قصة جندي إسرائيلي فر من إيران ليشارك في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة
--------------------------------------------------------------------------------
تل ابيب - - نشر موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني قصة الجندي الإسرائيلي "يوسيف" الذي هاجر من إيران ليشارك بعد فترة قصيرة من ذلك في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتي يطلق عليها اسم "الرصاص المصبوب".
منذ حوالي ثلاثة أشهر، كان قائد القوات البرية الإسرائيلية سامي ترجيمان، يخاطب الجنود في قاعدة "باهاد 1" العسكرية جنوب إسرائيل، حين اتجه إلى أحد الجنود وقال: "قف، قدم نفسك وأخبرنا لماذا تريد أن تصبح ضابطا".
لم تكن قصة الجندي "يوسيف" (اسم مستعار) عادية، فعائلته ما تزال تعيش في إيران، التي هاجر منها ليخدم في الجيش الإسرائيلي.
وقال الجندي: "لقد ولدت في عائلة متدينة يهودية، وقد عشنا في مجتمع يهودي، يمكنك أن تعيش في إيران كيهودي ولكن ليس كصهيوني".
وذهب يوسيف إلى المدرسة مع الأطفال المسلمين. وقال: "بعد ثورة عام 1979، منعت السلطات الإيرانية الدراسة في مدرسة المجتمع اليهودي. وكان على الجميع الالتحاق بالمدارس الإسلامية. وفي يوم الجمعة وهو يوم العطلة الوحيد، كنا ندرس في المدرسة اليهودية".
هل كان لديك أصدقاء في المدرسة الإسلامية؟
"نعم، لكنهم لم يكونوا مقربين بشكل خاص. على سبيل المثال، لم أكن أزور منازلهم، لأنهم كانوا سيعرضون علي الطعام، ولم يكن بإمكاني في تلك الحالة أن أضعه في فمي بسبب قواعد "الكشروت" (الطعام الحلال لدى اليهود). لقد سألت والدي مرة: لماذا نحن هنا؟ وبعد الثورة أدركوا أن الوقت قد حان لمغادرة إيران. لكنهم لم يعرفوا متى بالتحديد. لقد تعرضت للكثير من الأسئلة. وحين كانت المظاهرات ضد إسرائيل تقام في إيران، لم يكن بوسعي مغادرة المنزل.
كان وضعنا المادي جيدا لكنني لم أرغب في البقاء هناك. كان الكنيس المكان الذي كنا نجتمع فيه، ليس فقط للصلاة بل للقاء اليهود الآخرين وكان أفراد المجتمع اليهودي متقاربين كعائلة واحدة. بدأنا في الصف الأول بعشرات التلاميذ وحين وصلنا إلى الصف الثاني عشر كنا أقل من عشرة، وقد ذهب البقية إلى الولايات المتحدة أو إسرائيل".
حين كان في السادسة عشرة من عمره حاول يوسيف مغادرة إيران، لكن محاولته باءت بالفشل لأنه لم يتمكن من اللحاق بالسائق الذي كان سيهربه عبر الحدود. وحين تم اعتقال 11 يهوديا بتهمة التجسس لإسرائيل في إيران، ازدادت رغبته في المغادرة.
وقال: "كان بعض هؤلاء المعتقلين أساتذة لي، ولم يكونوا جواسيس. وحين تم اعتقالهم قمت بالتعليم بدلا منهم، علمت التوراة والصهيونية والأحداث المعاصرة في إسرائيل سرا، حتى لا يتم اعتقالي".
واضاف: "في سن الثامنة عشرة لا بد للجميع من الالتحاق بالجيش الإيراني. وأولئك الذين لا يلتحقون لا يحصلون على جواز سفر، ويتم منعهم من الزواج. بالنسبة لليهود فالالتحاق صعب جدا. بالإضافة إلى مسألة الطعام "الكوشير" التي لا تتم مراعاتها في الجيش، فلا أحد من اليهود يريد الالتحاق بجيش عدو لإسرائيل، كان حلمي الخدمة في الجيش الإسرائيلي".
وفي محاولة لتجنب ذلك، قام يوسيف برشوة رجل وعده بالإعفاء من الخدمة العسكرية، وقال: "دفعت له 3000 دولار كرشوة، أعطيته المال وبياناتي الشخصية، كنت أخشى أن يقوم بتسليمي للسلطات، لكنه أعطاني وثيقة الإعفاء. ثم تقدمت للحصول على جواز السفر من وزارة الداخلية، واخبرت بأنه إن كان وثيقة الإعفاء مزورة فسيتم اعتقالي، لكنني ذهبت إلى مكتب البريد بعد أسبوعين وكان جواز السفر في انتظاري".
ووفقا ليوسيف فإن إيران متقدمة تكنولوجيا، حيث قال: "إيران تجلب أحدث الأشياء من دبي. يعتقد الناس أن إيران مثل غزة، لكن هذا بعيد عن الصحة. لقد رأيت غزة عن قرب خلال عملية "الرصاص المصبوب"، وهي مختلفة عن إيران. أقول هذا بحسرة لأن (إيران) عدوتنا".
وكان يوسيف يتواصل مع أقاربه وأصدقائه الذين هاجروا إلى إسرائيل من خلال الهواتف أو الانترنت. وكان يتحدث معهم من خلال الهواتف العمومية، "لأنني كنت مقتنعا بأن المخابرات الإيرانية كانت تراقب الهواتف في المنازل اليهودية".
وقال إن إصدقاءه في إسرائيل اتصلوا بالوكالة اليهودية التي نسقت لهجرته. وأضاف: "اشتريت تذكرة سفر إلى دولة عربية أخرى، كما لو كنت ذاهبا في رحلة. كان أهم شيء الحفاظ على السرية وعدم توديع العائلة كان صعبا. وقد فاجأت عائلتي رغم انهم كانوا يتوقعون مغادرتي يوما ما".
وأضاف: "في المطار، سألني الضابط في المطار إن كنت يهوديا، فأجبته بالإيجاب، فسألني إذا ما خدمت في الجيش، فقلت: لا، وحضرت وثيقة الإعفاء لكنه كان قد ختم جواز السفر بقوة صدمتني. استقبلني ممثلو الوكالة اليهودية في الدولة العربية لدى وصولي، وقضيت الليلة في فندق على نفقة الوكالة، وسافرت إلى إسرائيل في اليوم التالي".
وبعد وصوله، اقام يوسيف في مركز للاستيعاب في القدس، وكانت تراوده كوابيس في كل ليلة: "كنت أحلم بأن جنود الحرس الثوري الإيراني كانوا يلاحقونني وذات مرة أحسست بأن الرصاص الذي أطلقوه علي كان حقيقيا وقد سبب لي الألم وايقظني".
وقد طلب يوسيف الالتحاق بالجيش الإسرائيلي، في كتائب المظليين. وحين شنت إسرائيل الهجوم على قطاع غزة، شارك يوسيف في تلك العملية: "دخلت غزة مع المظليين وكنا هناك خلال العملية، كان ذلك مثيرا للاهتمام".
وبعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، دخل يوسيف دورة تدريبية ليصبح ضابط اتصالات لإحدى الكتائب، وأكد أن ذلك "مركز قتالي".
ويقيم يوسيف حاليا في مستوطنة "كريات أربع" بالخليل. ويقول إن كل جندي وحيد "يشتاق إلى الطعام الذي تطهوه والدته".