.
أكد الدكتور أحمد نظيف منذ أيام ارتفاع مستوى معيشة المصريين، ودلل رئيس وزراء
مصر على ذلك بأن استهلاك الطاقة فى المنازل يزيد بنسبة ١٠% سنوياً، وأن المصريين
اشتروا حوالى ٧٥٠ ألف جهاز تكييف خلال العام الأخير.
توقفت أمام الرقم!
تناسى دكتور نظيف أن هذا الرقم لا يمثل سوى ٠.٠٣ % فقط من الشعب المصرى، وأن
الذين اشتروا أجهزة التكييف هم أبناء شريحة صغيرة من المجتمع المصرى.. وأن ٧٩ مليون
مصرى وزيادة من المصريين غير قادرين على الحلم بأكثر من مروحة!
أقل من ١% فقط من المصريين هم القادرون على فعل الشراء..
والسؤال الذى يطرح نفسه: هل ما صرح به رئيس الوزراء يعبر عن الواقع المصرى أم
أنه يرانا مجرد أرقام على جهاز حاسبه الآلى؟
وهل حقا يمكن اعتبار شراء٧٥٠ ألف جهاز تكييف دليلا على ارتفاع مستوى معيشة
المصريين؟
هل التعميم بهذه البساطة أمر علمى؟
تتناقض رؤية رئيس الوزراء مع الواقع والوقائع.. فالواقع والوقائع يبرزان أن مثل
هذه التصريحات لا تمنع غرق العديد من الشباب فى مراكب متهالكة على شواطئ أوروبا
بحثا عن فرصة عمل. ولا تمنع من انتشار جرائم القتل فى الأسر المصرية بسبب غلاء
أسعار السلع الأساسية.
هناك تصريحات أخرى تدلل على عدم الواقعية وخطأ التعميم.. مثل التصريحات التى
تشير إلى ارتفاع مستوى المعيشة لدى المصريين بدليل زيادة حجم القمامة، التى تجمع من
المنازل!! وزيادة أعداد السيارات الجديدة!! وانتشار الموبايل وأجهزة
التليفزيون!!
على الجانب الآخر خبراء الاقتصاد يرون أن كل هذا ليس دليلا على ارتفاع مستوى
معيشة المصريين.. قد يكون مستوى المعيشة ارتفع لدى شريحة صغيرة جدا فى المجتمع..
لكن غالبية المجتمع بشرائحه العريضة أصبحت أكثر فقرا، وتتراقص على نيران الاحتياج
المهينة..
إلى متى ستبقى الفجوة بين التصريحات الرسمية والواقع الحقيقى شاسعة وبعيدة؟
هناك تقرير حكومى مناقض لتصريح رئيس الوزراء صدر منذ أيام.. يكشف عن أن عدد
المصريين، الذين يعيشون تحت خط الفقر بلغ ١٦ مليونا و٣٠٠ ألف، وذلك فى عام ٢٠٠٩،
وأن معدل الفقر لم يرتفع فقط بل ازداد عمقا.. وأن هناك ٧ ملايين طفل محرومون من أحد
الحقوق الأساسية السبعة فى الحياة، وهى الصحة والمياه والصرف الصحى والتعليم
والتغذية والمعلومات والمأوى، ويشير التقرير الحكومى أيضا إلى أن الفقر الغذائى وصل
إلى مستويات تثير القلق.
وقد كشف أيضا تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية العربية الأخير.. أن معدلات
الفقر العام فى مصر بلغت ٤١ %، ووصف تقرير التنمية البشرية الأخير ظاهرة الفقر فى
مصر بأنها أصبحت بالوراثة، واستخدام مصطلح «توارث الفقر» لدى الفئات الفقيرة. وأن
المصريين فى الأحياء الفقيرة يكافحون، من أجل الحصول على كسرة خبز، وأن الأطفال
الذين يعيشون فى الأحياء العشوائية الفقيرة بالقاهرة يتناولون النشويات، وغذاؤهم
يفتقر إلى البروتين.
هل يحتاج رئيس الوزراء إلى إعادة قراءة الواقع المصرى، رغم أنه على قمة
المسؤولية التنفيذية لرعاية المصريين؟!
أرجوك يا سيادة رئيس الوزراء.. اقترب وعش معنا على أرض الواقع بدلا من النظر
إلينا من خلال اللاب توب الخاص بك.