خطفت الحجامة والمعالجة بالاعشاب والابر الصينية وغيرها من أساليب الطب التقليدية الأضواء أخيراً بطريقة أثارت الكثير من التساؤلات حول اسباب ذلك.
وبدأت ردود الافعال تتوالى جراء ذلك بين مؤكد لفاعلية هذه الطرق في علاج الامراض، خاصة المستعصية منها في حين وجد البعض ان الامر مبالغ فيه.
ومن أهم الطرق والأساليب التي بدأ الكثيرون يعملون بها ويروجون لها هي الحجامة التي ارتبطت منذ القدم بالطب العربي التقليدي. حيث بدأ الكثيرون ينسبون للحجامة قدرتها على شفاء الكثير من الامراض المستعصية، وازداد الاقبال على هذه الطريقة.
وتدل بعض الآثار على ان ممارسة الحجامة بدأت منذ الفراعنة والآشوريين والصينيين، ومن ثم المجتمع العربي القديم وقد اكتسبت الحجامة اهمية كبيرة في العصر الاسلامي عندما احتجم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام اجره، اضافة الى بعض الاحاديث الاخرى التي اشادت بالحجامة وتأثيراتها ومنافعها وفوائدها وحالياً هناك في بعض الدول العربية مراكز للحجامة تشهد اقبالاً متزايداً.
تجربة ذاتية: سالم سعيد الريامي يمارس الحجامة منذ فترة طويلة. وكان قد جربها للمرة الأولى على نفسه عندما عانى كثيراً من مرض اصابه في قدمه وتردد على المستشفيات المختلفة لمعالجة هذه الآلام، إلا ان كل تلك الزيارات لم تحقق فائدة، وتحول الى العيادات الخاصة ولم تقدم أي شيء جديد له، عندها نصحه بعض اقاربه بالحجامة. وقال انني اقتنعت بالحجامة بعدما قرأت الكثير من الاحاديث النبوية الشريفة، وجربتها على نفسي، بعدما احضرت ادوات الحجامة، وجربتها اول مرة، وأعدت الكرة مرة ثانية بعد ايام في القدم التي كانت تؤلمني وشعرت بعد ذلك بتحسن كبير بحيث ذهب ذلك الألم الذي كان يحرمني النوم لساعات.
ومن وقتها تشكلت لدي قناعة كبيرة بالحجامة، وبدأت امارسها كهواية وعالجت بها الكثير من الاقارب والاصدقاء وكل من يلجأ إلي.
وأوضح سالم سعيد ان المعالجة بالحجامة لا تتم عشوائياً، وقال انني استعمل الزيت لتدليك مكان الألم حتى يتبين موضعه ومكانه الدقيق وعندها أبدأ العمل بالحجامة. حيث احضر قطعة نقود معدنية وأضعها مكان اجراء عملية الحجامة ثم اضع فوقها قطعة قطن واشعلها وأضع الكوب فوقها فينتفخ الجلد ويختلف حجم الكوب من موضع لآخر. ويتجمع الدم الفاسد في تلك المنطقة. وعندها أزيل هذا الكوب ثم أجرح مكانه بشفرة وأقوم بوضع القطعة المعدنية وأحرق القطن ثم أضع الكوب حتى يخرج الدم الفاسد ويتجمع بالكوب. وأكرر هذه العملية احيانا في اكثر من موقع، بعد ذلك اعمل على تعقيم الجرح بمعقم للجروح ومن ثم وضع بودرة طبية لوقف نزيف الدم.
أمراض الاعصاب: وحول الامراض التي عالجها بوساطة الحجامة، قال سالم الريامي: الحجامة تعالج معظم الامراض ولكن انا تخصصت في معالجة امراض الاعصاب كالتي تصيب الظهر والقدم والكتفين ومعظم الامراض هذه ناتجة عن حمل الاشياء الثقيلة وكثرة العمل في وضعية معينة كما يحدث مع العاملين في وظائف تتطلب الجلوس لفترات طويلة، وقد استطعت والحمد لله معالجة الكثير من الامراض التي جاء من يحملها إلي واكثرها متعلق بآلام الرأس “الصداع” والظهر والقدمين وكلها متعلقة با لاعصاب.
وأضاف انه لا يمارس هذه المهنة بشكل دائم وليس متفرغاً لها بل يمارسها ايام العطل فقط.
