رقصة علي دقات الألم
عرفتْ الدموع طريقها لمقلتى فسبحت في بحورها لأذوق طعم الملح يتراكم في حلقي .. يتجمد في عينى .. في هذا اليوم العاصف من حياتي يطير خيالي في دائره طفولتى.. و ضحكاتى البريئه ترن فى قلب أيامى ..أتذكر يوم ان رمقت أحد العصافير يطير و يحط على شباكى .. فينبض قلبى له .. شاركته جناحيه .. اغمضت عينى و درت حول نفسى فى حجرتى لا تمثل بعصفورى الجميل تتقاذف الذكريات لأرى نفسى حين أشترت لى أمى قميصا حريرياً و ارتديته أمام المرآه فشعرت بنشوه شديده وأنا اجد نفسى فى قمه فتنتى .. كفتيات الاعلانات فحلمت بأمير الحواديت يأخذنى بيديه لنرقص معا رقصه حب على نغم الحياه ........
فأعود للسباحه فى بحر دموعى و أتذكر أول خطوه من خطوات ايامى معه .. فقد نصحه الناصحون ان يذبح لى القطه من أول يوم .. و حفر بذاكرتى مشهداً لن يُمحى حتى لِما بعد الموت .. حين انغلق الباب علينا .. وجدته يجلس كديك رومي نفش ريشه استعداداً للهجوم متباهيا بمنظره وقال لي بصوت غليظ : (أنا مصدع أعملي لي كباية شاي)
رفعت ذيل فستاني الأبيض الطويل وجمعت أطراف طرحتى وذهبت لمطبخي لأول مرة وأعددت كوب الشاي .. قدمته له علي صينية فضية بنقوش مذهبة تضوى في ليلتنا الأولي .. أخذ الكوب بهدوء وارتشف رشفة أبدى بعدها امتعاضاً ثم ارتشف أخري .. وإذا به يلقي الكوب في وجهى ويصرخ : مش عرفة تعملي كبايه شاى؟؟ .. إيه البلوى دى؟؟؟
التهب صدري بالشاي الساخن من الخارج وبالصدمة القاسية من الداخل .. تلطخ الفستان الأبيض فأسود مع سواد حياتي وتوالت سلسلة الإهانات التى لم يعطنى الفرصة حتى للرد عليها ..
حياتي معه صارت خريطة ألم وتعاريج لا استقامة فيها..
استفقت علي صوته وهو يصرخ : (أنتِ فين يا ست هانم)؟؟
أحدث صوته ثقوباً في كل جسدى كأنه رصاصات طائشة..
نهضت لأري ما حدث.. !!
طلب منى إعداد الطعام سريعاً فنهضت في فزع لإحضار الطعام ..
يأكل بنهم ويداري تلذذه بالطعام ثم يختلق وجود حصاة في الأرز ليستشيط غضبا ويصرخ بأن كل شئ ليس علي رغبته .. حتى أنا وجودى يثير أعصابه .. يكيل لي قذائف من الشتائم والسباب .. ويقلب المائدة ويخرج كالعاصفة ويتركنى اتجرع صنوف المذلة والهوان والحسرة ... وبعيون متوجسة أبحث عن منقذي الذي أتنفس معه وأُنفس عما بداخلي به .. تحُول دموعى دون رؤيته .. أتحسس المفتاح!!
أضغط علي الزر .. تنبعث النغمات من الجهاز الذي أبثه شجوى .. تسري الموسيقي في أوصالي .. تدق الطبول مع دقات قلبي الحزين .. أبدأ طقوس التفيس .. أتمايل ببطء .. أرقص بخطوات هادئة تزداد رويدا رويدا حتى تصل إلي حركات هستيرية تنتهي بانتهاء المقطوعة الموسيقية .. أرقص حتى أسقط كالمغشي عليها .. فأنكمش علي نفسي لتبدأ نوبة من التنفيس بالبكاء .. فأجهش كطفلة فقدت أغلي لعبها...
أهدأ وأنام ودموعى تبلل قميصي الوردى الذي كنت أحلم بتحقيق أنوثتى فيه .. ولكن هذا الرجل لا يعرف الألوان..
يتفنن في سرقة أحلامي الصغيرة..
وبعد ثورة من ثوراته المتكررة يخرج ليغلق الباب خلفه بغضب ثم يعود مرة أخري متلصصاً لينظر من خلف الباب .. رآني أتمايل وأرقص علي موسيقي ثائرة .. فثارت ثائرته وأبى إلا أن يحطم أخر متنفس لي.. ودخل كالثور الهائج ليحطم مبعث الموسيقي بكل ما أوتي من قوة .. وبعدما انتهى من تحطيمه أغمض عينيه ابتهاجاً بانتصاره ثم فتحها .. فوجد الجسد الثائر يهوى بعد ثورة عنيفة .. فيهمد كل شئ..
أعصاب تالفة تحمل بقايا رجل............
حطام كاسيت............
جسد رقص حتى أخر نفس فيه..........
انتبه علي صوت الطبيب يقول: البقاء لله .. سبب وفاتها !!!!!
صدمة عصبية أفضت لانفجار في المخ.