وصفة عاجلة لإنقاذ أجيال العراق من التخنث، وانتشار ظاهرة الجنس الثالث!
( نصيحة لجميع الأنظمة العربية وبمقدمتها النظام في العراق التشديد على التجنيد الإجباري والذي تتخلله برامج بناء الشخصية وطنيا و بدنيا وفكريا وثقافيا واجتماعيا، ويا حبذا لو تتخلله برامج في التثقيف على الإسلام الوسطي والمنفتح على الآخر، وتنمية ثقافة حقوق الإنسان، وأهمية ومعايير السلام و ثقافة اللاعنف، وهي فرصة لأن الشباب تحت اليد، وفي المعسكرات والثكنات العسكرية، لكي يخرجوا نحو الحياة المدنية وهم رجالا يُعتمد عليهم!)
نبذة تاريخية:
عُرف التجنيد الإجباري في أثينا وروما قبل ميلاد المسيح عليه السلام بمئات السنين ، وفي العصور الوسطى ، خضعت المدن الأوروبية لحماية صارمة من الفرسان المحترفين والأساطيل الجبارة والفرق المدربة .
وقد بدأ أول تدريب عسكري إلزامي على نطاق واسع في سويسرا في القرن السادس عشر الميلادي ، وجَنَّد ملك السويد جوستافوس أدولفوس الشعب في القرن السابع عشر الميلادي، وفي فرنسا ضبط الملك محاولا الهرب إلى النمسا لإحضار جيش يحارب به حكومة الثوره ، فاندلعت الحرب بين الدولتين في20/4/ 1792 وهاجت الجماهير الفرنسية فأعملت القتل في النبلاء بعد أن اعتقلت الملك وعائلته .
وبضغط من اليسار المتطرف بزعامة روبسبير أقرت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان والمواطن عزل الملك ـ إلغاء الملكية وإقامة الجمهورية ـ وذلك في10/9/ 1792. وبعدها حكمت على الملك لويس السادس عشر بالإعدام بتهمة الخيانة فسيق إلى المقصلة التي لقبت مدام جليوتين ( وهي من اختراع البروفسور جليوتين ) في21/1/ 1793، وبعدها في نفس العام بتاريخ 23 /8/ 1793صدر إعلان التجنيد الإجباري على ألامه الفرنسية بعد أن كان الجيش يعتمد على المرتزقة والمتطوعين والفقراء والفلاحين !!.
وفي منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، أدخلت بروسيا مشروع التجنيد المحدود، وبمقتضاه يتم اختيار نخبة قليلة من المجندين لتتعلم مبادئ الإجراءات العسكرية لمدة عام، وبعد ذلك تُنْقَل إلى قوات الاحتياط ، وقد طبق هذا النظام الزعيم الألماني أدولف هتلر في ثلاثينيات القرن العشرين أثناء تسليح الجيش الألماني في مراحله الأولى ، و مع اندلاع شرارة الحرب العالمية الأولى في العام (1914-1918م) كسرت جميع أطراف النزاع طوق الخدمة العسكرية الطوعية وطبقت نظام التجنيد الإجباري ، وفي الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، طبقت دول التحالف ودول المحور نظام التجنيد الإجباري بصورة واسعة على مواطنيها
. وفي أوائل التسعينيات من القرن العشرين، كان في جيش فيتنام أكثر من مليون شخص معظمهم من المجندين ، ووصل عدد قوات كوريا الشمالية إلى مايقارب 780,000 مجند، وكوريا الجنوبية لديها 620,000 مجند ، ويعود تاريخ التجنيد الإجباري في الولايات المتحدة الأمريكية إلى بدء الثورة الأمريكية (1775-1783م) حيث حاربت الميليشيات (جند الطوارئ) الاستعمار البريطاني . و طبق الجانبان نظام التجنيد الإلزامي في الحرب الأهلية الأمريكية 1861م_1865م وطبق بشكل أوسع في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي أثناء حرب فيتنام .
التجنيد في العراق..!
أما في العراق فيقول المؤرخ العراقي الكبير عبدا لرزاق الحسني (إن البدايات الأولى لتأسيس الجيش العراقي الذي تكون تحت إمرة الضباط العراقيين ممن تحطمت أمالهم في الثورة العربية الكبرى التي أعلنها ((الحسين بن علي )) شريف مكة المكرمة على الأتراك العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى عام 1920 التي قام بها الشعب العراقي ضد الاحتلال البريطاني والتي ساهم فيها بعض الضباط العراقيين قد خلقت جوا من التفاؤل والأمل في تحرير العراق وتحقيق الأماني الوطنية . وكان الإنكليز يحرصون على العمل في أن يكون الجيش أشبه بقوة ((الدرك)) أي مجرد وسيله لقمع الثورات الداخلية التي تقوم ضدهم!
