samy khashaba عضو ماسى
17/5/2009 : 23/09/2009 العمر : 56 الموقع : اسكندرية
| موضوع: زواج المؤانسة.. حب اللحظات الأخيرة الجمعة أكتوبر 30 2009, 23:37 | |
| .. ينوي أمريكي في الـ93 من العمر هذا الأسبوع الزواج بحبيبة طفولته(92 سنة) التي كانت معه في الصف الثالث الابتدائي؛ حيث تقدم العريس بطلب يدها بعد 85 سنة من البعاد. وفي أحد أدراج مكتبي ورقة مكتوب عليها تاريخ واسم مسلسل أجنبي عرض منذ سنين بعيدة، وفيه كلمة نطقها البطل لحبيبته في آخر يوم بحياته بعد أن وجدها أخيرا.. قال:لو كنت أعرف أني سأقابل حبي الحقيقي في يومي الأخير ما كنت انزعجت طوال حياتي.
رباط المؤانسة الأمر ليس مجرد أفكار، ففي مصر قامت إحدى الجمعيات لرعاية المسنين بتبني شعار "رباط المؤانسة.. فوق الستين" ودعت السيدات والرجال داخلها للتفكير بالأمر بشكل إنساني وعفوي، ولقد تمت بالفعل زيجات عدة ونقل برنامج "الحياة وأنا" على التلفزيون المصري تجارب بعضهم.. ومن خلال هذه التجارب نكتشف أننا نتحدث عن الحب..تعرفه وأنت ترى هذا الألق الأخاذ في عيون إحدى تلك السيدات لزوجها المسن، وهي تحكي في خجل أنها قد تكون وجدت معه هذاالشعور بالإعجاب والاحترام لفارس الأحلام الذي يشغل الفتيات الصغيرات، أما هو فقد قال إنه لم يتوقع أبدا وفي هذا السن أن يؤخذ بصوت زوجته الجميل وهي تغني له ،بعد تجاوزهما لعمر الستين، قصيدة "ابق معي" لفيروز. وتفهم أكثر وأنت تقرأ رأي الكاتب فهمي هويدي حين قال: "الأمر يحتاج منا فقط أن نأخذه بجدية، وأضاف:هو حل مثالي وصعب في الوقت ذاته؛ لأن المجتمع العربي أصبح مستعدا في بعض دوائره لقبول فكرة "زواج المسيار" للمتزوجين فعلا الذين يبحثون في الأغلب عن مزيد من المؤانسة, ويحاولون تلبية احتياجاتهم البيولوجية في الوقت ذاته, في حين أن كبار السن هم أحوج إلى المؤانسة خصوصا في ظل انفراط عقد الأسرة الحديثة. ويضيف هويدي: "لم يحاول أحد أن يخاطب إنسانيتهم ويوفر لهم الصحبة التي تساعدهم على أن يقضوا ما تبقى لهم من سنوات العمر في دفء وسكينة, وفي ظل انتماء وتفاعل حقيقيين مع المجتمع المحيط بهم, وغاية ما استطاعته بعض المجتمعات أنها وفرت دورا للمسنين والعجزة, هي في حقيقة الأمر بمثابة قبور جماعية لأحياء يقفون جميعا على أبواب الآخرة, ونادرة هي البلدان التي اعترفت بإنسانيتهم وتعاملت معهم باعتبارهم جزءا من المجتمع يمكن الاستفادة منه, كما أن لهم الحق في الاستمتاع بمختلف مباهج الحياة وفي حدود علمي, فإن كندا واحدة من تلك البلدان". لكن "هويدي" أشار أيضا لبعض أسباب الصعوبة الحقيقية ومنها "أن كبار السن في دول العالم الثالث يعانون من مظاهر كثيرة للضعف الجسماني بسبب تراجع الرعاية الصحية, وبالتالي فإنهم يحتاجون إلى تمريض أكثر مما يحتاجون إلى مؤانسة, وفي ذات الوقت فإن الإنسان حين تكبر سنه يصبح قد تشكل وغدا أكثر استعصاء على التوافق مع الآخرين, الأمر الذي يسحب الكثير من رصيد السكينة والمؤانسة المرجوتين". وتنفي دراسة اجتماعية هذا الرأي حيث أشارت إلى أن أكثر الناس سعادة هم من تتراوح أعمارهم بين 60 و80 عامًا، أي من تخلصوا من هموم العمل ومتاعب الأبناء، ولا يلبث الإنسان أن يستقر إلا في سن الستين؛ حيث التخلص من متاعب العمل ومشكلات الأبناء والتخفف من أحمال ثقيلة عاشوا بها طويلا، وأن الأمر فقط يتعلق بوهم يسيطر على الإنسان أنه في الطور الأخير، ولكنه إن أحب الحياة فسيجد الحب متدفقا من حوله، خاصة لو تعلق الأمر بقلب في نفس مرحلته العمرية مر بكل التجارب السابقة وفي انتظار "جدول هادئ" أخير يرتكن له. أخيرا أنت هنا أتذكر روايات قرأتها وأخرى سمعت عنها، منها مشهد "فولنتبرو" بطل رواية "حب في زمن الكوليرا"للأديب اللاتيني جابرييل ماركيز وهو واقف ببذلته الكاملة يضع قبعته أمام صدره وينظر لحبيبته التي ملكت قلبه واختفت قبل سبعين عاما ليلقاها مجددا في اليوم الأول لترملها، وقف أمامها مشدوها قائلا بعيونه: "أخيرا أنت هنا، كنت أوقن أننا بالنهاية سنلتقي". يومها نهرته وطردته من بيتها أو بالأحرى من بيت زوجها الذي ما لبث أن ذهب إلى قبره، ولكن بدأت الأيام المتشحة بالسواد في الانسحاب على حياتها مسكبة عليها مزيدا من الكآبة، وكشفت لنفسها الحقيقة تدريجيا في الحياة التي عاشتها مع زوج طيب أنجبت منه أطفالا ولكنها أبدا لم تحبه، وتذكرت أنها يوما أحبت وقلبها ما زال قادرا على الحب، وهكذا عاد الحبيب ولكن هذه المرة ليأخذها معه إلى حب ما بعد التسعين فوق مركب في رحلة طويلة وأخيرة وقد رفعا عليها لافتة أن بهذه المركب مصابين بالكوليرا حتى لا يزعجهما أحد للأبد الذي كان بالتأكيد يقترب. وأتذكر قصة جميلة عاشها الأديب تشيكوف ولم يكتبها، قابل تشيكوف حبيبته الأولى أثناء دراسته للطب في لوكسمبرج وكان من أسرة فقيرة وهي شديدة الأرستقراطية وحينها أخبرها:لن أملك من اليوم إلا الكتابة عنك، وبعد ما يزيد عن أربعين عاما قابلها وقد جاءت الثورة وتغيرت الحياة، ولكن قدرهما وحبهما أيضا لم يتغير، قابلها صدفة ويومها أخبرها أنه سيهديها آخر هداياه وكانت قصة قصيرة جدا وجميلة جدا حكاها لها وحدها على مدار الطريق ولم يكتبها أبدا وكذلك هي.
| |
|