ما زالت مستودعات الذخيرة في شرق ليبيا موجودة من دون حراسة إلى حد كبير، على رغم وعود الحكومة الانتقالية بتأمين الترسانة الهائلة الموجودة في البلاد. وتمثل وفرة الأسلحة بلا رقيب في منطقة لم تشهد قتالاً منذ الصيف تحدياً كبيراً يواجه «المجلس الوطني الانتقالي» بينما يسعى إلى فرض النظام بعد الانتفاضة التي أطاحت العقيد معمر القذافي.
وفي مجمع مخابئ، كانت هناك آلاف الصواريخ والألغام وقذائف الدبابات، بل وطوربيدان بحريان، متراصة وجاهزة للنقل من دون أي حراسة واضحة. وفي مستودع آخر للذخيرة قرب بنغازي، كانت هناك آلية مقاتلة وسط مساحة شاسعة مليئة بالمخابئ التي تمتد على مرمى البصر.
وتحت ضغط دولي متزايد، ألزم المجلس نفسه بتأمين مستودعات الأسلحة. ومع وجود أكثر من عشرة مخابئ على الأقل من دون حراسة على الإطلاق، ربما تبرز تساؤلات حول مدى التزام المجلس بهذا التعهد في اللحظة التي يحاول فيها بناء نظام حكم جديد من الصفر تقريباً.
وقال الناطق باسم المجلس جلال القلال إن الوضع خطير لكنهم يعانون من الضغط ولا يريدون تولية من هم خارج نطاق سيطرتهم مسؤولية تأمين المواقع. وأضاف أنهم يشعرون بالقلق لكنهم ليسوا مذعورين.
وفي موقع في مكان ناء قرب بلدة أجدابيا تعرض لقصف طائرات حلف شمال الأطلسي عندما كان تحت سيطرة القوات الموالية للقذافي، ما زال نحو 30 مخبأ لم يمسها سوء ومليئة بآثار الطلقات وأبوابها مفتوحة على مصراعيها.
وتضم غالبية المستودعات الموجودة في المخابئ الواقعة على بعد بضعة كيلومترات قبالة الطريق الساحلي الرئيسي، ذخيرة يتطلب إطلاقها أسلحة ثقيلة، لكن قذائف المورتر والألغام الأرضية المصممة لتدمير السيارات وتشويه الناس جاهزة للاستخدام.
ويخشى مراقبون من احتمال استخدام فلول الموالين للقذافي أو أطراف أخرى غير راضية عن أداء المجلس الانتقالي، الأسلحة المتاحة من دون حراسة لشن حرب عصابات، ما يقوض فعالية الحكم ويعرقل استئناف إنتاج النفط. كما تمثل الأسلحة خطراً على الدول المجاورة لليبيا، خصوصاً على الحدود الجنوبية التي يسهل التسلل منها إلى دول بها اضطرابات مثل السودان والنيجر وتشاد.
وأشار القلال إلى أن الحكومة تعمل على حراسة الترسانات، لكنها تفتقر إلى الأموال الكافية لدفع مقابل الحراسة. وأضاف أنهم يبيعون النفط، لكن ليست لديهم السيولة اللازمة لهذا الغرض لأن الأموال التي كانت مجمدة خلال حكم القذافي لم تصل بعد. وتابع: «عندما تصل هذه الأموال ستتوافر الوسائل اللازمة لدفع الرواتب ورصد حوافز ضرورية لحراسة تلك المواقع».
وقارنت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، ومقرها نيويورك، بين الوضع في ليبيا وما حدث في العراق حيث تم نهب مخازن السلاح التي تخلت عنها القوات الهاربة التي كانت موالية لصدام حسين بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 واستخدمها متشددون في صنع قنابل وشراك خداعية.
وحضت المنظمة المجلس الانتقالي على حراسة الكميات الكبيرة من الأسلحة الثقيلة المتداولة في البلاد، بما في ذلك صواريخ أرض جو قالت إنها موجودة من دون حراسة منذ أكثر من شهرين. وتمثل الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف قلقاً بالغاً، نظراً إلى إمكان استخدامها في مهاجمة الطائرات المدنية، ما دفع الولايات المتحدة ودولاً أخرى إلى عرض المساعدة في اقتفاء أثر تلك الأسلحة.
وفي بعض المواقع، لم يكن ممكناً مشاهدة أي من تلك الأسلحة، وهو ما قال القلال إنه مؤشر على مدى الأهمية التي أولتها الحكومة لهذه المسألة. وقال إن عاملين تابعين للمجلس الانتقالي ينسقون مع فرق من الخبراء الدوليين لتعقب آلاف الصواريخ المضادة للطائرات التي تقول الأمم المتحدة إن مصيرها ما زال مجهولاً، مشيراً إلى «إحراز تقدم».
وأبدى المجتمع الدولي قلقه من مسألة حراسة المواد النووية والأسلحة الكيماوية. لكن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، ومقرها لاهاي، قالت أول من أمس إنها فتشت مخزون ليبيا المعلن لمكونات صنع غاز سام ووجدتها سليمة. لكنها أشارت إلى أن السلطات الليبية قالت لها إنه عثر على مزيد من المخزونات لما يعتقد أنها أسلحة كيماوية.
وأياً كان التقدم الذي يجري إحرازه، فما زال سكان ليبيا يمتلكون كميات كبيرة من الأسلحة. وكثيراً ما تشاهد في الشوارع مدافع ثقيلة محمولة على شاحنات مدنية في أنحاء البلاد كما أن البنادق الآلية موجودة بكثرة. واقترحت الحكومة الانتقالية إطلاق برنامج يشمل كل المناطق لاستعادة تلك الأسلحة من خلال شرائها للحد من انتشار الأسلحة الصغيرة الموجودة في أيدي الجميع تقريباً، وهي فكرة قال القلال إنها ستلقى دعماً كبيراً عندما تصبح الأموال متاحة.
وأوضح أنهم يحتاجون المال أولاً قبل إعلان مثل هذا البرنامج «لأن الناس ستأتي بأعداد كبيرة»، خصوصاً أن «الكثيرين اشتروا الأسلحة من أموالهم الخاصة». ولفت إلى أن أسعار الأسلحة تتراجع لأن البنادق كانت تشترى منذ فترة مقابل ثلاثة آلاف دينار، وهذا يعني أن جمعها سيكون أسهل.
وتكثر أسواق الأسلحة التي تقام في الهواء الطلق. وفي أحدها في وسط بنغازي، يتم شراء الأسلحة الصغيرة والتجارة فيها بسهولة بعد صلاة الجمعة، حيث تباع البنادق مقابل 1100 دينار ليبي (900 دولار) فأكثر