وهو يشبه لحد ما الحدود التي رسمها المحتل الأميركي بعد احتلال العراق في 9 نيسان / أبريل 2003 ، والذي خطط أن يكون الجيش العراقي الجديد مجرد جيش سخرة لمساندة الجيش الأميركي في حملاته ضد ما يسمى بالإرهاب، وضد الأصوات الوطنية الرافضة للاحتلال والتبعية، ويكون حاميا للحكومات التي تختارها واشنطن، ومسئول عن منع انهيار هذه الحكومات!.
وفي 6كانون الثاني عام 1921 م تأسس الجيش العراقي تحت إمرة هؤلاء الضباط،وبناء على ذلك تم تأسيس الفوج الأول له وأطلق عليه ((فوج الإمام موسى الكاظم )) وقد اتخذ من خان الكاب ولي في ألكاظميه مقر له ثم توالى تكوين الأفواج في مناطق العراق المختلفة، ومنذ تأسيس الجيش العراقي تكونت فكرة في نفوس القادة المخلصين فيه تتضمن وجوب الأخذ بنظام التجنيد الإجباري حيث ينخرط في سلك الجيش أبناء الشعب من مختلف الأعمار والبيئات بدلا من جعله قائما على التطوع يدخل فيه من يرغب وفي ذلك فقط، فعارض الإنكليز فكرة التجنيد الإجباري في العراق بشدة ولكن كبار العسكريين الذين دخلوا المدارس العسكرية، والذين ساهموا في الثورة العربية وثورة العشرين ضلوا يكافحون من أجل إدخال قانون التجنيد الإجباري لتخليص الخزينة من نفقات الجيش المتطوع من جهة ،ولجعله قادرا على القيام بواجب حفظ الأمن الداخلي والدفاع عن الوطن ضد محاولات الغزو الخارجي من جهة أخرى ،
ولقد استطاع الجيش العراقي فيما بعد أن يلعب دورا مهما وملموسا في قمع عدد من ثورات التمرد التي حصلت في العراق، وعلى فترات متعاقبة بفعل تخلف الواقع السياسي والاجتماعي الذي طالما استغله الإنكليز لهدف إرغام العراق وإخضاعه لسياستهم ) .
إن العراق بلد ثري بتنوع حضاراته وتعدد أعراقه واختلاف أطيافه وتنوع معتقداته وتميز دمائه ، وهو يشبه إلى حد ما سويسرا الدولة المكونة من ثلاث مناطق ثقافية ولغوية (ألمانية وفرنسية وايطالية) ، والتي تمثل دولة قومية ذات عرقية منسجمة وثقافات متعددة ومشتركة ، حيث أصبحت سويسرا إحدى الحالات النوعية القصوى لدولة استطاعت توحيد شعبها رغم الفروق الثقافية والعرقية واللغوية تحت مبادئ الوطن السويسري الأم والدولة المدنية الحديثة ، ويبرر إصرار سويسرا على التجنيد الإلزامي لشعبها منذ عام 1815 تعويلها على التنشئة الاجتماعية للمواطن بحيث يصبح من مجرد فرد قادر على الدفاع الهجومي إلى مواطن لديه الحس بالمسؤولية وتحدي الأزمات التي تمر بها دولته .
أهمية وأسباب عودة التجنيد الإجباري في العراق!!!
إن التجنيد الإجباري يجعل الدولة في شكلها الحديث مرجعية نهائية للانتماء ،وقاسما مشتركا بين أبناء البلد الواحد ، فهو يقضي على الرؤى الأممية والوحدوية للتيارات المتطرفة، فعودة الخلافة مثلا لدى المتطرفين المحسوبين على الطيف السني و عودة الإمام المهدي المنتظر لدى الطائفة الشيعية تعتبر (غاية) ، وما هو قائم الآن ( فترة انتقالية) _ في نظرهم_ يجب تدميره في سبيل الوصول لهذه الغاية ، أو في أفضل الأحوال وسيلة للوصول إلى الغاية . . فالتجنيد الإلزامي مشاركة شعبية و ولاء و انتماء و مصير مشترك عنوانه الوطن والمواطنة، و لا يمكن حصره أبدا في نطاق عنصري ضيق لصالح العشيرة أو القبيلة أو الطائفة أو المذهب.
