مفهوم العمل الصالح
الحمد لله رب العالمين خلق الجن والإنس لعبادته وأمرهم بتوحيده وطاعته وخص أهل طاعته بالهدى والسداد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له تنزه عن الشركاء والأنداد وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله سيد العباد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أولي الخير والرشاد وسلم تسلميا كثيرا .. أما بعد
فاتقوا الله أيها المسلمون اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم اتقوا الله واعملوا صالحا ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) .
أيها الأخوة
العمل الصالح هو قرين الإيمان فالإيمان والعمل الصالح قرينان لايفترقان بل إن العمل الصالح هو الإيمان .
والعمل الصالح ميدانه واسع ومفهومه شامل يشمل أعمال القلوب والجوارح والظاهر والباطن ، وأن من الأعمال الصالحة مايمتد إلى ما بعد الممات من الصدقة والذرية الصالحة والعلم ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له ) رواه مسلم .
والعمل الصالح بشتى أنواعه وألوانه يحفظ على المرء دينه وعرضه ويكسب الحياة المطمئنة ويقوده إلى الخير وراحة البال والسعادة في الدنيا والآخرة ويخرجه من الخسارة إلى الربح ومن الشقاوة إلى السعادة .
والعمل الصالح يشمل كل ما يتصرفه العبد في الدنيا إذا نوى به النية الصالحة فالنوم عمل صالح إذا نوى به التقوى على الاستيقاظ للصلاة والأكل والشرب إذا نوى به التقوي على العبادة صار عملا صالحا إنفاقه على نفسه وعلى أولاده وزوجته إذا نوى به الكفاف أصبح عملا صالحا .
فإذا يجب على كل مسلم أن يبتغي وجه الله في كل تصرفاته وفي كل ما يأتي وما يذر لأنه عبد لله تعالى وفقير إليه سبحانه وتعالى .
وقد أمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام بذلك فقال ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له وبذلك أمرت ... ) .
والأعمال الصالحة كثيرة وواسعة في أعمال بدنية وقلبية ولسانية ومالية فالشهادتان والصلاة والزكاة والصوم والحج في مقدمة الأعمال الصالحة ، وبقية الفرائض والواجبات والمندوبات والمستحبات من الأعمال الصالحات .
وفي الحديث ( الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملأن أو تملأ مابين السموات والأرض ) والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقران حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ) .
وإن شئتم مزيدا من الأعمال الصالحات فالجهاد في سبيل الله وعيادة المريض وإتباع الجنائز والتعاون على البر والتقوى ومساعدة الآخرين وقضاء حوائجهم وأعمال اللسان بابها كبير الذكر والدعاء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم العلم والإصلاح بين الناس والقول الطيب ) .
وأعمال القلب ميدانها واسع من الإيمان بالغيب والحب في الله والبغض في الله والغضب والرضا والخوف والرجاء والتوكل والإنابة والخشية والصبر والتذلل لله سبحانه وتعالى وكل مايفعله القلب ويشغله فهو عمل صالح فالنية محلها القلب والمال في يد الرجل الصالح يسخّر للعمل الصالح من الزكاة والصدقة والهدية والوقف والوصية ومساعدة الآخرين .
أيها الأخوة
من هذه الدائرة الواسعة للأعمال الصالحة فإن صاحب المال ينفع بماله وذو النفوذ يفيد من نفوذه ورب الجاه ينفع بجاهه .
ومن هذا المفهوم للعمل الصالح يستكثر المسلم من الأعمال الصالحة ويعيش في دنياه مكثرا من العمل الصالح .
فإذا كان كف الأذى صدقة ، فغيره من الأعمال أولى إذا أحسنت النية وقصد بها وجهه سبحانه وتعالى .
ومن هذا المفهوم نعلم أن العمل الصالح عير محدد بزمن ولامكان ولاشك أن الأزمان والأماكن الفاضلة لها أثرها لكن العلم الصالح مستمر طوال حياة الإنسان .
أيها الأخوة
إن المسلم الحق هو الذي يَجدُ في نفسه القدرة على كل عمل صالح ولايُمضي وقتا من حياته إلا بعمل صالح يقربه إلى مولاه .
والمسلم الحق هو الذي لايترك مجالا من مجالات العمل الصالح إلا أخذ منه بحظ وافر ونصيب كبير .
وليحرص المسلم أن يحقق معنى العمل الصالح ، فالعمل لايكون صالحا إلا إذا توفر فيه شرطان أساسيان الإخلاص لله والمتابعة لنبي الله عليه الصلاة والسلام ، وليكن لهذا العمل الصالح أثرا في حياته وسلوكه .
أيها الأخوة
إن من حكمته سبحانه وتعالى أن نوّع العمل الصالح لعباده ليكون أنشط لهم في أدائه .
فاحرصوا على العمل الصالح وتسابقوا في مضماره قال الله تعالى ( فاستبقوا الخيرات ) ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا ) ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة ) ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة ) ( أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ) .
منقول عن /
د.أحمد بن صالح الطويان