على خلفية شبكة التجسس..
أزمة صامتة بين طهران والكويت ونواب يطالبون بطرد السفير الإيراني
الكويت: ذكرت تقارير صحفية أن بوادر أزمة صامتة بدات تلوح في الأفق بين الحكومتين الإيرانية والكويتية وذلك على خلفية قضية تفكيك أجهزة الأمن الكويتية شبكة تجسس تعمل لمصلحة الحرس الثوري الإيراني.
وسيطرت هذه القضية لليوم الثالث على التوالي على المشهد الكويتي، خاصة بعد الكشف عن معلومات جديدة تمثلت في اعتقال عسكري كويتي في وزارة الدفاع يعمل في إحدى الإدارات الحساسة بعد مداهمة منزله بمنطقة الأحمدي، حيث عثرت أجهزة الأمن على أسلحة وأجهزة تنصت حديثة، فضلا عن أجهزة تخابر متطورة.
وقالت مصادر مطلعة لصحيفة "القبس" الكويتية إن العسكري اعتقل بعد عملية مشتركة بين المباحث الجنائية وامن الدولة. وأظهرت اعترافاته الأولية انه اوكلت اليه مهمة الاتصال المباشر بضابط ارتباط الخلية في ايران، كما كان يتلقى المعلومات من اللبناني الموجود خارج البلاد والذي وصف بأنه ممول الشبكة.
اما عن اعترافات بقية افراد الشبكة الموقوفين، فقد دلت على ان المهمة الموكلة اليهم هي رصد تحركات القوات الأمريكية في البلاد وتصوير المواقع الحساسة، سواء العسكرية او الحيوية، فضلا عن تصوير اسلحة معينة يمتلكها الجيش الكويتي ورصد مواقعها. ونفى اعضاء الشبكة عزمهم القيام بأي اعمال تخريبية داخل البلاد
يأتي هذا في الوقت الذي طالب فيه عدد من النواب الكويتيين سلطات بلادهم بطرد السفير الإيراني في الكويت، وذلك في الوقت الذي نفت فيه السفارة الإيرانية في الكويت أي ارتباط بينها وبين الشبكة التي تم القبض عليها، واصفة الاتهامات بأنها لا أساس لها من الصحة، وأنها تأتي في سياق الحرب النفسية ضد طهران.
في سياق متصل، أشادت كتلة التنمية والإصلاح بدور الأجهزة التي ساهمت في تفكيك الشبكة، ودعت الحكومة إلى عدم المجاملة على حساب أمن البلد . واعتبر الناطق الرسمي باسم الكتلة فيصل المسلم أن الكشف عن الشبكة يوضح حقيقة المخاوف السابقة التي حذرت منها الكتلة بأن الكويت مستهدفة . واستغرب الصمت الحكومي على الرغم من نفي إيران . وطالب بسرعة كشف تفاصيل القضية والتحقيقات.
وحسبما ذكرت صحيفة "الخليج" الإماراتية في عددها الصادر اليوم الاثنين، أشاد عضو الكتلة النائب وليد الطبطبائي بيقظة رجال الأمن، وحذر من أن الخطاب الإيراني يتسم في الفترة الأخيرة بالعدوانية والأطماع في الخليج العربي، وعبّر عن الأسف أن تقوم دولة بالتجسس على أخرى .
بدوره، شبه النائب محمد هايف الحال التي تعيشها السياسة الكويتية بالحال التي عاشتها قبل الغزو العراقي، وحمّل النواب المسؤولية الوطنية، ودعا إلى وقف كل الاتفاقيات مع إيران، وجدد مطالبته بسحب السفير الكويتي من إيران، وطرد سفيرها من البلاد، كخطوة أولى في الاتجاه الصحيح .
من جانبه، أكد النائب مبارك الخرينج انه سيكون له موقف تحت قبة عبدالله السالم, وقال: "لن نسكت عن الحق, ولا يمكن ان نجامل على حساب امن الوطن, لأن الساكت عن الحق شيطان اخرس", لافتا الى ان موقفه سيبنى في ضوء رأي وزارة الداخلية, وبناء على تقييمها للأوضاع.
أما النائب شعيب المويزري فقد دعا إلى التأكد وتقديم الأدلة، وإذا ثبتت فلا بد من أن تتصرف الحكومة بحزم، وأن تطلب من السفير الإيراني مغادرة البلاد.
