الحرب الثانية
لم تحقق معاهدة ( فان جنج ) ماكانت تصبوا اليه بريطانيا والقوي الغربية.. فلم يرتفع حجم التجارة مع الصين كما كانوا يتوقعون.. والحظر علي استيراد لافيون لايزال ساريا.. كما ان البلاط الامبراطوري يرفض التعامل مباشرة معهم.. لذلك قدموا مذكرة بمراجعة الاتفاقات القائمة التي رفضها الامبراطور .. لذلك قررت بريطانيا وفرنسا استخدام القوة مرة أخرى ضد الصين .. واتخذوا ذريعة جديدة هذه المرة ..
فقد واتتهم الفرصة عند قيام السلطات الصينية في ( جوانج شو) بتفتيش سفينة تحمل العلم البريطاني.. واعتقال بحاريها.. وانزال العلم.. ومقتل مبشر فرنسي .. لشن حربا جديدة علي الصين.. استطاعت فيها القوات البريطانية و الفرنسية دخول ميناء جوانج شو.. والاتجاه نحو ميناء تيان القريب من بكين.. مما جعل الامبراطور يقبل مراجعة الاتفاقات وتوقيع اتفاقية ( تيان جين ) في عام1858 بين الصين وكل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والتي تعطي لهم مزيدا من الامتيازات من أهمها :
فتح خمسة موانئ جديدة للتجارة الدولية وتحديد الأفيون بصفة خاصة من بين البضائع المسموح باستيرادها.
حرية الملاحة على نهر اليانج تسي كيانج (Yong Tse Kiang).
السماح بدخول المسيحية في أرجاء الصين.
نصت اتفاقية ( بتان جن ).. علي التصديق عليها خلال عام من توقيعها .. وحين تأخرت الصين في التصديق استخدمت بريطانيا وفرنسا القوة مرة أخرى لتحقيق ذلك واستطاعت قواتهما دخول (تيان جن) في ربيع عام1860 ثم تقدمت نحو (بكين) ودخلوها في أكتوبر1860 وتوجهوا إلي القصر الصيفي للامبراطور الذي يبعد بضعة آميال عن بكين وهذا القصر يعتبر من أعظم وأفخم قصور العالم ويحتوي علي آثار تاريخية وتحف وذهب لايقدر بثمن .. وقام الضباط البريطانيون والفرنسيون بنهب محتوياته لمدة أربعة أيام.. وأضرموا فيه النار بعد ذلك .. وقد كتب (فيكتور هوجو) الأديب الفرنسي المشهور عن ذلك فقال: دخلت العصابتان البريطانية والفرنسية كاتدرائية آسيا ..أحدهما قام بالنهب والآخر قام بالحرق.. وأحد هذان المنتصران مليء جيوبه والثاني مليء صناديقه ورجعوا إلي أوروبا يدهم في يد بعض ضاحكين.. ان الحكومات تتحول احيانا إلي لصوص ولكن الشعوب لا تفعل ذلك..
اضطر الامبراطور للرضوخ لمطالبهم ووقع اتفاقيات (بتان جن) مع كل من فرنسا وبريطانيا وكذلك روسيا والولايات المتحدة التي منحت امتيازات أكثر أهمها فتح المزيد من الموانيء امام تجارة هذه الدول وهي الاقامة لرعاياهم في بكين.. والتعامل المباشر مع البلاط الامبراطوري .. وحرية تجول المبشرين في الصين.. والتنازل عن كولون وهي منطقة واقعة في الصين والاكثر قربا ... وارتفع عدد المدمنيين في الصين من مليوني مدمن عام 1850م ليصل إلى 120 مليوناً سنة 1878م, ولكن حروب الأفيون لم تنته نهائياً إلا باتفاقية 8 مايو 1911م.