أنواع الحجامة: الحجامة نوعان جافة ومبزغة أو ما تسمى بالرطبة، والحجامة الجافة تتم بأن تؤخذ كأس زجاجية ضيقة الفوهة واسعة البطن تسمى المحجمة، تحرق فيها قطعة من القطن داخلها فيفرغ الهواء من داخلها.
وتوضع المحجمة فوقها فتتفرغ من الهواء وتلتصق بالجلد التصاقاً قوياً فينجذب الدم بقوة الجذب وينتفخ الجلد وتبقى لمحجمة لاصقة به مدة كافية لمنع اشتراك هذه الكمية من الدم في الدورة الدموية. وتعرف هذه الطريقة في بعض البلدان باسم “كاسات الهواء”.
أما الطريقة الرطبة فيتم من خلالها اخراج الدم حيث يجرح الجلد في موضعين او ثلاثة بوساطة آلة حادة وغالبا ما تكون شفرة، ثم توضع المحجمة كما سبق فعند تراكم الدم لا يلبث ان يخرج من تلك الجروح الى المجحمة. واذا امتلأت نزعت ثم اعيدت العملية في حال دعت الحاجة لإخراج المزيد من الدم حتى يتوقف خروج الدم وغالبا لا تتكرر العملية اكثر من خمس مرات. وبعد ذلك يجب تطهير مكان الجروح او الخدوش مباشرة إما بالعسل او حبة البركة او بأي مطهر عادي.
وفي كتب الطب القديمة وجد ان للحجامة اوقاتاً وشروطا لا بد من التقيد بها حتى تكون فائدتها كبيرة، حيث ورد ان افضل اوقاتها هي ايام السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين او الربع الثالث من كل شهر عربي. ويعلل ابن القيم في “زاد المعاد” ذلك لأن الدم في أول الشهر لم يكن بعد قد هاج وفي آخره يكون قد سكن وأما في وسطه أو بعيده بقليل فيكون في نهاية الزيادة. والحجامة في الصباح والظهر أفضل من الليل. كذلك فهي أفضل في فصل الصيف منها في فصل الشتاء.
يقول ابن القيم في كتابه “زاد المعاد” نقلاً عن ابن سينا إن أفضل أوقاتها في النهار بين الساعة الثانية والثالثة إذا كانت الحجامة على سبيل الاحتياط والوقاية. أما في حالة المداواة فليس هناك من موعد وإنما يجب استعمالها وقت الحاجة.
ولا يمكن عمل الحجامة لشخص خائف أو شخص يشعر بالبرد أو لمن تبرع بالدم أو خسر بعضاً منه فيجب تدفئة البارد وتهدئة الخائف والاعتناء بمن فقد الدم حتى يعوضه.
ومن شروط الحجامة أيضاً أنه ينبغي على المحجوم في يوم حجامته تناول الطعام السهل الهضم كالخضار والفواكه والسكاكر. وحالياً ينصح بتقديم الكثير من سلطة الخضار مع قليل من الزيت والخل في حين يحظر تناول الحليب ومشتقاته، كذلك ينصح بتناول السكر والرمان بعد الحجامة لأنهما كما ورد في الحديث الشريف يوردان الدم الصافي ويقطعان الحرارة.
الفقرة السابعة: وفيما يتعلق بمواضع عمل الحجامة فإنها ثمانية وتسعون موضعاً منها خمسة وخمسون على الظهر وثلاثة وأربعون في أماكن أخرى، ولكل مرض مواضع معينة للحجامة وهناك موضع وأكثر لكل منها من حجم الإنسان وأهم هذه المواضع وهو أيضاً المشترك في كل الأمراض وهو الذي نبدأ به دائماً وهو “الكاهل” “الفقرة السابعة من الفقرات العنقية أي في مستوى الكتف وأسفل الرقبة”. وتعمل الحجامة في أماكن خاصة على مواضع الأعصاب الخاصة بردود الأفعال فكل عضو من الجسم له أعصاب تغذية وأخرى لردود الأفعال، ومن ثم يظهر لكل مرض “أي فعل” رد فعل يختلف مكانه بحسب منتهى العصب الخاص بردود الأفعال فيه، فمثلاً المعدة لها مكانان في الظهر، فعندما يكون المرض في المعدة نقوم بالحجامة في هذين الموضعين، وللقولون 6 أماكن وهكذا لبقية أعضاء الجسم.
