كانت القوات الجوية هي التي تحتل المقدمة تقليديا في نشر واستخدام الذخيرة المتقدمة الموجهة بدقة. وقد عززت الخبرة القتالية في العراق وافغانستان العقد الماضي حاجة القوات البرية، مع ذلك، ليكون لديها قدرة هجومية برية دقيقة موحدة خاصة بها.
لا يستطيع قادة القوات البرية ان يكونوا على ثقة من ان الاسلحة سوف تكون متاحة عندما تدعو الحاجة الا اذا كانوا هم من يتحكمون باسلحة الهجوم البرية مباشرة وعلى مدار ٢٤ ساعة وعلى مدى ٧ ايام. ولما كان العديد من قادة البر ما زالوا يقولون انهم يقدرون قيمة القدرة القمعية للمدفعية التقليدية ونار الهاون، فان الطلب على التوجيه الدقيق لخفض الاضرار والاصابات الجانبية بين السكان المدنيين قد اصبح طاغيا. ويمكن ايضا الاشتباك مع قوات العدو عندما تكون اقرب الى القوات الصديقة، اذا كانت الذخيرة الدقيقة متاحة. اذ تتيح الاسلحة الموجهة ايضا الحاجة الى كمية اقل من الذخيرة لتدمير اهداف محددة، ولذلك فان الحاجة لا تدعو الا الى اقل قدر من القذائف لإنجاز مهام النار، ويمكن خفض امتلاك الاسلحة كثيرا وادخار مبالغ كبيرة من المال.
نظام اطلاق صواريخ متعددة
ان نظام اطلاق الصواريخ المتعددة الموجهة (GMLRS)، من شركة (Lockheed Martin)، هو بلا شك الذي رسم الاتجاه للمدفعية الدقيقة والنظم الصاروخية. وان دقة ثلاثة امتار التي يتمتع بها على مسافة ٧٠ كيلومترا باستعمال نظام توجيه (GPS/INS)، هي دقة لا تضاهى. ويعتبر الجيش البريطاني السلاح حاليا سلاحه المفضل. وتبيّن الارقام التي نشرها الجيش الاميركي انه اطلق قبل نهاية آذار/مارس العام ٢٠٠٩ ما مجموعه نحو ١١٢٤ قذيفة (GMLRS) احادية مجهزة برؤوس حربية احادية عالية التفجير اطلقت في التدريب وفي العمليات. وكان الجيش البريطاني هو المسؤول عن اطلاق نحو ٤٠ في المائة ٤٤٩ قذيفة من بين هذه القذائف، على رغم انه لم يكن لديه الا اربع مركبات اطلاق (M270B1 MLRS) في العمليات في افغانستان. ويمكن مقارنة هذا بمجموعة مؤلفة من ٣٩ منصة اطلاق (M270A1) و(M142 HIMRAS) يستعملها الجيش الاميركي ووحدات مشاة البحرية الاميركية في افغانستان والعراق.
تبذل جهود متعددة لتعزيز اداء الاسلحة اكثر. ففي العام ٢٠٠٥، نفذت شركة (Lockheed Martin) و(MBDA) بموجب عقد مع وزارة الدفاع البريطانية برنامج تجارب على تكنولوجيا بعيدة المدى اطلقت فيه بنجاح قذائف تجربة (MLRS) على مسافة ١٠٠ كيلومتر، استعملت فيها آلية طيران معدلة وارتفاع اطلاق اضافي. ولتوسيع المدى اكثر، يمكن اضافة اجنحة مناسبة تنفتح الى الخارج على الاطار الجوي المجرب لصاروخ (M31 MLRS) عيار ٢٢٦ ملم. ويتضمن تطوير المجموعة الثانية من نظام اطلاق الصواريخ المتعددة (MLRS) دمج قدرة توجيه ليزرية (SAL) اضافية شبه نشطة من خلال دمج باحث ليزري (SAL)، طوّر سابقا لصاروخ الهجوم الموجه (DAGR) من شركة (L. Martin) وهو نموذج من صاروخ جو - ارض (Hydra) عيار ٧٠ ملم. وهذا يمنحه قدرة توجيه في النهاية تتيح لمراقبي المدفعية توجيه الضربات الصاروخية بدقة في المرحلة النهائية من مسارها.
