٢٦/ ١٠/ ٢٠٠٩
كشفت تحقيقات نيابة جنوب الجيزة أكثر من مفاجأة فى حادث «قطارى العياط»، إذ أفادت أن عامل البرج المكلف بمراقبة حركة القطارات فى العياط ترك محل عمله فى السادسة وعشر دقائق من مساء أمس الأول، واستقل القطار ١٥٢ متجهاً إلى بلدته فى بنى سويف، وتبين أنه كان مقرراً أن يترك العمل فى السابعة مساء ولقى العامل مصرعه حيث كان يجلس فى العربة الأخيرة.
وأضافت التحقيقات أن «السيمافور» كان «أحمر» مما يؤكد ضرورة توقف القطار ١٨٨ لوجود عطل، وأن سائق القطار لم يلتفت إلى تلك الإشارة نهائياً وسار فى طريقه ليصطدم بالقطار المتوقف ويقع الحادث، كما كشفت المعاينة المبدئية أن جهاز التحكم الإلكترونى ATC بالقطار ١٨٨ كان متوقفاً.
وأصدر النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود بياناً صباح أمس حول الحادث، جاء فيه أنه فور إخطاره بالحادث وأمر النائب العام بتشكيل لجنة فنية من الخبراء، منهم ٣ من أساتذة كلية الهندسة، ونائب رئيس هيئة السكك الحديدية للتشغيل، وعضو من وزارة النقل، لفحص السيمافورات وأبراج المراقبة بمكان الحادث والصندوقين الأسودين، لبيان مدى الصلاحية الفنية للقطارين والسيمافورات وأبراج المراقبة وتفريغ المعلومات المسجلة فى الصندوقين.
وقرر تشكيل فريق من نيابة جنوب الجيزة بإشراف المستشار حمادة الصاوى، المحامى العام الأول لنيابات جنوب الجيزة، وأن الفريق تم تقسيمه إلى مجموعات، توجهت الأولى إلى مكان الحادث لإجراء معاينة تصويرية وعمل رسم كروكى للحادث وكيفية وقوعه، واستمعت النيابة لأقوال نائب رئيس هيئة السكة الحديد ورئيس قسم الإشارات و٣ من عمال الأبراج، وضم الفريق محمد عبدالظاهر وأحمد الركيب رئيسى النيابة الكلية وأسامة سيف مدير نيابة الحوادث وهيثم أبوالحسن ومحمود عبود وهشام حاتم وكلاء النيابة، وانتقل فريق آخر من النيابة يترأسه أحمد كمال رئيس النيابة الكلية إلى مشرحة زينهم لمناظرة الجثث وتسليمها إلى ذويها بعد التعرف عليها، وتم التعرف على ١٨ ضحية حتى ظهر أمس، وتأكدت النيابة العامة من هويات الضحايا وأسرهم تطبيقاً لتعليمات النائب العام.
واستمع فريق من نيابة العياط لأقوال شهود عيان فى موقع الحادث وبعض المصابين فى مستشفى المدينة، وضم الفريق وليد عبدالوهاب مدير النيابة ومحمد الشحات ومصطفى عبدالله وخالد بهاء وخالد ناجى وعمر الجابرى وكلاء النيابة، وانتقل فريق من نيابة قسم الجيزة يترأسه أحمد الفقى رئيس النيابة الكلية إلى مستشفيات معهد ناصر والبنك الأهلى والهرم والحوامدية، واستمع لأقوال المصابين فى الحادث.
وقال سيد الصباغ، نائب رئيس هيئة السكة الحديد، للنيابة فى موقع الحادث إنه مكلف بمتابعة حركة القطارات للمسافات القصيرة وأن «دابة» تسببت فى الحادث بعد أن اصطدم بها القطار ١٥٢ واضطر قائده للتوقف بعد عطل «بلف» الهواء ليصطدم به القطار ١٨٨ من الخلف ويقع الحادث. وأضاف الصباغ للنيابة: «كنت فى إجازة رسمية وماعرفش حاجة خالص عن الموضوع وماقدرش أحدد المسافة الزمنية اللى كانت بتفصل بين القطرين، وأنا جاى هنا لمكان الحادث علشان أتابع.. أنا ماليش دعوة».
