More Arabic Commentsتمهيد
لله خلفاء في الأرض، يحرسون دينه، ويجتهدون في القيام بمصالح الناس ومراعاة شئونهم .
وهذه المسئولية كبيرة وخطيرة، وتحتاج إلى عقول مستنيرة، تصرف الأمور بحكمة وفطنة، وتضع
الأشياء مواضعها الصحيحة، مما يجعل أصحاب هذه العقول أهلا للجلوس على القمة، وقيادة البشرية
نحو الخير .
وكثيراً ما تواجه هؤلاء القوم مواقف تحتاج منهم إلى ذكاء وحسن تدبير، وحكمة واسعة؛ تعين
على كشف خفايا كثير من الأمور .
وإذا طالعنا سيرة كثير من حكام المسلمين وجدنا من بينهم نماذج طيبة مليئة بالوعي والعلم
والذكاء .
وهذه المواقف التي سنقرؤها تدل على ذكاء هؤلاء الحكام، فلنتعلم منها، ونأخذ ما فيها من عبرة
وعظة .
-----------------------------------------------------------------
قصة الحلوى المسمومة
---------------
اشتكى بعض الناس إلى الخليفة العباسي عضد الدولة من قُطَّاع الطريق الذين يسكنون الجبل،
ويسرقون أموال القوافل وبضائعها .
فأرسل الخيلفة إلى أحد التجار وأعطاه بغلاً، وصندوقين فيهما حلوى لذيذة، طيبة الرائحة، وضع
فيها سما قاتلاً، وأخبر التاجر بذلك، وقال له: الْحق بالقافلة المسافرة، وتظاهر أن ما معك هدية لأحد
الأمراء، ففعل التاجر ما أمر به الخليفة .
وفي الطريق، هجم اللصوص على القافلة، وأخذوا كل ما معهم، وساق أحدهم البغل المحَمل
بصندوقَي الحلوى، وذهب مسروراً إلى زملائه، فشموا رائحة الحلوى الطيبة، فاجتمعوا عليها وقسموها
بينهم، وما هي إلا لحظات حتى هلكوا جميعاً، وتتبع التجار آثار اللصوص حتى عرفوا أماكنهم، فوجدوا
أنهم قد ماتوا جميعاً، فاستردوا أمتعتهم .
قصة خطبة الخليفة
------------
ذات مرة، خطب الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس،
اتقوا الله . فقام إليه رجل من الناس فقال: ُأذَكِّرك الله الذي ذَكَّرتنا به يا أمير المؤمنين .
وكان أبو جعفر يعلم أن الرجل قال ذلك ليقال عنه أنه شجاع، لم يخف بأس الخليفة، فقال أبوجعفر: سمعاً وطاعة لمن ذكَّر بالله، وأعوذ بالله أن ُأذَكَّر به وأنساه، فتأخذني العزة بالإثم (قد ضللت إذاً وما كنت من المهتدين)
ثم نظر إلى الرجل، وقال: وأما أنت، فوالله ما اللهَ أردت، ولكن ليقال: قال فعوقب
فصبر، ثم حذره الخليفة أن يعود لمثل ذلك .
قصة جذوع الخروع
-------------
ذهب رجل إلى الخليفة عضد الدولة، وأخبره أنه دفن ماله في الصحراء تحت شجرة خروع، فلما
ذهب ليأخذه لم يجده .
فلما سمع الخليفة ذلك أحضر كل أطباء المدينة، ثم قال لهم: هل داويتهم أحداً بجذوع الخروع
هذا الموسم؟ فقال أحدهم: أنا داويت فلاناً بجذوع الخروع . فأرسل الخليفة إلى ذلك المريض، فلما جاء
سأله: من جاءك بجذوع الخروح التي تداويت بها؟ فقال الرجل: خادم لي . فأمر الخليفة بإحضار الخادم
. فلما جاء سأله: من أين جئت بجذوع الخروع؟ فقال الخادم: من شجرة بالصحراء . فأمره الخليفة أن
يذهب مع الرجل ليريه الشجرة .
فلما ذهبا إليها وجد الرجل أنها الشجرة التي دفن ماله تحتها، فعاد إلى الخليفة وأخبره، فقال
الخليفة للخادم: أنت الذي وجدت المال؟ فقال: نعم، فأمره أن يرد المال إلى صاحبه، فأخذ الرجل ماله
وعاد مسروراً إلى بيته .
قصة الموكب العظيم
-------------
كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه زاهداً في معيشته، وكان لا يحب أن يرى علامات
الترف تظهر على ولاته .
وفي إحدى المرات ذهب عمرتلزيارة والي الشام معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه -.
فاستقبله معاوية رضي الله عنه في موكب عظيم، فغضب عمر، ولام معاوية على هذه المظاهر .
فرد عليه معاوية رداً زكياً قال فيه: نحن بأرضٍ جواسيس العدو بها كثير، فيجب أن نظْهِر من
عز السلطان ما يرهبهم، فإن نهيتني انتهيت .
فقال عمر: لئن كان ما قلت حقاً إنه لرأي أريب ( أي: رأي سديد مقنع )، وإن كان باطلاً
فإنه لخدعة أديب .
قصة الوزبر الخائن
-------------
كانت أسرار إحدى البلاد تتسرب إلى الأعداء، فقال الحاكم في نفسه: إن أسرار الدولة لا
يعرفها إلا أنا والوزراء، فلا بد أن بين الوزراء وزيراً خائناً، وينبغي أن أعرفه، وأخاف أن أعاقبهم جميعاً،
فأظلم الأبرياء منهم .
فكَّر الحاكم في حيلة ذكية يعرف عن طريقها الوزير الخائن الذي ينقل أسرار الدولة إلى الأعداء .
فاستدعى أحد مساعديه الأمناء وقال له: اكتب أسراراً وهمية كاذبة عن الدولة، وأرسل إلى كل وزير
من الوزراء، وقل له سراً مختلفاً عن السر الذي قلته للآخرين، واطلب منه كتمانه، فإذا انصرف اكتب
اسمه بجوار السر الذي قلته له، ثم انتظر يوماً أو أكثر لتعرف سر من الذي انتشر .
نفذ المساعد ما أمر به الحاكم، فوجد أن سراً من هذه الأسرار قد انتشر وذاع وعرفه الأعداء،
فعرف الحاكم الوزير صاحب هذاالخبر، فأرسل إليه وعاقبه عقاباً أليماً .
قصة الفتى الذكي
-----------
كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرب الصحابة الذين حاربوا في غزوة بدر من مجلسه،
وكان يجلِس معهم عبد الله بن عباس رضي الله عنه فتضايق القوم من ذلك لصغر سن ابن عباس .
فأراد عمر أن يعرفهم علم ابن عباس ومترلته، فدعاه ذات يوم إلى مجلسه، وأدخله على كبار
القوم , وقال لهم ماذا تقولون في تفسير قوله تعالى: ( إذا جاء نصر الله والفتح)
فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا . وسكت الباقون . فقال عمر: أكذلك تقول يابن عباس؟
فقال: لا . فقال عمر: وماذا تقول؟ .
قال ابن عباس: هو َأجلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له . فالله – عز وجل – يقول لرسوله عليه الصلات والسلام: (إذا جاء نصر الله والفتح), وذلك علامة أجلك,(فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً), فعلم القوم قدر ابن عباس .
وهناك الكثير من هذه القصص التي فيها عبر لنا فالمؤامرات تحاك هيا نفسها لكن بطرق أخرى
وفقنا الله لما فيه خير الإسلام والمسلمين