بسم الله الرحمن الرحيم
الإحسان
لايمكن أن أسمي الكريم كريماً حتى تستوي عنده صدقة السر وصدقة العلانيه ولا
الرحيم رحيماًحتى
يبكي قلبه قبل أن تبكي عيناه .
فهذان عنصران من جملة عناصر إذا تضامنت معهما بقية العناصر سميت جميعاً
الضمير والضمير مرادف للخلق إذن فالخلق هو : شعورالمرء أنه مسؤل أمام ضميره
عما يجب أن يفعل .
ومما بلغني أن أمرأة بائسه وقفت ليلة عيد على باب احد المحلات تود ان تشتري
لوحيدها حلة فوقع نظرها على حلة ابتهجت برؤيتها ابتهاجاً عظيماً لا لانها
غريرة بلها يبهجها ما يبهج الصبيان بل لأنها كانت تنظر بعين ولدها الصغير
الذي تركته في منزلها بعد أن وعدته بحلة العيد فأخذت تساوم البائع ساعة
والرجل يغالي به مغالاة شديده حتى علمت أن يدها لاتستطيع الوصول إلى ثمنه
وأنها لاتستطيع العودة بدون ماوعدت به صغيرها فساقتها الضرورة التي
لايقدرها إلا من حمل بين جنبيه قلباً كقلب الأم أن تغافل البائع أثناء
انشغاله بالزبائن الآخرين وتمد يدها إلى الحلة فتسرقها من حيث تظن أن
البائع لايراها ولايشعر بمكانها ثم رجعت ادراجها وقلبها يخفق خفقتين خفقة
الخوف من عاقبة فعلتها وخفقة السرور بحلة العيد الجميله التي ستقدمها بعد
قليل إلى وليدها.
وكان البائع من اليقضه وحدة النظر بحيث لاتفوته شاردة ولا واردة بما يجري
في دكانه فمابرحت
مكانها حتى تبعها يترسم موقع أقدامها حتى عرف مسكنها ثم تركها وشأنها وذهب
إلى الشرطه فجاء وبرفقته جنديين للقبض عليها وصعدوا إلى الغرفه التي تسكنها
ففاجاؤها وهي جالسة بين يدي ولدها
تنظرإلى فرحه وابتهاجه بحلته الجديده نظرات الغبطة والسرور فهجم الجنديان
على الأم فعتقلاها وهجم الرجل على الولد فنتزع الحلة من يديه فصرخ الولد
صرخة عظمى لا على حلته بل على أمه
المرتعدة بين يديه وكانت كلمة نطق بها وهو جاثم بين يدي الرجل :رحماك بأمي
ياسيدي وظل يبكي بكاءا شديداً، جمد الرجل أمام هذا المنظر المؤثر واطرق
أطراقا طويلا وأنه لكذلك إذ سمع أغاني العيد من منزل مجاور فانتفض أنتفاضة
شديده وصعب عليه أن يترك هذه الأسرة حزينه منكوبه في اليوم الذي يفرح فيه
الناس جميعاً فالتفت إلى الجنديين وقال لهما أظن أني اخطأت في أتهام هذه
المرأه فأني ولاشك قد اضعت المنزل المقصود فانصرفا لشأنهما والتفت هو إلى
الولد وأستغفره ذنبه
اليه وإلى أمه ثم مشى إلى الأم واعتذر إليها خشونته وشدته فشكرت له فضله
ومروءته وجبينها يرفض عرقاً حياء من فعلتها ولم يفارقهما حتى أسدى اليهما
من النعم ما جعل عيدهما سعيداً وأهنا مما كانايظنان .
لاتاتي ليلة العيد حتى يطلع في سماها نجمان مختلفان نجم سعد ونجم نحس:
الأول فللسعداء الذين اعدوا لانفسهم صنوف الملابس والهدايا لهم ولولادهم
ولاضيافهم من صنوف المأكولات والمشروبات فناموا ليلتهم نوما هادئاً تتخلله
ألأحلام الورديه.
أما الثاني فللأشقياء الذين يبيتون ليلتهم على مثل جمر الغضاء يئنون في
فراشهم أنيناً تتصدع له القلوب وتذوب له الصخور حزناً على أولادهم الواقفين
بين أيديهم يسألونهم بألسنتهم وأعينهم ماذا
أعدوا لهم في مثل هذا اليوم من ثياب يفاخرون بها اندادهم.
فهل لأولئك السعداء أن يمدوا أيديهم إلى هؤلاء الأشقياء ولو بالنذر اليسير
من البر والأحسان
إن مجتمعاً فيه رجالاً ونساء لايؤمنون بالله ورسله وبأياته وكتبه ويحملون
بين جنباتهم قلوباً تخفق بالرحمه والحنان لايستطيع أي منهم أن يمنع عيناه
من البكاء ولا قلبه من الخفقان عندما يرى في العيد وهو في طريقه إلى مسجده
لصلاة العيد او منصرفه من زياراته طفلة مسكينه بالية الثوب كاسفة البال
دامعة العين تتوارى من العيون خجلا من اثوابها وصواحبها أن تقع أنظارهن على
بؤسها وفقرها.
وهنا أقول: حسب البؤساء من محن الدهر أنهم يقضون حياتهم في سجن مظلم من
بؤسهم وشقائهم
فلا أقل من أن يتمتعوا برؤية أشعة السعاده في كل عام مره او مرتين.
،،،،،،،،،،،،،،
مع أرق واجمل تحياتي
خالد_قناف