فرح عضو ذهبى
17/5/2009 : 20/05/2009 العمر : 36
| موضوع: الحرب على الفقراء الجمعة أغسطس 07 2009, 16:11 | |
|
حينما شرع الرئيس الراحل أنور السادات فى إنشاء المدن والتجمعات السكنية الجديدة، كلف المهندس حسب الله الكفراوى بمهمة تخطيط ودراسة هذه المدن.. واستعان الكفراوى بنخبة من الخبراء فى مجال الهندسة والإسكان والتخطيط العمرانى، وتوصلوا لإطار عام لهذه المدن، وكان الرئيس السادات يريد البدء فى تنفيذها بأقصى سرعة، وحينما وضع أول حجر أساس لمدينة العاشر من رمضان، أعلن أن سعر المتر بهذه المدن سيكون ٥٠ قرشاً فقط..
واحتج الكفراوى وقتها، وقال للرئيس السادات إن التكلفة المبدئية ستكون فى حدود ١٤ جنيهاً للمتر، فرد عليه الرئيس السادات قائلاً بالحرف الواحد: يا كفراوى.. لن يشعر المواطن بالانتماء إذا لم تكن لديه أرض يسكن فيها، وأرض يعمل بها، وأرض يدفن بها.. يا كفراوى.. لا أستطيع أن أجعل المواطن الذى ليس له أرض يذهب ويحارب فى سيناء من أجل المواطن صاحب الأرض.
هذه الفكرة التى طرحها الرئيس السادات بكلمات بسيطة للغاية تجسد المفهوم العميق لكلمة الأمن القومى، وتوضح مسؤولية الدولة تجاه المواطنين.. ومن هنا تظهر أهمية وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة.. فهى وزارة أمامية فى خطوط الدفاع عن الأمن القومى، ومعنية أساساً بحقوق المواطنين الفقراء من معدومى ومحدودى ومتوسطى الدخل..
وليست وزارة جباية وتجارة فى الأراضى، معنية بالأثرياء وتخدم أصحاب الملايين، وتهتم بالميسورين.. فالأغنياء ليسوا فى حاجة لخدمات وزارة الإسكان، فالمستثمر الذى يريد أن يبنى أرض جولف أو فيلا على مساحة عدة أفدنة، أو يعيش فى كومباوند مغلق على أصدقائه من طبقته، يستطيع أن يدفع فى سبيل ذلك الملايين بسهولة.. ومن حق وزارة الإسكان أن تكسب من هؤلاء كما تشاء.. ويجب هنا أن توجه وزارة الإسكان هذه الأرباح لخدمة من لايستطيعون دفع ثمنها.
هذا هو الهدف الطبيعى والمنطقى من وزارة الإسكان.. وهكذا كانت.. فكيف أصبحت؟
الحقيقة أن الوزارة فى عهد الوزير أحمد المغربى تقول دائماً إنها تهتم بالفقراء، ولكن الواقع أنها أسقطتهم من حساباتها تماماً.. فتمنح الأرض للمستثمر بتراب الفلوس، بينما تطرح الأرض بالقرعة على المواطنين الطبيعيين بأسعار مبالغ فيها جداً.. وهو منطق عكس ما كان الرئيس الراحل أنور السادات يتحدث به للوزير الكفراوى ليصب فى مصلحة الأمن القومى المصرى، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ويضع الدولة فى مسؤوليتها الحقيقية تجاه المواطنين..
والمطلوب هنا أن نحسب بدقة مساحة الأراضى التى أقامت عليها وزارة الإسكان مشروعات للفقراء، ونجحت فى عهد المغربى، ومساحة الأراضى التى تم منحها للشركات الاستثمارية العربية والمصرية والمخصصة للمليونيرات فقط.
