يسبغ الليل لونه سريعاً في هذه الأرجاء، والشوارع شبه خالية سوى من هسيس بعض المارة، وهدير السيارات، رأى جذعها يتهادى كشراع.. ظل يتابعها بعينيه ويده على مقود سيارته، خيل إليه أن شعرها يعانق الريح ويشاكس الهواء..
ـ قال لنفسه: من زمن لم نعد نرى شعراً جميلاً لامرأة ينتضي الجرأة مع الريح هكذا، بعد أن احتجز الشعر في غرف المناديل الغليظة.
وحين حاذته أطلق من سيارته نداءً عاطفياً وأشار بيده يدعوها، التفتت ناحيته باسمه ثم دلفت إلى الداخل، بشت بها عيناه اللتان لونتا بالافتراس ثم سألها عن وجهتها، فردت عليه: أين وجتهك؟ أومأ بيده إلى الأمام، فابتسمت من زاوية شفتيها: إذن أنت معي، وضحكا معاً.. لهذا الرد!!
ومعاً في غرفته ارتحل ناقة برية تحملت صحارى رغبته المكبوتة منذ سنين.. وبعد فترة ظن أنه قد أبرك الناقة الجموح، فترجل عنها وغرق في سباته.
في الصباح أيقظته حرارة الشمس المنبعثة من فجوة في النافذة المغلقة وحرارة الفراش المتبقية من ليلة البارحة، تثاءب فارداً ذراعيه كفارس عاد من غزوته منتصراً يجر وراءه السبايا.. التفت جهتها في السرير، ولكنها لم تكن هناك..
واندهش حيث رأى ظرفاً مطروحاً إلى جواره.. تناولته وارتعش عندما برز من داخله مبلغ نقدي.