المدفعية
منحت مبادرات متعددة مدفعية الماسورة التقليدية قدرات هجومية دقيقة، شملت قذيفة الذخيرة الموجهة (Excalibur) بنظام (GPS) من فئة (Block M982) من شركة (Raytheon/BAE Systems) لمدافع هويتزر (Howitzer) عيار ١٥٥ ملم. ومن المتوقع وصل طراز (M982 - 1a2) من قذيفة (Excalibur) لوحدات الجيش الاميركي في افغانستان في النصف الثاني من عام ٢٠١١. ويستمر الانتاج على كميات اضافية من قذيفة (Excalibur) لتلبي حاجات مشاة البحرية الاميركية وزبائن التصدير، بمن فيهم استراليا وكندا والسويد.
عُرض اول طراز عملاني من قذيفة (Excalibur XM982) من فئة (Block Ia-1) لنشرها في مطلع العام ٢٠٠٧ بقدرات مدى وتدابير مضادة مخفضة. وقد اطلقت القوات الكندية والاميركية عملانيا، منذ ذلك الحين، اكثر من ٣٠٠ قذيفة من فئة (Block Ia-1) اثبتت صحة الاعتماد عليها بنسبة ٨٥ في المائة عبر المخزون ازاء حاجة اعتماد اولية بنسبة ٦٠ في المائة.
اما القذيفة المتعاقبة من فئة (Block Ia-2) المجهزة بقدرة استقبال محسنة مضادة للتشويش بنظام (GPS) وبوحدة تخفض مقاومة الهواء بقاعدة استنزاف من شركة (BAE Systems Bofors) فهي مزودة بشحنة اعلى وقد اثبتت انها تتمتع بمدى قصوي يبلغ ٣،٤٠ كلم في التجارب في مجال الرماية بولاية نيو مكسيكو. وقد طلب الجيش السويدي كمية من قذائف (Excalibur) من فئة (Block Ia-2) لتسلم خلال السنة الحالية لتأهيلها بمدفع هويتزر (Archer) ذاتي الدفع. ويتمتع هذا الطراز المصمم والذي انتج في السويد بوحدة ذيل دوامة مع مولد غاز بقاعدة استنزاف مكمّلة.
ان قذيفة (Bonus) الذكية، عيار ١٥٥ ملم، التي تطلق وتنسى، والتي طورتها شركة (Bofors) السويدية اصلا، والتي هي حاليا فرعا من حقيبة انتاج شركة (BAE Systems)، قد صممت لضرب اي مركبة مدرعة من دبابات القتال الرئيسية (MBTs) ومركبات القتال المدرعة (AFVs)، بما فيها المدفعية ذاتية الدفع. وتعالج القذيفة في موقع المدفع مثل اي قذيفة مدفعية قياسية. وان هيكل القنبلة، الذي يحمل مستشعرين مدمجين بذخيرة فرعية، مجهز بقاعدة استنزاف تمنح مدى يبلغ ٣٥ كيلومترا. وتستطيع الذخيرة الفرعية المدمجة بكل مستشعر القضاء على الهدف.
بعد اطلاق القذيفة (Bonus)، تبحث الرأس الحربية في منطقة يبلغ قطر شعاعها ٢٠٠م، ويكشف الهدف فورا ضمن اثار البصمة، ويدمره بخارق يُشكّل بالتفجير (EFP) يخترق سقف الهدف ويجتاح داخله.
