلال اعوام الحصار، وقامت القوات
الاسبانية بتحطيم وحرق الحقول المجاورة للمدينة، ما تسبب في مجاعة رهيبة بين سكان
غرناطة، ولهذا السبب اكلوا الخيول والكلاب والقطط».
وتتعرض الوثيقة أيضا للكنوز الهائلة التي حصل عليها الاسبان بعد الفتح «ففي مسجد
غرناطة كان هناك 300 مصباح من الذهب والفضة.. وعثر ملك اسبانيا على كميات هائلة من
الذهب وبها بنى الكنيسة مكان المسجد».
ويذكر المؤلف الانجليزي ان «الملك فرناندو لم يسمح للمسلمين الا بما يستطيع كل
واحد منهم ان يحمله على ظهره من حاجات، ما عدا الذهب والفضة والسلاح»، ولهذا فان
الجيش الاسباني وجد عند دخوله المدينة الآلاف من الأسلحة من سيوف ودروع
ومناجيق.
ويشير الدكتور غوميث سولينيو إلى ان الوثيقة تذكر ان افتتاح غرناطة تم عام 1491،
والصحيح هو 1492، والسبب هو ان السنة الجديدة لدى الانجليز كان تبدأ في 25 مارس
(آذار) وليس الأول من شهر يناير (كانون الثاني).
ويختتم الدكتور غوميث سولينيو بحثه حول تبعات سقوط غرناطة فيقول ان انهيار الحكم
العربي في هذه المدينة كان له صدى كبير وواسع جدا ليس فقط في اسبانيا وانما في كل
اوروبا، فأقيمت الصلوات في العديد من المناطق.
[]
المصادر
والمراجع
- صلاح فضل، ملحمة المغازي الأندلسية
- المطوي، محمد العروسي، الحروب الصليبية في المشرق والمغرب
- عبد الباسط بن خليل الحنفي، الزهر الباسم
- المقري، أحمد بن أحمد، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
- المقري، أحمد بن أحمد، أزهار الرياض في أخبار عياض
- ابن خلدون، عبد الرحمن، العبر وديوان المبتدأ والخبر (المشهور بتاريخ ابن
خلدون)
- نيقولا إيفانوف، الفتح العثماني للأقطار العربية (1516-1574)، ترجمة يوسف عطا
الله
- ابن خلدون، أبو زكريا، بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد
- ابن إياس، بدائع الزهور في وقائع الدهور
- التميمي، عبد الجليل، رسالة من مسلمي غرناطة إلى السلطان سليمان القانوني سنة
1551، المجلة التاريخية المغربية، تونس، العدد 3، (يناير 1975)
- عنان، محمد عبد الله، نهاية الأندلس وتاريخ العرب المتنصرين
- حتاملة، مصير المسلمين الأندلسيين بعد سقوط غرناطة عام 1492، بحث ألقي في ندوة
الأندلس التي نظمتها جامعة الأسكندرية بالتعاون مع رابطة الجامعات الإسلامية في
(13-15 أبريل 1994).
