في الأدب الألماني يعتبر كارل فريدريش مونشهاوزن «بارون الكذب» بلا منازع بسبب كذباته الشهيرة الممتدة بين الطيران على قنبلة مدفع، ومطاردة أرنب ذي 8 أرجل، وفأسه التي قذفها في حالة غضب إلى القمر. لكن هل كانت كذبات مونشهاوزن البيضاء، التي يتندر بها العالم، محاولات من البارون لبث الفرحة في قلوب الآخرين؟
البروفسور النمساوي بيتر شتيغنتز يقول إن الإنسان يكذب 200 مرة يوميا، كمعدل عام، على الرغم من عدم شعوره بذلك. ومعظم هذه الكذبات «بيضاء» لأن الهدف منها طمأنة الآخرين ومحاولة نشر الأمن والطمأنينة في حياة الشخص نفسه. والرجل يكذب كثيرا حينما يتعلق الأمر بسيارته، في حين تكذب المرأة أكثر حينما يتعلق الأمر بسنها وجمالها. ويحاول الإنسان يوميا كبت أو إخفاء 50 في المائة من مشاعره أو مواقفه لتحاشي إثارة الآخرين أو تجنب تعريض نفسه للمتاعب أو للخسائر، وذلك سواء بإبداء العواطف الكاذبة تجاه كلب الجار، أو بيع سيارة لصديق والادعاء أنها لم تتعرض لحادثة مسبقا، أو امتداح عزف الابنة على البيانو أو التلذذ بطبخ الزوجة أو الحبيبة.
وحسب البروفسور، تكون الكذبة «أنصع من البياض ولطيفة» حين يجيب الزوج عن سؤال زوجته: حبيبي هل تجد أن وزني زاد؟ فالكذبة البيضاء بالنسبة إليه «عامل اجتماعي إيجابي» يحافظ على السلام الداخلي داخل وخارج البيت. تعليق شتيغنتز وشرحه وردا في محاولته تحليل نتائج استطلاع للرأي بين الألمان أجراه بمساعدة معهد «أمنيد» لاستطلاعات الرأي. وشمل الاستطلاع عينة من 1000 ألمانية وألماني وطرح عليهم سؤالا مهما: متى تشعر بأن الكذب خيار لا بأس به؟
وردا على السؤال المذكور أعلاه عبر الألمان عن رأيهم بالنسب التالية: 55 في المائة قالوا إنهم مستعدون للكذب لإنقاذ صديق من ورطة، و35 في المائة عند الإطراء على شيء أو شخص ما، و35 في المائة أيضا لإنقاذ العائلة من التحطم، و19 في المائة من أجل دفع ضرائب أقل، و19 في المائة أيضا للحصول على علاوة أو ترقية في العمل، و18 في المائة لتفادي عقوبة ثقيلة أمام المحكمة.
أما نسبة الذين رفضوا الكذب بالمطلق، تحت أي ظرف من الظروف، فلم تتعد 14 في المائة، في حين فضل 6 في المائة ألا يجيبوا عن السؤال أساسا. ويعتقد البروفسور شتيغنتز أن أولئك الذين رفضوا الإجابة عن السؤال ربما هم الذين يكذبون أكثر من الجميع.