الباراسيكولوجي: علم.. خرافة.. أم أدوات تجسس
هل شعرت يوماً بأن شخصاً ما سيزورك وبعد لحظات تسمع رنين الجرس لتكتشف أنه (بشحمه ولحمه) يقفُ أمامك؟!.. وهل فكرت بصديقٍ غائب تفتقده.. لتُفاجأ بعد دقائق باتصاله؟!.. وهل تساءلت لماذا تشعر الأم - تحديداً - بما يحدث لأبنائها رغم أنهم بعيدون ولا تراهم ؟!.. كل هذا ليس وهماً أو خرافة.. لكنه في ( الباراسيكولوجي) حقيقةٌ محتملة الحدوث!
الباراسيكولوجي أو ما وراء النفس هو علم حديث برز مع نهاية القرن التاسع عشر ويبحث في الظواهر النفسية والذهنية الخارقة التي تحدث لبعض الأشخاص، والتي عجز العلم عن إيجاد تفسير لها.. لا بأدوات علم النفس التقليدية ولا حتى عن طريق التحليل النفسي الفرويدي؛ لذا لجأ المهتمون إلى دراسة هذه الظواهر عن طريق الفيزياء الحديثة.. ومن أهم الظواهر التي يدرسها: التخاطر Telepathies، التحريك عن بعد Telekinesis، الاستبصار أو رؤية ماهو خارج نطاق البصر Clairvoyance، الخروج من الجسد Astral Projection بالإضافة إلى الاتصال بكائنات غير منظورة Spiritism !
ولأن الأسئلة تؤجج التوق إلى المعرفة.. دعونا نرتب بوابات الدخول حتى لا نضيع.. ولنبدأ بأول المفاتيح التي كانت بيد (ماكس سوار) حيث أطلق تسمية (الباراسيكولوجي) لأول مرة في العام 1885م، ثم جاء العالم جوزيف راين وزوجته ليؤسسا لأول مختبر من هذا النوع في جامعة ديوك عام 1934م، وما أن حل العام 1969م حتى تم الاعتراف بالجمعية الباراسيكولوجية من قبل الجمعية الأمريكية للعلوم وأصبح علماً يُدرس في الجامعات العريقة..
يقول عضو جمعية الباراسيكولوجية الأستاذ حسن حافظ: "داخل كل إنسان قدرات خاصة (تقل أو تكثر) تبعاً لتركيبته العضوية والنفسية.. وإذا كان كل مافي الكون يشع بما فيه دماغ الإنسان وجسمه الحي الذي يرسل ذبذباته (ألكتروماكنتك) ومعها أشعة (ألفا 10) وأشعة (كاما).. فمتى ما تشابهت هذه الذبذبات مع ذبذبات إنسانٍ آخر فإنه تم التوافق بينهما وأمكن عندئذٍ الاتصال بين طرفين مرسل Decoding ومستلم Incodin بعد إجراء تمارين تتعلق بتقوية الأشعة المرسلة أو المستقبلة في داخل الإنسان، والواقع أنه لا يمكن لأحد أن يعرف أسرار الروح ويسبر أغوارها وإنما يمكن الإحاطة بشيء من تأثيرات الروح بدليل {ويسألونك عن الروح.. قل الروح من أمر ربي}.. كما أن هذه القدرة لا يمتلكها شعبٌ دون آخر لكنها موجودة عند جميع الشعوب خاصة لدى البوذيين والهنود حيث تختزن أجسادهم تلك القوى المشعة عن طريق التأمل العميق مع إجراء بعض الرياضات الروحية التي تعمل على تركيز الذهن والتأثير في الآخرين".
العلماء والباحثون يُجربون دائماً فتح العلب (المغلفة) لإيجاد تفسير منطقي وواضح.. وكان آخر ما توصلوا إليه هو أن الغدة الصنوبرية التي تقع في نهاية القسم الأوسط من الدماغ والتي مازالت وظيفتها مجهولة هي بمثابة (هوائي) عن طريقها يتسلم الإنسان أو يرسل من وإلى العالم الخارجي كل رسائله الذهنية، ومن هنا يأتي سر حجمها لدى الطيور إذ يصل إلى عشرة أضعاف حجمها لدى الإنسان.. فعن طريقها تهتدي هذه الطيور إلى أعشاشها!
كل ذلك التاريخ وهذا التفسير لم يحم (الباراسيكولوجي) من الشكوك الملتفة حوله كشرنقة.. ولم تعصمه من أسهم المنتقدين ورصاصات أهل الدين.. خاصةً وأنه حمل تسميات عديدة منها (علم الخوارق)، (علم النفس الغيبي) وأخيراً (قدرات الساي).. يقول الباحث المصري الأستاذ ياسر منجي: "ربما يلتبس الأمر على البعض نتيجة لاستخدام لفظ (العلوم الغيبية) مما ينتج سوء الفهم والخلط بينها وبين مفهوم (الغيب الديني) في ذهن القارىء، ولتوضيح ذلك أقول ان ذلك من قبيل الدلالة الاصطلاحية.. بمعنى أن كلمة (غيبية) هي عبارة عن مصطلح يطلق على هذه العلوم نتيجة لطبيعتها (الخفية) أو (الكامنة).. ونظراً لأن قوانينها ومعادلاتها لم تكتشف كاملة فهي ما زالت في رحم الغيب، والمشتغلون بالبحوث الأكاديمية يعلمون معنى المصطلح تماماً، فالكلمة الواحدة قد يكون لها معنى ما في القاموس ثم تستخدم استخداماً دارجاً مغايراً في المعنى من قبل رجل الشارع، ثم قد تستخدم استخداماً ثالثاً مختلفاً تماماً، وهذا هو ما ينطبق على لفظة (غيبية) والتي تستخدم من قبل علماء الدين على أنه علم يختص بمعرفته الله سبحانه ولا يشرك فيه أحداً من عباده.. ولأجل ذلك أفضل استخدام مصطلح (العلوم الماورائية) بالإضافة إلى مصطلح (القوى الخفية) رغم ما يحويه من ظلال مثيرة للخيال!".