القرآن الكريم فيشير إليها في مواضيع شتى متفرقة رابطا قصتها بقصة سيدنا موسى عليه السلام. (((وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا آو نتخذه ولدا))). وقد ذكرت بعض المصادر نسبها: هي آسية بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد الذي كان فرعون مصر في زمن يوسف عليه السلام.
وذهب آخرون أنها من بني إسرائيل من سبط موسى وحكي السهيلي في الروض الأنف أنها عمته اى موسى . ولم يشر إليها ابن الأثير في كتابة الكامل إلا أنها آسية بنت مزاحم وهي امرأة فرعون.
وفي قصص الأنبياء للثعلبي: روى قصة مقتلها ولم يتتبع إلى نسبها إلا أنها آسية بنت مزاحم قال: إن آسية بنت مزاحم امرأة فرعون كانت من بني إسرائيل. وكانت مؤمنة مخلصة تعبد الله سرا ولكن كيف آلت هذه الفتاة المسلمة المؤمنة إلى كنف هذا الجبار الطاغية الكافر ؟
وكيف صارت زوجا له مع فارق الدين ؟؟!! إن في بعض الكتب والروايات تقول وهي لا تسلم من تناقضات. إن فرعون خطب آسية إلى أبيها وكانت ذات جمال رائع وقد وصفت له فشق ذلك على أبيها وضاق ذرعا بهذا الطلب ولكنه لم يستطع أن يرفض طلب هذا الطاغية
وقيل أيضا أن أبا آسية رفض بادئ الأمر ولكن فرعون إصر وساق له مهر ابنته وتزوجها.
وفي رواية للسدي: إن أبا آسية رأى في منامه قبل أن تولد آسية كان جوهرة في حجره فأتى غراب فانقض عليها ولما ذهب إلى المفسرين قالوا له: تولد لك جارية وتكون تحت رجل كافر. وكان إن تزوجها فرعون.
وعندما أراد فرعون أن يقتل موسى وهو طفل رضيع قد وضعته أمه في التابوت وقذفت به في نهر النيل فأخذه الموج إلى قصر فرعون فرأينه جواري فرعون وأخذنه إلى سيدتهن وفي حسابهن أن به مال من الذهب والجواهر.
وفتحت آسية التابوت فوجدت به الفلاح ينظر إليها بابتسامة والقي الله محبته في قلبها. وهم فرعون بقتله فقالت آسية قرة عين لي ولك لا تقتلوه قال فرعون: قرة عين لك أنت أما أنا فلا حاجة لي به.
وهنا ما يعنينا في هذا المجال هو قصة حياتها في بيت فرعون ثم مقتلها رضي الله عنها . تشير الروايات المتناثرة في كتب التاريخ القديمة على أن آسية عاشت في قصر فرعون عيشة الترف والنعيم ولكن هذه العيشة لم تبعدها عن الله عز وجل فقد كانت مؤمنة تكتم إيمانها خوفا من فرعون.
وتزعم المصادر إن فرعون لم يستطع الاقتراب منها لقضاء حاجته الزوجية فقد عصمها الله منه فكيف وهى المسلمة المؤمنة وهو الطاغية الكافر فرضي بالنظر إليها.
وقد عاشت في قصر فرعون تعبد الله سرا وكانت على هذه الحال إلى أن قتل فرعون امرأة حزقيل الماشطة وكانت الأخرى مؤمنة تكتم إيمانها فقد روي بينما كانت الماشطة تمشط ابنة فرعون آذ سقط المشط من يدها فقالت بسم الله. فقالت ابنة فرعون ابي فقالت الماشطة بل ربي ورب أبيك ورب العالمين.
فغضبت ابنة فرعون واخبرن فرعون أباها بذلك واحضر الماشطة فسألها؟
وقالت : نعم اننى مؤمنة باله موسى. فأمر بها فرعون فمدت على أربعة أوتاد وما زالت تعذب حتى ماتت.
وكانت آسية متطلعة من نافذة في قصر فرعون تنظر إلى الماشطة امرأة حزقيل كيف تعذب وتقتل وكانت آسية تعتصر ألما وحزنا على الماشطة فلما قتلت الماشطة عاينت آسية الملائكة وقد عرجت بروحها لما أراد الله تعالى من كراماتها وما أراد لها من الخير فازدادت يقينا بالله وتصديقا فبينما هي كذلك إذ دخل عليها فرعون وجعل يخبرها بخبر الماشطة امرأة حزقيل وما صنع بها. فاستشاطت آسية غضبا وقالت: الويل لك يا فرعون ما أجرأك على الله تعالى. فقال لها: لعلك قد اعتراك الجنون الذي اعترى صاحبتك ؟ فقالت: ما اعتراني جنون ولكنى آمنت بالله ربى وربك ورب العالمين. فغضب فرعون منها. وضاق ذرعا بما بدر من زوجته آسية.
وحاول أن بثنيها عن رأيها وبعث إلى أمها كي ترجعها إلى رشدها حسب زعمه. ولكنها كانت قوية الإيمان بالله ربها. ولما لم تفلح محاولاته فيها أمر بها فمدت بين أربعة أوتاد، عندما كانت تعذّب انزل الله عليها الملائكة تريها منزلتها ومكانتها في الجنة ، فكلما ازداد العذاب ازدادت ابتسامتها وفرحتها بما تراه من منظر في الجنة ، فكان الحرّاس يستغربون من الأمر فيسألونها ما بك تضحكين وتفرحين فإذا بها تقول إني أرى منزلتي ومكانتي في الجنة.
ثم ما زالت تعذب حتى لقيت وجه ربها. قال تعالى: (وفرعون ذي الأوتاد) وقد روى لنا القرآن الكريم قصتها: (((وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون اذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجنى من فرعون وعمله ونجنى من القوم الظالمين(((.
ويكفينا أن نقول: أن اسمها جاء مقرونا مع مريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهن وأرضاهن . فقد جاء في الحديث ما أخرجه الشيخان. عنه صلى الله عليه وسلم. خير نساء العالمين مريم ابنة عمران وآسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وقال صلى الله عليه وسلم: (حسبك من نساء العالمين أربع مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد). وقد بشر سبحانه وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأن يزوجه في الجنة بمريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم رضي الله عن آسية بنت مزاحم المؤمنة المخلصة التي أحضنت سيدنا موسى عليه السلام ورعته في طفولته وصباه والتي اختارها رب العالمين أن تكون إحدى زوجات نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة.