هل
تعرف
اليتيم؟
نعم، هل تعرف ذاك الإنسان الضعيف الذي فقد ظهيره ونصيره بعد الله
تعالى،فقد أباه الذي يرعاه بالعطف والحنان، يرعاه بحب
خالص من شوائب الأنانية والمصلحة الخاصة، مع استعداد للتضحية
والعطاء والفداء، وحرص شديد علىإبلاغه
مبلغ الرشد والكمال والنضج والقوة.
غير اليتيم يرعاه أبواه، يعيش في كنفهما تظلله روح الجماعة، يفيض
عليه والديه من حنانهما، ويمنحانه من عطفهما.
أمَّا اليتيم فقد فَقَدَ هذا الراعي، ومال إلى الانزواء والعزلة،
ينشد عطف الأبوة، ويرنو إلى من يمسح رأسه ويخفف بؤسه.
إنَّه بوضوح واختصار: يتطلع إلى من يُنسه مرارة اليتم وآلام
الحرمان.
النصوص
القرآنية التي تعرَّضت لأحوال اليتامى
جعل
الإحسان إلى اليتامى من البر:
قال تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن
تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِوَالْمَغْرِبِ
وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى
الْمَالَعَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ
وَابْنَالسَّبِيلِ وَ السَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ } البقرة/117
الأمر
بالإحسان إلى اليتامى وإصلاح أحوالهم:
قال تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ
شَيْئًاوَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي
الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي
الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ
وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} النساء36
أن
الإسلام جعل لليتيم حقاً في أموال الغنائم
والفيء:
قال تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ
لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي
الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ } الأنفال/41
وقال: {مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَىرَسُولِهِ مِنْ
أَهْلِ
الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ
(الحشر7
إكرام
الله
عزّ وجل لليتامى ونعيه على من لم يكرمهم:
قال
تعالى:
{كلا بَل لاّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ}الفجر17.
وقال
تعالى:
{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى* وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلاً
فَأَغْنَى * فَأَمَّا الْيَتِيمَ فلا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فلا تَنْهَرْ * وَأَمَّا
بِنِعْمَةِ رَبِّكَفَحَدِّثْ}
(الضحى6ـ11
إن
حَسْبَ
اليتامى أن يكون أسوتهم محمد صلى الله عليه وسلم،.
وحسب الأوصياء أن يعلموا أنَّ اليتيم محمد صلى الله عليه وسلم قد
رعاه ربه وتولاه، فآواه وهداه.
ترتيب
الجزاء العظيم لمن أكرم اليتيم:
قال
تعالى:
{إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا
كَافُورًا *عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَ اتَفْجِيرًا
* يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ
مُسْتَطِيرًا
* وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًاوَيَتِيمًا
وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَانُرِيدُ
مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَايَوْ
مًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ
الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُم بِمَا
صَبَرُواجَنَّةً وَحَرِيرًا} الإنسان5 ـ 12
وقال
تعالى:{فلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا
الْعَقَبَةُ * فَكُّ
رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًاذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ
مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ}
سورة البلد11 ـ 16
بعض
نصوص
السنة
عن
سهل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا" وأشار
بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً
(رواه
البخاري).
قال ابن بطال: "حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون
رفيق النبي صلى الله عليه
وسلم في الجنة، ومنزلة في الآخرة أفضل من ذلك".
عن
أبي
أمامة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مسح رأس يتيم
لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرَّت عليها يده
حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في
الجنة كهاتين" وفرَّق بين إصبعيه السبابة والوسطى
(رواه
أحمد).
نعم،
امسح
رأسه، اقترب منه، ابتسم له، طيِّب خاطره، أدخل البهجة على روحه
الظامئة بكلمة باسمة.
إنَّ
العلاقات الإنسانية تحقق كل مجد لها حين تضفي على هذا اليتيم المحروم
من حنانها ودفئها.
عن
أبي
هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم إني
أحرج حق الضعيفين، اليتيم والمرأة" (رواه أحمد
وابن ماجه(
فهذا
تحذير
بليغ وزجر شديد بإلحاق الإثم بمن ضيَّع حق اليتيم والمرأةلِمَ
لأنَّهما ضعيفان إذاً هما بأمس الحاجة إلى من يقف معهما مدافعاًومناصراً.
قال
الرسول
صلى الله عليه وسلم :
(من عال ثلاثة من
الأيتام كمن قام ليله وصام نهاره وغدا وراح شاهراً
سيفه في سبيل الله ،وكنت أنا وهو في الجنة أخوين كهاتين أختان وألصق إصبعيه
السبابة والوسطى
) رواه إبن ماجة(
قول
النبي
صلى الله عليه وسلم للسائب بن عبدالله: "يا سائب، انظر أخلاقك
التي كنت تصنعها في الجاهلية فاجعلها في الإسلام. أقْر
الضعيف، وأكرم اليتيم، وأحسن إلى جارك" (رواه أبو
داود وصححه الألباني(
هذا
ببعض
الأمثلة التطبيقية من النبي صلى الله عليه وسلم:
فمن ذلك ما فعل بأولاد أبي سلمة عبدالله بن عبد الأسد بن هلال
المخزومي - رضي
الله عنه - الذي مات سنة 4هـ عن أولاد صغار، وعن زوجته الكريمة
أمسلمة- هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية - فيتم
الأطفال، وترملت المرأة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم بكفالتهم جميعاً كما يكفل
أبناءه.
و لما علم بانقضاء عدة أم سلمة - رضي الله عنها
- أرسل إليها يخطبها ليكفلها وأولادها، وقال لها لما
أرادت أن تعتذر إليه بغيرتها وكثرةصبيانها: "أما
قولك: غيرى، فسأدعو الله فتذهب غيرتك، وأما قولك: فإنيامرأة مصبية فستكفين صبيانك" (رواه النسائي) فرضيت
وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وعال أيتامها.
فهكذا
كان
النبي صلي الله عليه وسلم يعني بالأيتام بنفسه الشريفة، ليكونأسوة
للأمة في العناية بهم وجبر كسرهم وسد عوزهم، فإنها مأمورة بالتأسي به
صلي الله عليه وسلم، وفعله شرع لها، وهي
مسؤولة عنه إن هي فرطت في أتباعه فيه، لا سيما من يلي
أمر الأمة من خلفائه بعده، فإن عليهم أن يفعلوا ماكان النبي صلي الله
عليه وسلم يفعله من الكفالة والإعالة للأيتام؛ لأنهم
نوابه في رعاياهم من بعده، وذلك من مقتضيات ولاياتهم وواجبات
خلافتهم،التي ائتمنهم الله تعالي عليها.
ولنا
في
الصحابة أسوة فقد كان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ لا يجلس على طعام
إلا على مائدته أيتام.
_ولما
جيء لعمر بن عبدالعزيز بغلام شج ابنه وكان هذا الغلام يتيماً
فلماسمع عمر الجلبة خرج فإذا أمه تقول إنه يتيم
فقال لها عمر هوني عليك ثم قالعمر: أله عطاء في الديوان؟ قالت: لا، قال عمر: فاكتبوه
في الذرية، فقالتامرأته فاطمة: أتفعل هذا وقد شج ابنك وفعل وفعل ولعله في المرة
الثانيةيشجه·· فقال لها: ويحك إنه يتيم وقد
أفزعتموه، ذكره ابن كثير في البدايةوالنهاية·
_وقد قال
زيد بن أرقم رضي الله عنه: كنت يتيماً في حجر عبدالله
بن رواحة فلم أر والي يتيم خيراً منه وذكر من شأنهما
ذكر·
فوائد
كفالة
اليتيم
- كفالة اليتيم من قبل المسلم تؤدي إلى
مصاحبة الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة وكفى
بذلك شرفا وفخرا
-كفالة
اليتيم والإنفاق عليه وتربيته والعناية بهتدل على طبع سليم وفطرة نقيةوقلب
رحو
-المسح على
رأس اليتيم و تطييب خاطرة تؤدي إلى ترقيق القلوب وتزيل القسوة
عنه
تعود
على
صاحبها بالخير الجزيل والفضل العظيم في الحياة الدنيا فظلا عن
الآخرة قال تعالى هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) الرحمن
الآية
6
- تساهم في بناء مجتمع خال من الحقد
والكراهية وتسود فيه روح المحبةوالمودة
- إكرام اليتيم والقيام بإمرة ورعايته
والعناية به وكفالته إكرام لمنشارك الرسول صلى الله عليه
وسلم في صفة اليتم ، وفي هذا دليل على محبته صلى الله عليه وسلم
- كفالة اليتيم من الأخلاق الحميدةالتي
أقرها الإسلام وامتدح أهلها
- كفالة اليتيم تزكي مال المسلم وتطهره
وتجعل هذا المال نعم المال الصاحب للمسلم
- في كفالة اليتيم بركة عظيمة تحل على
الكافل وتزيد في رزقه
- كفالة اليتيم تجعل البيت الذي فيه
اليتيم خير البيوت كما قال صلى اللهعليه وسلم خير بيت
المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه ) رواه ابن ماجه
- في كفالة اليتيم حفظ لذريتك من بعدك
وقيام الآخرين بالإحسان إلى ايتامك قال تعالى وليخش
الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافواعليهم فليتقوا الله وليقولوا
قولا سديدا)النساء
الآية 9
- استغلال صرف المال والوقت في عبادة
من عبادات الله
- أن الله يخلف على الكافل في الدنيا
والآخرة ، وسعة في الرزق . فورد عن النبي صلى الله عليه وسلم
انه قال ما من يوما إلا ينادي فيه ملكين يقولالأول :اللهم أعطى منفقا
خلفا ويقول الأخر:اللهم أعطى ممسكا تلفا)
- إن كفالة الأيتام
تحفظهم بعد الله من الانحراف
- في كفالة اليتيم كسب للحسنات ومحي
للسيئات