فى شهرتها وحركتها وإعجاب الناس بها سبقت «ولاء» أعضاء مجلس الشعب بمحافظتها، فالصغير قبل الكبير فى القرى والمراكز المجاورة لقريتها «سلامون» يعرف تلك البنت وموهبتها التى فاقت الرجال فى ترويض وركوب الخيل، يعلو التصفيق المتواصل، وضحكات الاستغراب تلازمها فى الأفراح والموالد والمهرجانات التى تشارك فيها.
اسمها «ولاء محمد حبيب»، فى عامها السابع عشر، لها من الإخوة «اثنان» ومن الأخوات «ثمانى» جميعهن فى التعليم الأزهرى، وتمتلك من الخيول «الرحانة.. بشرى.. صقر»، تعيش فى قرية «سلامون» التابعة لمركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة التى يشتهر رجالها بتدريب الخيول.
يطغى عليها الطابع الذكورى عن الطابع الأنثوى، فلا تحب جلسات النساء ولاتلبس ملابسهن، ولاترتدى سوى «الجينز والقمصان»، تقول «اللى بيعاكس البنت ويقول عليها فرس بيفهم لأن الفرس ده أجمل حاجة فى الحياة».
فى سنواتها الخمس الأولى انجذبت «ولاء» للخيول، وتسبب هذا الانجذاب فى خروجها من المدرسة بعد الصف الخامس الابتدائى وهى لا تحمل إلا «الشهادة الابتدائية»، وتقول عن علاقتها بالخيل: «أحسن حاجة فى الخيل إنه بيطلعنى ويعرفنى على الناس، وأليف بتلاعبه كأنك بتلاعب صاحبك أو صاحبتك، وبكلمهم أقولهم تعالوا ييجوا».
«محدش دربنى.. حب الخيل حاجة فى دمى»: تؤكد «ولاء» عدم معرفتها لسر انجذابها لركوب وتدريب الخيول، وتؤكد أنها كانت النواة لتفكير بعض البنات فى قريتها فى ركوب الخيل: «أنا اللى علمت الناس ركوب الخيل، وعلمت إخواتى البنات، وكنت نواة لتعليم بعض البنات، فالمدربين كانوا بيتكسفوا يركبوا بناتهم الخيل لكن دلوقتى الوضع اتغير».
طوال الـ١٢ عاما الماضية تعيش «ولاء» وسط الخيول، تخرج بها نهارا فى مسارات للمشى، وقبيل الغروب تجالسها وتنظفها وتقدم لها الأكل والشرب، وآخر الليل تخرج فى إحدى الحفلات للرقص بالخيل.
تعلمت «ولاء» من الخيل «الصبر والشجاعة والفروسية»، وأصبحت تطلب بالاسم فى مختلف المناسبات والمهرجانات والأفراح على مستوى الجمهورية، لكن هذه الشعبية أزعجت المدربين الرجال: «فى مدربين مابيحبوش إنى أطلع فى الحفلات عشان بيغيروا منى، لأنى بحرج مدربين كتير وأشطر منهم كمان، وفى مدربين كبار مابيعرفوش يعملوا زيى، وساعات بيغيظوا بعض بى لأن كفاءتى أعلى منهم».
وسط مجتمع ريفى يرى عيباً فى ركوب البنت الخيل وخروجها للأفراح والموالد، يقف الأب الريفى الذى يرتدى «الجلباب والعمة» مدافعا ومفتخرا بابنته: «محدش بيضايقها، الناس بيقولولها يا معلمة، ومعجبين بها وبشخصيتها، وشعبيتها جامدة، ده الخيل لو شافها فى الشارع هيمشى وراها، وكتير كنت برجع البيت على
الساعة ٢ بالليل ألاقيها قاعده قدام الخيل واضطر أخدها من إيديها».
ويحكى الأب عن المواقف التى شعر فيها بالفخر والاعتزاز من إعجاب الناس بموهبة ابنته: «شيخ الخيالة سيد أبوزيد جه من بلقاس مخصوص عشان يشوف ولاء وقال لى أنا بقالى ٨٥ سنة فى الخيل وبصراحة ماشفتش زى كده»، الأب ازداد عشقا للخيل: «كان عندى خيل لكن زاد حبى وبدأت أهتم لما لقيتها عاشقة للخيل والألفة فوق الخيال اللى بينهم»، وأصبح لا يخاف كثيراً على ابنته: «حب الناس لها خلانى أمشى وراها فى جميع الحفلات»، لكنه يرفض انضمامها لنادى الفروسية بالقاهرة «كانت نفسها تروح نادى الفروسية، لكن أنا رفضت لأنى بخاف عليها تقعد فى القاهرة لوحدها».
لا يعجب «ولاء» فى ركوب الخيل من الرجال سوى «مدحت البيطار» أحد المدربين فى قريتها، والفنان «أحمد السقا» لكنها ترى أنها تتفوق عليه فى فروسيتها، ولا هدف فى حياتها غير أن تشارك مصر فى المهرجانات الدولية للخيول وتحصد هى جائزة دولية: «وبعد كده مش عايزة حاجة من الدنيا».