ميلاد الربيع
خالد محمد علي
ولد الربيع معطّر الأنوار
غرّد الهوى ومجنّح الأشعار
ومضت مواكبه على الدنيا كما
تمضي يد الشادي على الأوتار
جذلان أحلى من محاورة المنى
وأحبّ من نجوى الخيال السّاري
وألذّ من سحر الصبا و أرقّ من
صمت الدموع ورعشة القيثار
هبط الربيع على الحياة كأنّه
بعث يعيد طفولة الأعمار
فصبت به الأرض الوقور وغرّدت
وتراقصت فتن الجمال العاري
وكأنّه في كلّ وادٍ مرقص
مرح اللّحون معربد المزمار
وبكلّ سفح عاشق مترنّم
وبكلّ رابية لسان قاري
وبكلّ منعطف هدير حمامة
وبكلّ حانية نشيد هزار
وبكلّ روض شاعر يذرو الغنا
فوق الرّبا وعرائس الأزهار
وكأنّ أزهار الغصون عرائس
بيض معندمة الشفاه عواري
وخرائد زهر الصبا يسفرن عن
ثغر لؤاليّ وخدّ ناري
من كلّ ساحرة الجمال تهزّها
قبل الندي وبكا الغدير الجاري
وشفاه أنفاس النسيم تدبّ في
بسماتها في الأفكار
فتن وآيات تشعّ وتنتشي
كالحور بين تبسّم وحوار
ناريّة الألوان فردوسيّة
ذهبيّة الآصال والأسحار
آذار يا فصل الصبابة والصبا
ومراقص الأحلام والأوطار
يا حانة اللّحن الفريد وملتقى
نجوى الطروب ولوعة المحتار
أجواؤك الفضّيّة الزرقا جلت
صور الهنا وعواطف الأقدار
ومحا هواك الشتا القاسي كما
يمحو المتاب صحفيّة الأوزار
في جوّك الشعري نشيد حالم
وعباقر شمّ الخيال عذاري
ما أنت إلاّ بسمة قدسيّة
ريّا الشفاه عميقة الأسرار
وبشائر مخصّلة وترنّم
عبق أنيق السحر والسحار