إن عودة نظام التجنيد الإلزامي في العراق من شأنها إنقاذ جيل كامل من الوقوع في الجرائم والإدمان وإحياء عزائم الشباب ،و بناء جيش قوي كما كان من قبل ، أفراده على أعلى مستوى من الانضباط والحزم و التدريب العسكري والتأهيل العلمي واكتساب اللياقة الذهنية والبدنية ، قادر في الوقت ذاته على مواجهة التحديات الإقليمية والتهديدات الدولية والحفاظ على كرامة وكبرياء وهيبة الوطن، والقضاء على بعض الظواهر التي تمحو الحضارات وتدمر الأمم من خلال الغزو الفكري والثقافي، ونشر الفساد الأخلاقي، والترويج للرذيلة، وهدم الأسرة وتفكيك منظومة العائلة العراقية والمجتمع المحافظ التي تتماهى مع بعضها البعض ، فالتجنيد الإجباري من شأنه القضاء على ظاهرة ذوبان الهوية والتسكع والشذوذ، وعلى ظاهرة المتأنثين والمتشبهين بالنساء، ومايعرف بالجنس الثالث والرابع .. والذي أخذ بالانتشار في العراق، وتحديدا بعد احتلال العراق وانفتاحه على الثورة التكنولوجية والرقمية والفضائية والشبكة العنكبوتية ، فلهذا انتشرت ظاهرة أفواج ـ الطنطات ـ وهم المخنثين ، إضافة للميوعة والاسترخاء، وهما الحالتان اللتان انتشرتا في العراق أخيرا،واللتان تتنافيان مع الثقافة العراقية التي جذورها قبليّة بحكم تركيبة الشعب العراقي.... الخ
و من الظواهر الخطيرة التي انتشرت في العراق بعد احتلال بغداد 2003 م وروجت لها وسائل الإعلام والفضائيات العراقية من خلال تلميع بعض الوجوه والأسماء من المذيعين والمطربين والساقطين والمخنثين و الحقوقيين وأشباه الرجال المحترفين في فنون الدلال والغنج والرومانسية والاتكيت الزائف ممن أصبحوا وأمثالهم قدوة للشباب العراقي بعد الاحتلال الأمريكي / الإيراني !!!.
حيث أن التجنيد الإلزامي لأمثال هؤلاء سيكون البديل عن رقابة الأسرة والمجتمع، ومن الواجب أن يشتمل إلى جانب التدريبات العسكرية على تدريبات نفسية وسلوكية وبدنية لا تبقيهم في المعسكرات و تقضي على طاقاتهم الجبارة في الابتكار والتجديد فيما يشبه العبودية و الأعمال الشاقة وتسخير البشر ،ولكن من خلال مساعدتهم على تحقيق طموحاتهم وأحلامهم في الأعمال التي يميلون لها، ويستفيدون منها على المستوى الشخصي بجانب التدريب ،الذي يجب أن يبنى على أسس عملية سليمة لا تصبح لعبة في يد الظروف كأن تطبق فترة ثم تلغى، وبنفس الوقت لا تغري البعض ليخلق منها حالة ديكتاتورية أو عسكرتاريا ! ،
ولكن يجب أن تتفق مع المنظومات والمواثيق والمعاهدات الدولية والإعلانات العالمية ، من خلال الاستعانة بالخبراء الرفيعين من الوزارات والجهات المعنية والمختصة العربية والأجنبية لشرح وتنفيذ الطرق المتبعة في تنفيذ رؤية وزارة الدفاع ووزارة الداخلية في مسألة تأهيل الشباب بدنيا ونفسيا لتقبل التجنيد قبل الالتحاق بالجيش مع بروز دور وسائل الإعلام والفضائيات لتهيئة الشباب والأسرة لهذه المهمة القومية ،والاستفادة من جوانب القصور في التجنيد الإلزامي السابق من خلال وضع البرامج الصحيحة الواضحة الهدف . . ،
فتنظيم القوانين والابتعاد عن العشوائية في التجنيد من شأنها الإعداد المتكامل لبناء شخصية سليمة للشاب العراقي ، توسع آفاقه ومعلوماته العامة وثقافته و مؤهلاته ويصبح رجل واعي وراقي يمنح مسؤوليات أعظم لحماية وطنه ويكتسب الخبرة والحنكة في تطوير ذاته والمساهمة في بناء مجتمعه وتربية الأجيال القادمة على الصبر والشجاعة والحزم و زرع الأخلاق الكريمة، و صفات الرجال كالتجلد و الكفاح و المثابرة و تهيئتها للدفاع عن النفس والعقيدة وحماية الوطن وكرامته وهيبته ومقدساته ودمائه وأعراضه وأرضه ،
فالجندية وسام غال على صدر من يؤديها بحرص وتنوع وابتكار كونها تنمي الروح القيادية، وتطوير الذات و فيها تعويد النفس على الحزم والتحدي والشجاعة والزهد ، كما أن التجنيد الإلزامي يجعلها تتأقلم مع أصعب الظروف في المستقبل بعكس الرفاهية التي تقضي على الإنسان لدى حدوث أي طارئ قد تحتمه الضرورة في الظروف الراهنة التي يمر بها العراق سياسيا واقتصاديا واجتماعيا .
