samy khashaba عضو ماسى
17/5/2009 : 23/09/2009 العمر : 56 الموقع : اسكندرية
| موضوع: الأجرب.. قصة السيف التاريخي الذي تحتضنه البحرين ويفتخر به السعوديون الأربعاء مايو 05 2010, 20:35 | |
| كان الاحتفال الكبير الذي أقيم مساء أمس في البحرين، والذي تم من خلاله تسليم السيف التاريخي المسمى بـ«الأجرب» لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، من قبل ملك البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تتويجا للأهمية التاريخية للسيف الذي يعد رمزا مهما، أسهم في تدعيم الدولة السعودية في بداياتها.
«الشرق الأوسط» تعرض القصة التاريخية للسيف «الأجرب»، الذي يمثل أهمية خاصة لدى السعوديين عامة، نظرا إلى ما له من رمزية كان لها تأثيرها الكبير على دعم تأسيس الدولة السعودية في بداياتها، على يد الإمام تركي بن عبد الله آل سعود.
فقد مثلت السيوف قيمة عند الأنبياء والقادة، حيث رصدت كتب تاريخية للرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - سيوفا عدة، لعل أشهرها البتار، الذي سمي «سيف الأنبياء»، وسيف الحتف وذو الفقار والرسوب والمخذل والقضيب والعضب والقلعي، كما اشتهر قلة من القادة والمحاربين بإجادتهم الضرب بالسيف كما هو حال أبي محجن الثقفي الذي أودعه سعد بن أبي وقاص القائد الإسلامي الشهير السجن أثناء معركة القادسية، ومن سجنه في مقر إقامة القائد سعد بن أبي وقاص أطلق أبو محجن صرخاته وهو مكبل بالحديد متحسرا على عدم مشاركته في المعركة لتصل صرخاته إلى مسامع زوجة سعد وهو يردد:
* كفى حزنا أنت تلتقي الخيل بالقنا ـ واترك مشدودا علي وثاقيا
* إذا قمت عناني الحديد وغلقت ـ مصارع دوني قد تصم المناديا.
وعندما سمعت زوجة سعد نداءات أبي محجن ولهفته للمشاركة في المعركة فتحت باب سجنه وأخرجته ومنحته خيل زوجها البلقاء وسلاحه، فأسرع أبو محجن إلى ساحة المعركة مخترقا الصفوف ومنفسا عن المحاربين من المسلمين، محدثا ارتباكا في صفوف الأعداء، وقد أبلى في المعركة بلا حسنا وكان سعد يشاهده وهو يعمل في الأعداء مرددا: الخيل البلقاء والضرب ضرب أبي محجن. متذكرا أنه حبيس السجن، وعندما وضعت الحرب أوزارها عاد أبو محجن إلى سجنه ليكتشف سعد أن ذلك الشجاع المقاتل ما هو إلا السجين ليخرجه من سجنه بعد أن أخذ تعهدا عليه بعدم معاودته شرب الخمر.
وأشار فؤاد حمزة في كتابه «البلاد العربية السعودية» في حديثه عن سيوف الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، إلى أن جلالته يعنى عناية فائقة بالسيوف. وأوضح أن لجلالته «خبرة واسعة في أجناسها وأصنافها ومعرفة بتواريخها، وقد اهتم بالسيوف القديمة التي اشتهرت في العائلة السعودية، وحرص على جمع ما تفرق منها في حوادث الفتنة الأهلية فتم له أكثر ما أراد، وسمعته يذكر أن هنالك سيفا مشهورا واحدا من سيوف آل سعود الأولين لم يزل مفقودا».
وأضاف حمزة: «ويفضل جلالته السيوف الفارسية القديمة، ومن أفضلها الجنس المسمى خريسان والجنس المسمى دابان، وقد انعدمت صناعتهما منذ مئات السنين والموجود منهما الآن نادر جدا، وأكثر السيوف القديمة في العائلة هي من الصنف الثاني دابان ومنها السيوف: رقبان وهو من أحب السيوف إلى جلالته، وصويلح، وثويني، وياقوت».
وعادت السيوف الشهيرة التي استخدمت في العصور المتأخرة الذي كان فيه السيف السلاح السائد والمتاح إلى الواجهة مجددا، ولعلها أكثرها شهرة سيف «الأجرب» الذي يعود إلى الإمام تركي بن عبد الله مؤسس الدولة السعودية الثانية، واشتهر بالشجاعة والشهامة، وعد شاعرا متميزا وبارزا، وأطلق عليه شاعر الأمراء. وبهذا السيف استطاع الإمام تركي أن يستعيد ملك آبائه وأجداده، ويوطد دعائم الدولة السعودية وينشر الاستقرار في أنحاء الجزيرة العربية قبل قرنين بعد أن عمت الفتن والقلاقل جميع أرجائها.
ورويت عن الإمام تركي بن عبد الله وقائع تشبه الأساطير حيث أشار منير العجلاني في كتابه عن السعودية إلى أن «سلاح الإمام، بل ورفيقه الذي لا يفارقه أبدا، هو السيف الذي عرف باسم (الأجرب) وهذا السيف كان عند تركي بمنزلة المصباح السحري عند (علاء الدين)، يقول له تركي:
يا أجرب أعطني رأس فلان .