- الشناوي، عبد العزيز، أوروبا في مطلع العصور الحديثة
- Özdemir,Mehmet ،Endülüs Müslümanları
- نشانجي محمد باشا، نشانجي تاريخي (بالتركية العثمانية)
- فريدون بك، مجموعة منشئات السلاطين (بالتركية العثمانية)
- الصديقي، محمد البكري، المنح الرحمانية في تاريخ الدولة العثمانية
- التميمي، عبد الجليل، الدولة العثمانية وقضية الموريسكيين، بحث منشور في المجلة
التاريخية المغربية، العددان : 23-24
- نطقي، سليمان، محاربات بحرية عثمانية (بالتركية العثمانية)
- .Uzunçarşıl,İsmail Hakkı,Osmanlı Tarihi
- وثيقة انجليزية تكشف كيفية سقوط غرناطة
تم الاسترجاع من "http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81_%D9%85%D9%84%D9%88%D9%83_%D9%88%D8%B3%D9%84%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9_%D9%85%D9%86_%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7_%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9"
مفكرة
الاسلام:
آخر معاقل الإسلام في الأندلس، والتي بسقوطها سقطت دولة الإسلام العريقة في
الأندلس، وذلك بعد أكثر من ثمانية قرون كاملة من الحكم الإسلامي لهذه البلاد
والوهاد الواسعة، وهي بذلك أطول دول الإسلام حكمًا وعمرًا في تاريخ الدول والممالك
الإسلامية.فتح
المسلمون بقيادة موسى بن نصير وطارق بن زياد بلاد الأندلس سنة 92هـ، وكانت تحت حكم
قبائل القوط، ومن يومها أقام المسلمون حضارة مزدهرة ودولة قوية أصبحت منارة للعلم
والدين في قلب أوروبا، وقد مرت هذه الدولة العريقة بعدة أدوار، كان لكل دوار خصائصه
وسماته التي تكشف عن مدى قوته أو ضعفه، وهذه الأدوار كالآتي:أولاً:
عصر الولاة: 92هـ ـ 138هـ:وهو
ممتد منذ الفتح الإسلامي حتى سقوط الدولة الأموية، وكانت الأندلس خلالها ولاية
تابعة للخلافة الأموية، وتعاقب في هذه الفترة الزمنية على الأندلس ثلاثة وعشرون
واليًا أي بمعدل سنتين للوالي، وقد استشهد العديد من هؤلاء الولاة أثناء مد
المسلمين للفتوحات في قلب أوروبا، وقد اتسمت هذه الفترة بالعديد من
السمات:1ـ
هياج الفتنة العصبية والقبلية بين جند الفتح من عرب وبربر، ومن قبائل عربية قيسية
ويمانية من ناحية أخرى، وهذه الفتنة ستؤول لقتال عنيف سفك فيه الكثير من الدماء،
وضاعت المناطق الشمالية من الأندلس خلال هذا الصراع، وهذه الفتنة من أهم وأكبر
أسباب سقوط دولة الإسلام في الأندلس، وستظل صراعًا مزمنًا وداءً عضالاً في جسد هذه
الدولة، سيقتلها آخر المطاف.2ـ
شيوع فكر الخوارج الذين فروا من المشرق إلى المغرب والأندلس تحت تأثير الضربات
القوية للخلافة الأموية، وسيعتنق الكثير من البربر هذا الفكر
الشاذ.3ـ
محاولة المسلمين المتكررة لفتح بلاد فرنسا التوغل لقلب أوروبا، وكانت معركة بلاط
الشهداء سنة 114هـ من أعظم المعارك التي خاضها المسلمون في هذا
العصر.ثانيًا:
عصر الدولة الأموية الأول 138هـ ـ 238هـ:وهو
العصر الذي يبدأ بدخول عبد الرحمن الأموي الملقب بالداخل وصقر قريش لبلاد الأندلس
وسيطرته على مقاليد الأمور بعد الكثير من الاضطرابات والاقتتال انتهت بانتصاره يوم
المسارة سنة 138هـ، وخلال هذا العصر الذي امتد قرنًا من الزمان حكم الأندلس أربعة