كما أن التجنيد الإجباري مصنع للرجال ومخرجاته شخصية متزنة متكاملة تحترم القانون، لأن الجزء الأساس من التدريب العسكري هو الانضباط والالتزام والانصياع للأوامر ، كما أن دوره حيوي في ثبات الاقتصاد الوطني وخطة هادفة للقضاء على مشكلة البطالة حيث سيكون دعامة لتحريك خطط التنمية والتطوير والتغير، و لأن جيشاً قوياً يساوي اقتصاداً راقياً، لا يمكن اختراقه ، فإن تجديد دماء الجيش الرسمي أيضا بين فترة وأخرى أفضل من الإبقاء على القيادات الديناصورية والإمبراطوريات العسكرية ،
فنحن نعرف بأن هناك عقدة من (العسكرية) في العراق نتيجة تحويلها إلى أداة لقتل طموح وأمنيات العراقيين، وتحويلهم إلى حطب للحروب والأزمات، وتحديدا في فترة حكم الرئيس الراحل صدام حسين ، ولكنها لم تكن خدمة إجبارية محدودة وهذا أولا ، وكذلك لم تكن دفاعا عن الوطن وخدمة للعلم والتراب، بل كانت خدمة للنظام والدفاع عنه وعلى الأقل كان هذا الرأي سائدا ولا زال في نفوس وعقلية معظم العراقيين!! ... وقطعا نحن نرفض وضد التجنيد الإجباري على طريقة صدام حسين ، بل الذي نطالب به هو التجنيد الإجباري الحميد والنافع والمفيد للشخص وللعائلة والمجتمع والوطن، وضمن أسس علمية وفنية ونفسية عالية المستوى!.
إن التجنيد الإجباري علاج تأهيلي للانحراف السلوكي والأخلاقي حيث يتضمن ممارسة التدريبات الرياضية والعسكرية المختلفة إلى جانب المحاضرات العملية ، والعمل بروح الفريق المتعاون ، فالتدريب الشاق والتعليم المصاحب عمل مرهق يقود للنوم آخر النهار ،و يمنع الشاب من التفكير في أي سلوك خارج عن العادات والتقاليد، فضلا عن اكتسابه اللياقة البدنية العالية والتطوير التدريجي لمهاراته الذهنية .
. إن هذه المعادلة السليمة أثبتتها العديد من النظريات النفسية، والتي تخلص إلى أن التدريبات العسكرية المختلفة تعتبر علاجا للإضرابات النفسية والاجتماعية عند بعض الشباب، وتخفي الاتكالية والاعتمادية الزائدة، وتزرع روح الانتماء والمواطنة الحقيقية .
التجنيد عندما يكون ثقافة وعلم نافع...!
ورغم ذلك فنحن ضد التجنيد الإجباري حين يصبح إهدار لكرامة الفرد ، وحين يساء استخدام المصطلحات والأوامر العسكرية ويخرق القانون العسكري من قبل بعض الضباط في الجيش بحجة (الأقدمية) مثلا . . حيث يعوض البعض (غير المتعلم) أو (شبه المتعلم) ، عقدة النقص هذه لديه ، من خلال التسلط على (الآخر) صاحب الامتيازات والمكانة العلمية و الاجتماعية والاقتصادية الأعلى خارج (البدلة العسكرية) ! ، فلا يحق تحت شعار (العسكرية) أبدا ممارسة الاستبداد وتوجيه الإهانة والإذلال لكريم أو عزيز أو مجند في الجيش، لأن القانون يجب أن يحمي حقوق الجندي و يحترمها مثلما يحمي حقوق السيوف و النجوم الذهبية على الأكتاف.