فيجيبه (الأجرب): لبيك، هذا رأسه بين يديك!».
استطاع تركي الهرب من الدرعية قبل استسلامها واستيلاء الغزاة عليها، وطلبه الترك في كل مكان فلم يظفروا به.
وهرب مرة أخرى إلى الرياض، حين أحكم الترك الحصار حولها، وظنوا أنه لن يفلت من قبضتهم ولكنه نجا منهم ولم يقفوا له على أثر.
كان تركي يتنقل بين البلدان والعشائر متخفيا في النهار وقد يظهر في الحقول المنعزلة، وفي الليل يحمل سيفه ويترصد الجواسيس والخونة ويقاتلهم، كما يروى أنه كان يدخل مرارا معسكر الترك ليعرف حركاتهم وخططهم ومن يعاونهم من أهل نجد، ودخل مرة المعسكر متنكرا، فعرفه أحد النجديين الموجودين هناك، فسار تركي إليه مسرعا وصب طبق الطعام فوق رأسه فشغله بذلك عن الإبلاغ عنه واستطاع الهرب.
وقد أورد الإمام تركي صاحب السيف «الأجرب» الذي أهدي إلى أحد شيوخ البحرين وأودع في المتحف الأميري هناك منذ عقود رفيق دربه السيف، في قصيدته التي أرسلها إلى ابن عمه مشاري وهو في مصر قبل نحو قرنين:
* سريا قلم واكتب على ما تورا ـ أزكى سلام لابن عمي مشاري
* إن سايلوا عني فحالي تسرا ـ قبقب شراع العز لو كنت داري
* يوم أن كل من عميله تبرا ـ حطيت (الأجرب) لي عميل مباري
* نعم الرفيق إلا سطا ثـم جرا ـ يودع مناعير النشاما حباري
* رميت عني برقع الذل برا ـ ولأخير فيمن لا يدوس المحاري
* يبقى الفخر وأنا بقبري معرا ـ وأفعال تركي مثل شمس النهاري.
كما أن للإمام تركي أبياتا أخرى أشار فيها إلى هذا السيف «الأجرب» أوردها منديل الفهيد في كتابه من آدابنا الشعبية منها:
* جلست في غار على الطرق كشاف ـ على طريق نايف في عليه
* وطويق غرب وكاشف كل الأطراف ـ وخذيت به وقت وله به قابليه
* مع الخوي (الأجرب) على كل خواف ـ في يد شجاع ما تهبى ضويه
* قطاع بتاع ولأني بخواف ـ ودبرة الله ما نهاب المنيه
* ولا من ضربت الدرب بالفعل ننشاف ـ ونعايش الدنيا وبقعا صبيه.
ويرجح الباحث راشد بن عساكر أن اسم «الأجرب» جاء من الصدأ الذي يركب السيف أو قرابه موردا في هذا الصدد ما جاء في «لسان العرب» لابن المنظور عن مادة جرب، حيث أشار إلى أن جرب: هو بثر يعلو أبدان الناس والإبل، وأجرب القوم: جربت إبلهم، والجرب كالصدأ يعلو باطن الجفن والجراب هو الوعاء والجمع أجربة والجراب وعاء.
وعند ابن الأعرابي: الجرب: العيب والجرب الصدأ ويركب السيف وجربان السيف حده أو غمده والجربان قراب السيف الضخم يكون فيه أداة الرجل وسوطه وما يحتاج إليه. وقال الراعي النميري:
وعلى الشمائل أن يهاج بنا جراب كل مهند عقب ويذكر الدكتور علي أبا حسين في دراسة عن العلاقات السعودية البحرينية في مجلة «الوثيقة» التي تصدر عن مركز الوثائق التاريخية في البحرين أن الملك عبد العزيز عندما قام بزيارة للظهران بمناسبة استخراج النفط في عام 1939م. وعندما علم الشيخ حمد بن عيسى بقدوم الملك عبد العزيز إلى المنطقة الشرقية قرر الذهاب إلى الظهران للسلام على الملك عبد العزيز ودعوته لزيارة البحرين، وكان في معية الشيخ حمد حين زار الملك عبد العزيز إخوانه وأولاده وأبناء عمه وحشد كبير من أتباعه، واستقبل الملك عبد العزيز الضيوف استقبالا يليق بهم، وخلال زيارة الشيخ حمد قدم هدية للملك عبد العزيز، وهي «الأجرب» سيف الإمام تركي بن عبد الله مؤسس الدولة السعودية الثاني، ولكن الملك عبد العزيز قال للشيخ حمد «هذه ذكرى منا عندكم فأبقوه لديكم»، وقبل الشيخ حمد بهذا الأمر من الملك عبد العزيز.
وقد لبى الملك عبد العزيز دعوة الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وقد غادر قبل الملك عبد العزيز إلى البحرين ولي عهده الأمير سعود بن عبد العزيز، والأمير فيصل بن عبد العزيز وزير الخارجية، والأمير خالد بن عبد العزيز، ومن ثم اتجه الملك عبد العزيز بمعية 300 من مرافقيه وحاشيته إلى المنامة، وكان في استقباله عندما وصل إلى البحرين الشيخ حمد وعدد كبير من أسرة آل خليفة ووجهاء البحرين، واتجه الملك عبد العزيز إلى قصر القضيبية المعد لإقامته. | |
|