تمضي الأيام وتتعاقب الأزمنة ويبقى صعيد مصر محتفظا بأسرار روعته، ويظل حقبة مهمة لا يمكن أن يتجاوزها التاريخ، حيث شهد ميلاد أعرق حضارة عرفتها الإنسانية، ومهما أعمل الباحثون جهدهم فإنه يظل لغزا محيرا بالنسبة لهم.
فرغم الاكتشافات الكثيرة التي ملأت جوانب المتحف المصري والعديد من المتاحف حول العالم إلا أن أرض صعيد مصر ما زالت تحمل المزيد من كنوز الفراعنة يعثر عليها بالصدفة المحظوظون وأحيانا المنقبون الباحثون عن الثراء السريع الهائل.
وصعيد مصر يعتبر مادة خصبة تتسع لآلاف الحكايات والكتابات والدراسات، ولعل هذا هو السبب وراء اعتماد الكثير من أفلام الأساطير والخيال العلمي على قصص الفراعنة ومقابرهم وكنوزهم ولعنتهم وسحرتهم وأفاعيهم وجعارينهم .. ألخ لما فيها من جاذبية عالية وغموض وأسرار.
ومن يعيش في قرى الصعيد يرى الحقيقة الأشد إثارة وتشويقا متخطية عالم الخيال بمراحل.. وهنا لا تستطيع أن تملك شطحات خيالك عندما يحدثك أحد عن عالم الآثار ومدى براعة الفراعنة في حماية كنوزهم ومقابرهم من أيدي العابثين.
وتتعجب عندما يجودوا على آخرين قادتهم الصدفة للحفر ليمنحوه آثارهم دون مشقة، بينما من يبحث وينقب عن الكنوز ونصب عينيه دنيا الثراء لا يعثر على شيء ومعه تظهر قوة السحر.
تماثيل ذهبية
ولأن القاعدة في دنيا الآثار أن من يبحث لا يجد ومن لا يبحث يجد... فقد وجد عمال الغاز الطبيعي عند حفرهم في منطقة بركة بمحافظة قنا عن أحد كنوز الفراعنة، والتي لم يسبق لها مثيل في الاكتشافات الماضية.
وتناقلت التليفونات القناوية المحمولة مقطع الفيديو الخاص بهذا الحدث الهام وفيه ظهر تابوت رائع زاهية ألوانه وكأن الرسام فرغ توا من تلوينه، بجانب حوالي 11 تمثالا ذهبيا.
وصاحب مقطع الفيديو أغنية جورج وسوف "باعو فينا واشترونا"، لأن الناس تعتقد أن مصير هذه الثروة غير معروف ومشكوك فيه فهناك من يقول أن مصيرها للمتحف المصري والبعض الآخر يشك في ذلك ويرى أنها ذهبت إلى مكان غير معلوم وبالتالي اختفت إلى الأبد.
وكان أحد العاملين بشركة الغاز الطبيعي قد اتصل بالمسئولين وفي سرعة لم يتعودها المصريون لم تتعد الخمس دقائق، كما يحكي أهالي منطقة بركة، هبطت طائرة هليكوبتر بمكان الاكتشاف وحملت الآثار.
للبن استخدام آخر
ومن ذاكرة الصعايده تستمع لأطرف وأغرب القصص عن عالم الآثار ولعنة الفراعنة وكنوز الملوك، فهذه مقبرة تم اكتشافها منذ اثني عشر عاما وتحوي من الكنوز ما يُذهب العقل، ولكنها استعصت على الجميع من خبراء آثار وشيوخ وسحره وأفراد طامحين للثروة، فحينما يدخلها أحد ويحمل معه أي قطعة من الآثار لا يرى باب المقبرة وتظهر له حية مخيفة وعندما يترك ما أخذ يظهر الباب جليا أمامه وتختفي الحية.. ومازال لغزها دفين لم يقدر عليه أحد حتى يومنا هذا.
وغالبا ما يستعين من أسعده حظه وعثر على أي قطعة أثرية أو مقبرة عليها رصد بالسحرة المغاربة الذين يتواجدون بشكل كبير في محافظات الصعيد لشراء الكنوز مقابل الأموال التي لا تضاهي قيمتها مهما بلغت، أو للبحث عن الزئبق الأحمر صاحب الأسطورة الشهيرة.
وقد عُرف عن هؤلاء السحرة المهارة العالية في مجال الآثار وفك الرصد، والدليل ما تعرضت له إحدى الأسر، حيث وجدت حجراً مكتوب عليه بالهيروغيليفة "اقلوبن تجد رزقك" وأخذ الناس في قلب الحجر إلى الأسفل وإلى الأعلى وعلى هذا الجانب والآخر دون أن يُفتح الحجر ..
فما كان منهم سوى الاستعانة بساحر مغربي ليكتشف سره، وبدهاء شديد خطط الساحر للاستيلاء على ما في الحجر دون مكتشفيه. وطلب من أصحاب المنزل بن ليحتسيه بعد ذلك قام بإبعاد أهل المنزل بحجج مختلفة وبقى وحده مع الحجر وبدأ عمله.
وبعد عودة أهل المنزل وجدوا الحجر مفتوحا وفارغا ووجدوا أيضا مخلفات البن المقلي .. وصُعق الجميع، لأن حل اللغز كان في قلي البن ثم سكبه على الحجر.
الأحجار الثلاثة
والحكاية الأكثر طرافة وقدما كانت لأسرة أخرى وجدت أسفل منزلها ثلاثة أحجار أثرية، ولكنهم جهلوا قيمتها حيث لم تمثل لهم سوى أحجار عادية عليها رسومات ويمكن استغلالها في أي غرض منزلي، لدرجة أنهم قاموا بإسناد الطلمبة بأحدهم حتى يسهل عليهم تشغيلها بسهولة للحصول على الماء.
بينما وقع أحد هذه الأحجار تحت يد أحد رجال القرية الذي لاحظ أنه ليس حجرا عاديا فقام بعرضه على ساحر مغربي وباعه لهم بـ 60000 جنيه، ولكن الحسرة سكنت قلبه بعد معرفته بأن الساحر باعه بالملايين.
ولعل المتأمل في هذه القصص يظن أن الأرض لم يخلُ منها شبر إلا وكان تحته آثار، فهذه أرملة حرمت على كل الناس الاقتراب من منزلها أو الحفر فيه بعد موت زوجها الشاب إثر قيامه بالحفر أسفل البيت وعثوره على مدخل مقبرة، ولكن الزمن لم يسعفه ولقي حتفه قبل حصوله على الكنز.
وللأسف هذه الثروات مهددة بالضياع والخروج من أرض مصر إلى غير رجعة لعوامل عدة منها أن من يبلغ عن وجود آثار أسفل بيته يطرد منه دون حصوله على أي تعويض أو مكافأة، ولذا يخاف البعض من اتخاذ هذه الخطوة.
والبعض الآخر وغالبا ما يكون قد أكل الفقر عليه وشرب يجد في أن في هذا الكنز فرصة نادرة عليه باستغلالها وبالتالي يقوم ببيعه، وهي مهمة سهلة في وجود الكثير من سحرة المغرب في محافظات الصعيد المختلفة.