فالتجنيد الإلزامي مؤسسة حضارية لأيقاظ المواطنة لدى الشباب الذين شبوا على قدر اقل من تحمل المسؤولية تجاه التنمية والإنتاج وتبنوا فكرة الاستهلاكية ، فهو لا يعني أبدا سجن كبير ينضم إليه الشاب ويلقى في داخله صنوف العذاب والهوان والمعاملة غير الإنسانية، فمستقبل الوطن هو مستقبل كل جندي و حمايته له حماية لمستقبله، ولكن يجب أن نراعي دائما كرامة الإنسان واعتزازه بنفسه ولا ننتظر شيئا في ساحة المعركة من جندي استبيحت كرامته وأهينت إنسانيته وسلب شرفه المعنوي ، لذلك ندعو لعودة التجنيد الإلزامي في العراق ،وفق شروط قوية ومعايير صارمة وبيئة مناسبة .
إن ثقافة الدفاع عن الوطن يساء فهمها كثيرا في مجتمعاتنا العربية، فيجب أن يستوعب الجميع بأن المدني يخدم بلده مثل العسكري ، وتجنيد الشباب من حملة المؤهلات العليا كالطبيب مثلا يجند في الميدان كطبيب للاستفادة من خبرته مع الفوج أو السرية التي يعمل بها مع تلقيه التدريبات العسكرية نفسها للدفاع عن وطنه و يطبق النظام على أصحاب الوظائف المدنية أيضا مع مراعاة خصوصية كل حالة وما يمكن للجيش الاستفادة منها ، ولا يبرر أبدا أن يعطى المجند أجرا كالصدقة لا يكفيه ومن يعولهم بحجة (خدمة الوطن) أو (التضحية من أجل الوطن) . . . الخ أو يساوى الطبيب بالجنود الأميين وضباط الصف، فالمجند يبقى إنسان له حقوق على وطنه أيضا، وله مشاريعه الشخصية ومستقبله المهني وطموحاته الذاتية التي يجب أن يساعده وطنه على تحقيقها لا أن يصبح عائقا أمامها ، و يجهضها ، وهو الأمر الذي لا يعني أبدا أن يصبح التجنيد سخرة وعبودية تحت مسمى خدمة الوطن وقد أدرك نابليون بونابرت حاجات جنوده حتى قال " إن الجيش _ أي جيش _يسير على معدته "! .
إن بعض القواعد العسكرية كما نرى اليوم في معظم الدول العربية وضعت لتخالف وتصبح عصا في يد القادة لعقاب المرؤوسين ، فالتلويح بها لن يكون لمخالفة الجندي القوانين أبدا بل لأنه فعل ما يغضب القائد ويختلف مع مزاجه الشخصي حيث أن مخالفتها ممكنه أكثر من محاولة تطبيقها المستحيلة ، فضلا عن أن التقاعس عن تنفيذها يجعل المجند عرضة للعقوبة والجزاء الرادع ، والمشكلة الأسوأ أن بعض القواعد وضعت لحماية القائد الضرورة فحسب وحماية عرشه وزبانيته ليس إلا .
و أسوا من السوء في هذا الشأن إهمال التجنيد الإلزامي للشباب المواطن لتخوف القيادة في بلد ما من حدوث انقلاب مدعوم من الشعب المعسكر ومنعهم من القيام بأي نشاط عسكري رغم أن التدريب الدفاعي مثلا يفتقد لمهام التدريب الهجومية ولا يشكل خطرا على نظام الحكم ، أو على الأقل فمن واجب المواطن على حكومته تلقي تأهيل عسكري طوعي مجاني وتعويضات ماليه أعلى من تلك التي تمنح خلال فترة التجنيد مع إمكانية تطبيق نظام التجنيد الإجباري في حالة ظهور تهديد عسكري ضد الدولة كما هو الحال مثلا في قانون الخدمة العسكرية في السويد، أو كما تفعل الدول الأوربية حيث تدرب الشباب على السلاح، و تهتم بالجانب البدني، وتطور الجوانب الذهنية حيث يلجأ لها وقت الحاجة .
وأخيرا فنحن ضد الابتزاز واستغلال الشعارات المقدسة لخدمة النظم المستبدة باسم الجهاد والتضحية والدفاع عن الوطن والعرض وتكريس فكرة القهر والولاء الاجبارى للنظام والأشخاص والأصنام البشرية لأن الخدمة العسكرية الإجبارية في نظام شمولي مصطلح يخفي تحته عالم استعباد الأحرار وصياغة عهد الرق.
يقول الله تعالى في سورة الأنفال: ((وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ (60) ))
و يقول الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن الرسول صلى الله وعليه وسلم ( علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل ).
أما الفروسية التي لها علاقة بالجندية، فجسدها الأمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، وكرم الله وجهه وعندما أوصى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ـ شهيدا ـ محذرا بني عبد المطلب من الخوض في دماء المسلمين، موصياً ألا يقتل غير قاتله ولا يمثل به، فقد نهى الرسول عن المثلة ولو بالكلب العقور.