رأي الطب الحديث: الدكتور جمال أبوشهاب طبيب متابع بشغف لكل أنواع الطب البديل على جميع المستويات تحدث مصولاً عن الحجامة. وقال إنه يستند في دراسته وحديثه إلى الكثير من نتائج الأبحاث التي قرأها وإلى قناعته وقناعة غيره بالمبدأ العلمي لها، أضف إلى ذلك الأحاديث النبوية الشريفة التي أكدت فائدة الحجامة وقدرتها على الشفاء.
وقال أبوشهاب إن هناك مجموعة من الأطباء قامت بالفحص المجزي لدم الحجامة فتبين أنه يحوي عُشر كمية الكريات البيض الموجودة في الدم الطبيعي، وذلك في جميع الحالات المدروسة من دون استثناء. وهذا الأمر أثار دهشة الأطباء إذ كيف يخرج الدم بغير كرياته البيضاء مما يدل على أن الحجامة تحافظ على عناصر الجهاز المناعي وتقويه. أما على صعيد الكريات الحمر فقد كانت ذات أشكال شاذة، أي أنها غير قادرة على أداء عملها فضلاً عن عرقلتها لعمل بقية الكريات الفتية العاملة. كذلك كانت نسبة الحديد في الدم الفاسد قليلة جداً مما يدل على أن الحجامة تبقي الحديد داخل الجسم دون أن يخرج مع الدم المسحوب بهذه الحجامة. تمهيداً لاستخدامه في بناء كريات فتية جديدة.
كما أن الكرياتينين في دم الحجامة كان مرتفعاً وهذا يدل على أن الحجامة تقتنص كل الشوائب والفضلات والرواسب الدموية ما يؤدي إلى نشاط كل الأجهزة والأعضاء.
وفوجئ الفريق الطبي الذي قام بالدراسة بشفاء تام لأمراض مختلفة، منها بعض حالات مرض الناعور الوراثي، وكانت نسبة النجاح فيه معجزة طبية، كذلك كانت هناك حالات شفاء بنسبة كبيرة للأمراض القلبية وحالات من العقم والضعف الجنسي، إضافة إلى حالات شفاء كبيرة من مرض “الشقيقة”، حيث لاحظ الأطباء عند تطبيق عملية الحجامة على المرضى الذين يعانون من الشقيقة باختلاف أطوارها ومراحلها أن الألم يزول مباشرة وتختفي نوبات الشقيقة على الإطلاق. وكانت هناك حالات شفاء أيضاً لبعض مرضى الربو والروماتيزم.
وأوضح الدكتور جمال أبوشهاب أن بقية الحالات المدروسة كانت نسبة الشفاء فيها أو التحسن فيها يتراوح بين 40 إلى 80% وكل ما ذكر من حالات ثبت عالمياً وطبياً من خلال الفوصات الطبية والإجراءات المخبرية.
وهي تفيد في شفاء أمراض القلب والشلل والشقيقة والناعور والآلام العصبية والصدرية والدموية والربو وغيرها.
وأضاف أبوشهاب ان هناك عالماً يدعى رودلف شو قال إن الجراثيم وأسباب المرض تبحث عن نسيج مريض أكثر من كونها مجرد سبب للمرض، حيث يجذب النسيج الراكد الواهن الضعيف المرض، ويعتبر الطب البديل أو التكميلي حالة “المريض الفيزيولوجي” حالة مرضية حقيقية ليس في حاجة إلى الانتظار بل في حاجة إلى العلاج وأن إعادة النشاط للخلايا والأنسجة هو الهدف وأن إثارة الطاقة هو الوسيلة وإنعاش الدورة الدموية واللمغاوية هو نتاج إثارة الطاقة، وبذلك فإن المرض لن يتمكن من الجسم، ولن يجد أي ركود في الطاقة بل سيجد الأنسجة قد انتعشت وسيتراجع الركود والمرض.
وأحسن طريقة في رأي العالم “شو” للتغلب على هذا الركود هو “الحجامة” القادرة على تنشيط الطاقة والدورة الدموية واللمفاوية فتزداد المقاومة وينحسر المرض الفيزيولوجي وتعود الصحة قبل أن يتمكن المرض من الخلايا والأنسجة.