إلى ذلك، قالت مصادر أمنية مطلعة لصحيفة "الجريدة" الكويتية: إن "التحقيقات التي تجريها أجهزة الأمن مع المتهمين في خلية الحرس الثوري الإيرانية، كشفت أن عمر الخلية في الكويت أكثر من سنة، وأن تجنيدهم تم من قبل الحرس الثوري الإيراني"، مبينة أنهم "قاموا خلال هذه الفترة بإرسال العديد من المعلومات عن المواقع العسكرية الكويتية والأميركية إلى قيادات الحرس الثوري".
وأضافت المصادر أن "المتهمين سعوا خلال فترة عملهم إلى تجنيد المزيد من العناصر المنتسبين إلى وزارتي الدفاع والداخلية من خلال إغرائهم بالأموال وإعطائهم منازل ومعاملتهم معاملةً خاصة في إيران'، مشيرة إلى أن 'المجندين تلقوا مكافآت نظير انضمامهم إلى الخلية".
يذكر أن الخلية التي فُكِّكَت في الكويت، على حد قول المصادر، تضم كويتيين وغير محددي الجنسية وعرباً وإيرانيين، اعتقل منهم سبعة متهمين بينهم ضابط برتبة رائد في وزارة الداخلية، وضُبطت معهم مخططات لمواقع عسكرية مصورة وكشوف بأسماء ضباط وعسكريين وكشوف بكميات الأسلحة التي تحتفظ بها الكويت، إضافة إلى 250 ألف دولار ومراسلات وكمبيوترات وأجهزة اتصالات خاصة بالأقمار الصناعية.
"حزب الله"
في هذه الأثناء، ذكرت صحيفة "السياسة" الكويتية في عددها الصادر اليوم الاثنين، أن استخبارات الجيش مازالت تحتجز أعضاء "خلية التجسس" الذين تم ضبطهم في عدد من مناطق البلاد, وكشفت مصادر امنية النقاب عن مساعٍ حثيثة قام بها احد اعضاء مجلس الامة للتوسط بهدف اطلاق سراح احد المتهمين في القضية, لكن طلبه قوبل بالرفض القاطع, مشيرة الى ان مخططات الخلية تضمنت مراقبة قصر السيف ومعسكر عريفجان والمطار الدولي وميناء الشعيبة.
وقالت المصادر: ان "أجهزة الأمن عثرت مع أفراد الخلية على صور لميناء الشعيبة, التقطت خلال زيارة وفد ايراني الى الميناء العام الماضي", ونوهت الى ان "افراد الخلية كانوا يقطنون اربع مناطق, هي: بنيد القار, الرميثية, الصليبية, والاحمدي", مشيرة الى ان اجهزة الامن الكويتية تجري اتصالاتها حاليا مع السلطات اللبنانية بشأن ثلاثة من اعضاء الخلية فروا الى هناك.
ونقلت "السياسة" عن مصدر أمني رفيع، قوله أن "ثلاثة من أعضاء الخلية ينتمون الى تنظيم "حزب الله" اللبناني, ما يعني ان خيوط الشبكة تمتد ما بين (طهران - الضاحية الجنوبية - الكويت).
على الصعيد النيابي آثر رئيس مجلس الامة الكويتي جاسم الخرافي عدم التعليق على المعلومات التي كشفت عن "خلية التجسس" قبل صدور بيان حكومي رسمي حول الموضوع, معربا عن امله بألا تكون المعلومات عن هذه الشبكة صحيحة.
وقال الخرافي في تصريح الى الصحافيين امس "كلي امل بألا يتواجد لإيران او لأي دولة اخرى مثل هذه الخلايا", ونوه بالعلاقات الايرانية - الكويتية المتميزة, "الامر الذي لا يتطلب على الاطلاق تواجد اي خلايا من شأنها التأثير على هذه العلاقة".
إلى ذلك، كشف مقرر لجنة الداخلية والدفاع النائب شعيب المويزري عن توجه لجمع التواقيع النيابية لعقد جلسة خاصة تناقش تفعيل جهود اعادة الهيبة للمؤسسات الامنية وافراد الامن. وقال: "اذا ثبت بالفعل وجود خلية تجسس فلابد ان تتصرف الحكومة بحزم وان تطلب من السفير الايراني مغادرة البلاد, فلا نقبل من السفارة الايرانية, ولا من اي سفارة اخرى ان تمس امن البلاد".