رجال عبد الرحمن الداخل وولده هشام، ثم حفيده الحكم، ثم ولد حفيده عبد الرحمن، وقد
امتاز هذه العصر المعروف بعصر الازدهار الأول بعدة أمور:1ـ
الثورات المتكررة التي قام بها زعماء القبائل العربية الذين رفضوا الانقياد لحكومة
قرطبة المركزية، سواءً في ذلك القبائل المضرية التي هي في الأصل ينتمي إليها عبد
الرحمن الداخل، والقبائل اليمانية، وقد قضى عبد الرحمن على هذه الثورات بمنتهى
الحزم والشدة.2ـ
محاولة الخلافة العباسية التي قامت على أنقاض الدولة الأموية، تقويض الحكم الأموي
بالأندلس، ولكنها محاولات باءت جميعها بالفشل.3ـ
بداية تبلور الممالك الإسبانية في الشمال، وظهور مملكة أراجون وليون في أقصى الشمال
ومحاولة هذه الممالك التحرش بالمسلمين واستعادة ملكها القديم، ولكنها كانت ما زالت
وليدة وضعيفة.4ـ
استقرار دولة الإسلام وازدهارها بعد توطيد عبد الرحمن الأموي للأمور، فورث أولاده
من بعده حكمًا ثابتًا مستقرًا قويًا، فأنشأ الأسطول الأندلسي، وثكنات الجيش
الثابتة.5ـ
انتشار مظاهر الترف والرفاهية في أواخر هذا العهد، وانشغل الناس بالتمدد العمراني
وبناء القصور الفخمة والمتنزهات، وبدأت مجالس اللهو والغناء والمجون في
الظهور.6ـ
بداية ثورة المستعربين العاتية في أواخر هذا العهد وما ستجلبه من متاعب جمة فيما
بعد.ثالثًا:
عصر الدولة الأموية الثاني 238هـ ـ 300هـ:وهو
المعروف بعهد التدهور الأول للأندلس، وفيه حكم البلاد ثلاثة رجال كلهم من بني أمية
وفي هذا العصر اجتاحت الثورات العنيفة أنحاء الأندلس، وألقت بظلالها القاتمة على
دولة الإسلام بالأندلس، ومن أهم سمات هذا العصر:1ـ
استقلال الكثير من الولايات خاصة الشمالية والجنوبية عن سلطة الحكومة المركزية في
قرطبية.2ـ
عودة النعرة القبلية للظهور مرة أخرى خاصة بين العرب والبربر بعد أن خفت أيام
الداخل وخلفائه، واستقل البربر بمدن وكور أندلسية كبيرة خاصة في
الجنوب.3ـ
اشتعال ثورة المستعربين وهم أبناء الإسبان الذين لحقهم تغيير كبير بعد أن انتشر
الإسلام واللغة العربية بينهم وخالطوا العرب والبربر، فنشأ جيل مشترك في الدم
والنسب وهؤلاء عرفوا بالمولدين، أما من لم يعتنق الإسلام وبقي على نصرانيته أو
يهوديته ولكنه تعلم العربية وأخذ بأسلوب العرب في الحياة فهؤلاء عرفوا بالمستعربين،
وهؤلاء سيكونون خنجرًا ماضيًا في ظهر الأندلس، وطابورًا خامسًا لأعداء الدولة عبر
العصور.رابعًا:
عصر الدولة الأموية الثالث 300هـ ـ 368هـ:وهو
العصر الذي يطلق عليه عصر إعلان الخلافة الإسلامية الأموية في الأندلس، وقد حكمه
رجلان فقط هما: عبد الرحمن الناصر وولده الحكم المستنصر، وفيه عادت القوة والازدهار
للأندلس بعد أن تضعضعت مكانته بفعل الثورات المتكررة، كما عادت الوحدة لدولة
الإسلام التي تمزقت تحت أطماع ولاة الأقاليم من العرب والبربر، وفيه أعلن عبد
الرحمن الناصر عن قيام الخلافة وكان حكام الأندلس من قبله يقلبون بالأمراء ويتجنبون
وصف الخلافة لأسباب شرعية وكان للناصر مبرراته وقد ذكرناها في موضع آخر، وكان
التقدم والازدهار والتوسع العمراني وانتشار مجالس العلم، وكذلك القوة الخارجية
والداخلية هي سمة هذا العصر اللامع.خامسًا:
عصر الحاجب المنصور 368هـ ـ 399هـ:وهو
أزهر عصور الأندلس على الإطلاق، وهو العصر الذي يطلق عليه عصر سيطرة الوزراء، وفيه
أصبح الحاجب المنصور بن أبي عامر هو الحاكم الفعلي للبلاد والخليفة هشام المؤيد
مجرد صورة، إذ تولى الخلافة وهو صبي في العاشرة بعد وفاة أبيه "الحكم المستنصر"،
وكان المنصور بحق هو أعظم وأقوى من حكم الأندلس ولم يبلغه في ذلك ولا حتى عبد
الرحمن الداخل، وذلك كله برسم الوزارة، وكان الجهاد في سبيل الله عز وجل هو السمة
الغالبة على هذا العصر؛ إذ قام المنصور بغزو إسبانيا النصرانية بخمسين غزوة، لم
يهزم فيها مرة واحدة، وفتح شانت ياقب كعبة إسبانيا النصرانية وفتح برشلونة، وأحكم
قبضته على الأندلس كلها لأول مرة منذ الفتح، وتصدى المنصور للمؤامرات الكثيرة التي
حيكت ضده، ثم مات سنة 392 فخلفه ابنه عبد الملك فسار على نهج أبيه حتى سنة 399هـ،
وبعدها دخلت الأندلس النفق المظلم الطويل.سادسًا:
عصر الفوضى وسقوط الخلافة الأموية 399هـ ـ 422هـ:وخلال
هذا العصر تعاقب على حكم الأندلس العديد من الخلفاء الضعفاء يزيد عددهم على عدد من
تولوا طيلة القرون الثلاثة السابقة، وضاعت هيبة الدولة الأموية، وظهرت فكرة
الاستعانة بنصارى الشمال في الاقتتال على الملك، وقويت شوكة البربر واستقلوا بالعدد
من ولايات الأندلس خاصة في الجنوب، بل قامت لهم دولة قوية عرفت باسم دولة بني حمود
وكانت أهم سمة لهذا العصر هي عودة العصبية القبلية المقيتة بين العرب والبربر وظهر
لاعب جديد في سير الأحداث وهم الصقالبة الذين استكثر الحاجب المنصور من استعمالهم
ليعادل بهم نفوذ العرب والبربر، وقد استقل هؤلاء الصقالبة بحكم جزاير الأندلس
الشرقية.سابعًا:
عصر ملوك الطوائف 422هـ ـ 483هـ:وهو
العصر المشئوم، الذي تمزقت فيه دولة الإسلام في الأندلس لدويلات صغيرة أغلبها ضعيف،
يحكم هذه الدويلات كل طامع وطامح ومستقوى بأسرة أو عشيرة أو عصبية وقد بلغ تعداد
هذه الدويلات اثنى وعشرين دويلة، فالبربر في الجنوب، والصقالبة بالشرق، وأما البقية
الباقية فقد ذهبت إلى أيدي محدثي النعم أو بعض الأسر القديمة أما عن أهم سمات هذا
العصر المشئوم فهي:1ـ
انتشار المفاسد والانحراف الأخلاقي في طبقة ملوك الطوائف وانعكاس ذلك سلبًا على
الرعايا، حيث انتشرت هذه المفاسد بين المسلمين، وعمت النعومة والرفاهية بين
المسلمين مما أورثهم ضعفًا وجبنًا وغفلة عما يحيكه نصارى
الشمال.2ـ
اندلاع حروب داخلية مدمرة بين ملوك الطوائف، وذلك من أجل توسيع رقعة كل دويلة على
حساب الأخرى، واقتتل المسلمون فيما بينهم بصورة واسعة، واستعان كل فريق متحارب مع
جاره المسلم بنصارى الشمال، وكان رذيلة الاستعانة بالكفار على المسلمين من أسوأ
سمات هذا العهد المشئوم، مما أدى لضياع عقيدة الولاء والبراء عند مسلمي هذا العهد
إلا من رحم الله عز وجل.3ـ
تنامي قوة نصارى الشمال وتوحد رايتهم تحت قيادة رجل شديد البأس هو ألفونسو السادس
الذي حقق نصرًا كبيرًا ومعنويًا على مسلمي الأندلس، عندما استولى على مدينة طليطلة
العريقة سنة 476هـ وهي عاصمة إسبانيا القديمة، ودشن بذلك حرب الاسترداد المشهورة
والتي استمرت رحاها تدور حتى سقوط الأندلس.4ـ
تنامي الشعور بال