تكشف قذيفة (Bonus) وتُعيّن الاهداف بمعالجة الصور التي يتم تلقيها من المستشعرات التي تعمل بالاشعة تحت الحمراء، والتي تندرج من ترددات متعددة، وتجمع من ثم النتائج مع البيانات التي تستقبل من مستشعر جانبي.
بقياس صورة الهدف الجانبية ومقارنتها من ثم مع النتائج التي تستقبل من المستشعرات التي تعمل بالاشعة تحت الحمراء. يمكن فصل الاهداف التي تستحق الضرب من الاهداف الزائفة. وتعني هذه المجموعة من المستشعرات ايضا ان قذيفة (Bonus) هي فعالة ضد اهداف مجهزة بنظم سلبية وبنظم حماية ردية.
الهواوين الذكية
الهواوين هي نظام سلاح يطلق نار رئىسية غير مباشرة بالنسبة لجيوش عديدة. ويجري تنفيذ مشاريع متعددة لمنحها قدرة هجومية دقيقة. وقد اثارت الرغبة في توسيع عمق القدرة المضادة للدروع المتاحة لوحدات القتال القريب، اثارت عاصفة من الاستثمار في تطوير ذخيرة الهاون الدقيقة في الثمانينات. وقد انطوى هذا الاستثمار على مشاريع قنابل هاون مضادة للدبابات عالية الهجوم، اندرجت من القنبلة الالمانية شبه النشطة ليزريا (SAL Bussard) وقنبلة (Strix) السويدية الموجهة بالاشعة تحت الحمراء كلها نظم عيار ١٢٠ ملم وصولا الى القنبلة البريطانية الاصغر (mmW-Merlin) عيار ٨١ ملم. اما القنابل الاخرى غير قنبلة (Strix) التي اتخذها الجيش السويدي والسويسري في مخزونهما، والقنبلة الروسية (SAL Gran) التي تختلف في كونها تتمتع برأس حربية عالية التفجير (HE) متشظية وقد استعملت القنبلة الروسية في حملات سابقة في افغانستان والشيشان. هذا ولم ينتقل اي من القنابل السويدية والسويسرية للخدمة العملانية.
ان جهود الجيش الاميركي الحالية لنشر ذخيرة هاون موجهة تكمن في مشروع مبادرة الهاون الدقيقة السريعة (APMI) التي تهدف الى انتاج قذائف موجهة اقتصادية لمواقع الهاون عيار ١٢٠ ملم التي تتمتع بجوف املس. ومن المتوقع ان تكون القاعدة الاساسية للقذيفة المعنية (APMI) هي قنبلة عالية التفجير (HE) عيار ١٢٠ ملم، مجهزة بصمام اشعال وبنظم توجيه يتضمن جهاز استقبال (GPS SAASM) صامدا ضد التشويش. ويمكن تطبيق هذا كحل لتصميم مدمج، او كتعديل يتمثل في تثبيت صمام الاشعال الراهن بصورة فضلى لاستغلاله. وعلى اي حال، ان الدقة الموضوعية تبلغ ٥ امتار ضمن مركز اداء فعال (CEP) والمطلوب كبداية من ١٠ امتار ونزولا، في حين يبلغ المدى القصوي الموضوعي ٧ كيلومترات بداية من ٦،٦ كلم اما المدى الادنى فهو ٥٠٠م. وان وظائف التجهيز بصمام اشعال التي يضبطها نظام التحكم بنار الهاون قيد الخدمة (MFCS) وكومبيوتر بالستي يدوي خفيف الوزن للهاون (LHMBC) ينبغي ان تتضمن تفجير القنابل التقاربي وتأخير التفجير وتحديد التفجير. ان التركيز المبدئي على اسلوب واحد لحل التوجيه الذي يعتمد على نظام (GPS) يُفهم على ان الدفع الاول له هو الرغبة في خفض التكلفة، يتبعه اعتراف بانه في العمليات الراجلة المعاصرة تعني اعتبارات الوزن والتدريب انه سوف يكون هناك عدد ضئيل من الجنود بين القوات المدعومة الذين يحملون معدات التأشير لاستخدامها في توجيه الليزر شبه النشط (SAL). وقد حصل لغاية الان مرحلة تجارب تضمنت اطلاق نار من حلول مرشحة من شركات (Alliant Techsystems - ATK) و(General Dynamics Ordnance Tactical Systems - GDOTS) و(Raytheon). وينتظر حاليا موافقة الكونغرس الاميركي على التمويل لدعم المرحلة الاولى الرسمية لاطلاق المنافسة بين المتنافسين على المبادرة (APMI).