الحقيقة، لا ألوم الوزير أحمد المغربى على سياساته فى وزارة الإسكان، والتى تنال إعجاب قياداته، باعتباره تمكن من جمع حصيلة قدرها ١٧ مليار جنيه من بيع الأراضى، وتحت زعم أنها تتوجه للبنية الأساسية.. ولكن اللوم كل اللوم على من اختاره ومن شجعه على هذه السياسات.. فالمغربى مستثمر سياحى طول عمره، ولم يعمل بالهندسة، ولا علاقة له بالتخطيط العمرانى.. وقد اعتاد أن يقدم الخدمة للسائحين فقط..
وهى خدمة سياحية تقدم بأغلى الأسعار.. وقد تخصصت شركته فى تقديم الخدمات بالفنادق ذات النجوم الخمسة.. أى أنه كان يتعامل مع أغنى السياح على الإطلاق، وهم الذين يدفعون مقابلا ماديا ضخما للحصول على الخدمة الأفضل.. فالسائح يدفع ليستمتع بعض الوقت.. ولا يمكن أن يتم تكليف شخص كون ثروته من هذا النوع من الاستثمار، بتولى وزارة مهمتها رعاية الفقراء من المواطنين.. وإنشاء مساكن لهم بسعر بسيط ليسكنوا فيها طوال الوقت..
واختياره لتولى هذه المهمة يعكس اتجاهاً عاماً لدى الدولة بأنها صرفت النظر عن الفقراء، وأنها لا تلتفت ولا تهتم إلا بالقادرين.. وأسلوب المغربى الذى اعتاده فى إدارة شركاته، كان يتفق مع الأسلوب الذى تدار به وزارة السياحة، وقد أبلى بلاء حسناً بها، لأنها مهنته التى يفهم فيها.. ولكنه أسلوب لا يتسق أبداً مع الأسلوب المطلوب لإدارة وزارة الإسكان التى أنشئت من أجل الفقراء، وحل أزمة السكن.
والسياحة تجارة رابحة، وكلما حافظت على سعر الخدمة مرتفعاً، حققت أرباحاً أكثر، ولو انخفضت أسعارك يمكن أن تتأثر سمعتك فى السوق، وهذا يبرر سياسة المغربى التى تعتمد على إشعال سوق الإسكان، وإبقائه فى حالة ارتفاع غير منطقى، فلا يؤسس مدناً أو تجمعات سكنية جديدة لاستيعاب الزيادة السكانية الرهيبة، ويطرح كل سنتين عدة قطع متبقية أو مسحوبة بعشرة أضعاف سعرها الطبيعى بحجة محاربة التسقيع والسمسرة، فيسابق هو السوق ويجذب أسعارها لأعلى فى هذه المدن الجديدة وفى البلد كله، ولا يستفيد من سياساته حقيقة إلا السماسرة والأثرياء.. وهو يعتبر تلك السياسة نجاحاً مبهراً.
استمرار المغربى فى وزارة الإسكان ظلم للمواطنين الذين تنتمى غالبيتهم للطبقات الفقيرة.. وهو ظلم له نفسه، لأنه يعتقد تماماً أنه نجح فى سياساته، وأنه حقق الشفافية فى توزيع الشقق والأراضى.. وهو ظلم للمجتمع بأسره الذى سيظل يدفع ثمن هذه السياسات سنوات طويلة، وسيؤدى لكارثة فى أزمة السكن.
اللوم كل اللوم على من اختاره لهذا المنصب وتركه فيه ٤ سنوات، ويبارك سياساته، ولا يلتفت للنتائج، ولا يحاسبه عليها.. وبقاء المغربى وغيره ممن ينتهجون نفس الفكر، يبرهن على أن الحكومة المصرية وجدت أن أقصر طريق لمحاربة الفقر هو القضاء على الفقراء أنفسهم. منقول
| |
|
nora عضو ماسى
17/5/2009 : 20/08/2009 العمر : 39
| موضوع: رد: الحرب على الفقراء الجمعة أغسطس 21 2009, 18:07 | |
| | |
|