وقال مفتش الأبراج فى تحقيقات النيابة إن سائق القطار ١٨٨ فشل فى تفادى وقوع الحادث لأن السيمافور كان لونه أحمر فى طريقه وعلى بعد ٥ كيلومترات من موقع الحادث، وأنه كان لزاماً على السائق التوقف عندما شاهد «السيمافور» يعطيه اللون الأحمر. وشرح «المفتش» أنه من المفترض أن يتوقف القطار أتوماتيكياً عند ظهور الإشارة الحمراء، ولفت إلى أن جهاز التحكم الآلى بالقطار ـ الذى يوقف القطار ـ كان معطلاً أو كان مغلقاً بطريق الخطأ بواسطة السائق. وأضاف أنه فى حالة تعطل «السيمافور» فعلى السائق أن يتابع بنفسه خلو طريقه من القطارات والمعوقات.
وأمر المستشار حمادة الصاوى، المحامى العام الأول، بالتحفظ على الصندوقين الأسودين الخاصين بالقطارين وتفريغهما لمعرفة اللحظات الأخيرة لوقوع الحادث، وتبين أن الصندوق الأسود للقطار ١٨٨ عبارة عن كارت ذاكرة مثل الموجود فى أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة، وأن الصندوق الأسود الخاص بالقطار ١٥٢ عبارة عن شريط فيديو سيتم تفريغه.
وكشفت تحقيقات النيابة عن مفاجأة حيث تبين أن مسؤول برج المراقبة فى منطقة وقوع الحادث ـ ويدعى سيد عدلى طحاوى ـ ترك البرج فى السادسة وعشر دقائق أى قبل وقوع الحادث بـ١٥ دقيقة وكان من المفترض أن ينتظر حتى السابعة مساء ويسلم العمل لزميله فى الوردية من السابعة مساء إلى السابعة صباحاً وتبين للنيابة من خلال متابعة كشوف الضحايا والمصابين أن عامل البرج لقى مصرعه فى الحادث وكان من بين ركاب العربة الأخيرة فى القطار ١٥٢، فى طريقه إلى بلدته فى بنى سويف.
وألقت أجهزة الأمن القبض على سائق القطار ١٥٢ فى مكان الحادث واستمعت النيابة مساء أمس لأقواله، فقال إنه فوجئ بـ«دابة» تعترض طريقه فجأة، وإنه كان يسير بسرعة عادية تمهيداً للتوقف فى محطة الرقة ووقف اضطرارياً لحدوث تلف فى «بلف الهواء» الخاص بالجرار، وبعد ١٠ دقائق فوجئ باصطدام القطار ١٨٨ به من الخلف، وجار الاستماع إلى أقواله بمعرفة أحمد الركيب. وتقرر التحفظ على سائق القطار ١٨٨ داخل مستشفى البنك الأهلى تحت حراسة أمنية مشددة، وتبين أنه يدعى أمير حليم عيد ٤٠ سنة من الواسطى واستعلمت النيابة عن حالته الصحية لاستجوابه.
وقال مصدر رفيع المستوى من هيئة السكة الحديد لـ«المصرى اليوم» فى موقع الحادث إن جهاز ATC وهو جهاز ملحق بكل القطارات وموصل آلياً بجهاز a٣ فى الهيئة ويتولى مراقبة حركة القطارات والأعطال التى تحدث بها وأن الأجهزة تعمل آلياً دون تدخل السائقين. وأضاف المصدر أن ٥٠٪ من تلك الأجهزة معطلة فى القطارات ولا تؤدى عملها بالشكل المطلوب وأنه تم رفع مذكرات إلى المسؤولين أكثر من مرة دون رد فعل، وأن السائق إذا كان «مغيباً» أو نائماً فإن الجهاز يمنع الكوارث وإذا كان الجهاز معطلاً فالكارثة لا يمنعها إلا الله.
وقال شهود عيان ومراقبون فى أبراج المراقبة بكفر عمار والرقة وأبوالنمرس لفريق التحقيق: «جميع الإشارات فى المنطقة الواقعة من قرية كفر عمار حتى مكان اصطدام القطارين، والبالغ عددها ٤ سيمافورات، كانت تعمل بكفاءة لكن مركز أبوالنمرس وهو المركز الذى يراقب سرعة القطارات فى المسافة بين بنى سويف والجيزة، سجل أن جهاز الـATC كان مغلقاً ولم يعط أى إشارات».