من المعروف ايضا ان شركة (Alliant - ATK) كانت تدرس بان تكيف هاون مثبتة عليه مجموعة توجيه دقيقة (XM1156) تعتمد على نظام (GPS) في تصحيح مسار صمام الاشعال وكان يجري تطوير ذلك بموجب عقد منفصل موجها لاستعمال مدفع هويتزر عيار ١٥٥ ملم و١٠٥ ملم ايضا. وتكلف وحدة (XM1156)، كخيار منخفض المجازفة، نحو ٥٠٠٠ دولار اميركي. وان فوائد قطع الغيار المشتركة المنتظرة بين مدفعية المشاة والمدفعية التقليدية يجعلها جذابة بقوة.
اعتبارا ان برنامج قنبلة (Strix) السويدي قد استنفد مساره، فان بلدا واحدا من البلدان القليلة التي بقيت في اوروبا ولديها برنامج بحث عن ذخيرة هاون دقيقة نشط هي فرنسا. ففي كانون الاول/ديسمبر عام ٢٠٠٨، منحت وكالة مشتريات الاسلحة (DGA) الفرنسية عقدا للكونسورتيوم يضم شركة (Nexter Munitions) وشركة (TDA)، التي هي فرع من شركة (Thales)، لوضع دراسة عن مستقبل الذخيرة ذات الدقة المترية (MPM). وان مستويات الدقة المترية مطلوبة بنوع خاص للعمليات في الاطار المديني، بحيث قد تستعمل الذخيرة المختلفة في النهاية باحث ليزري شبه نشط (SAL) مشتركا مع مؤشر ارضي للهدف او محمول جوا.
ينظر الى الحصيلة النهائية للدراسات الخاصة بالذخيرة ذات الدقة المترية (MPM) على انها الهدف للحصول على مكونات تكنولوجية بتكاليف منخفضة تنجز وظائف الملاحة وقيادة الطائرات والتوجيه والسيطرة وتحديد الليزر الشائعة على مجموعة من الاستعمالات للذخيرة، التي تشمل قذائف الهاون وقذائف الدبابات عيار ١٢٠ ملم وقذائف المدفعية عيار ١٥٥ ملم وقذائف نظام اطلاق الصواريخ المتعددة (GMLRS) وقذائف الطوافات عيار ٦٨ ملم.
الهدف المباشر من ذلك هو اجراء تجارب اطلاق تعتمد على قذيفة هاون عيار ١٢٠ ملم بنهاية العقد الحالي الذي ينتهي في عام ٢٠١٢.
الدقة مستقبلا
ان نشر قدرات نار دقيقة ارتفعت حاليا ارتفاعا عاليا جدا في ما يتعلق بالمطالب المستقبلية بالنسبة لمعظم قادة المدفعية وهم يتحركون لجعل اسلحتهم مناسبة لميدان المعركة في القرن الحادي والعشرين، وان القدرة على ضرب الاهداف بدقة صائبة تجعل مرجحا اكثر ان يطلب القادة من نار المدفعية بدلا من ان يطلبوا ضربا من الجو او من الطوافات الهجومية. وسوف يرغب كل قائد مدفعية ان يكون في مخزونه ذخيرة موجهة بدقة.