جهوزيتان تحكمان الحرب المقبلة: جهوزية الطيران الاسرائيلي المتفوق, وجهوزية الصواريخ المتطورة. وبات من الواضح ان اسرائيل تنظر الى هذه الحرب على أنها حرب وجودية, وتقرير فينوغراد حاسم لجهة ان على اسرائيل ان تستعد لمواجهة تستعيد معها هيبة الردع التي كانت أساس قيامها, وبدونها لا تستطيع البقاء.
وقبل اسابيع معدودة على الاحتفالات الكبرى التي تعدها اسرائيل في الذكرى الستين لقيامها تعيش الدوائر الأمنية والعسكرية حالة قلق وجودي لأن التحديات تتزايد في الداخل والخارج ولأن اختبار القوة الاسرائيلية الرادعة على المحك, والظن الراجح ان الاختبار الجديد الذي تراهن عليه القيادة الاسرائيلية لاستعادة هيبتها مطلوب ومؤجل في الوقت نفسه, الى ما بعد الذكرى الستين, وربما الى ما بعد الادارة الأميركية الحالية.
وهناك من يعتقد ان اسرائيل ستوجه ضربة مؤلمة الى حزب الله بالتزامن مع هجوم بري, من أجل اضعاف معنويات المقاومة, وهذا الهجوم وارد في نظر بعض الخبراء في منطقتي العرقوب والبقاع الغربي اللتين تفتقران الى الحاضنة الشيعية اللازمة كما الى القوات الدولية. ومحاور التقدم الاسرائيلي يمكن, في هذه الحال, ان تنطلق من جبل الشيخ والبقاع الغربي وصولاً الى المصنع, ومن هناك تصبح الجبهة السورية مهددة. والمحور الثاني يمكن ان يكون جبل الشيخ في اتجاه العرقوب نزولاً, في محاولة لعزل المقاومة عن قواعدها الطبيعية ومحاصرة طرق الامداد من عمق البقاع الشمالي.
إلا أن هذه الاحتمالات تسقط تلقائياً, اذا ما تدخلت الصواريخ السورية لردع الهجوم الاسرائيلي, وهي مفاجأة متوقعة في أي حال, لأن سوريا لا يمكن ان تسلم بوصول القوات الاسرائيلية الى مواقع تصبح معها دمشق مهددة.
واذا كانت حرب تموزيوليوقد برهنت عن قدرة المقاومة على تحقيق اصابات دقيقة في البحر, كاستهداف البارجة الاسرائيلية;ساعر; بصاروخ ارض بحر, واصابات اخرى دقيقة عبر استهداف فخر الصناعة العسكرية الاسرائيلية ;ميركافا فإن ما يملكه;حزب الله حالياً من منظومة صاروخية يتجاوز بأشواط ما كان يملكه في المواجهة الأخيرة, من حيث الكمية والنوعية والقدرة الرادعة.
ويبقى احتمال دخول سوريا في الحرب الصاروخية الى جانب احتمال دخول ايران, وكلاهما وارد جداً. ماذا يعني هذا الدخول؟
في الحسابات الاسرائيلية ان حرباً مع سوريا, قريبة او بعيدة, لن تكون عبر مواجهات برية في الجولان المحتل, انما ستكون حرباً بالصواريخ على غرار حرب لبنان الثانية في تموز يوليو ولكن مع كمية صواريخ روسية اكبر بعشرة اضعاف ما اطلقه حزب الله. فضلا عن ان قدرات الصواريخ السورية ستكون اضخم من حيث قوة التدمير واطول من حيث المدى واكثر دقة, خصوصا اذا ما اتبعت سوريا استراتيجية الاغراق الصاروخي في قصف الاهداف الاستراتيجية الاسرائيلية العسكرية والمدنية على السواء, مراهنة على ان الدفاعات الصاروخية الاسرائيلية المدعومة اميركيا لن يكون بامكانها اعتراض واسقاط سوى 1015من الصواريخ السورية المهاجمة, ولكن باقي الصواريخ السورية سيصل بالقطع الى اهدافه محدثا خسائر بشرية ومادية في اسرائيل لن يكون في مقدور الحكومة الاسرائيلية تحمل نتائجها, حتى وان كرست اسرائيل ترسانتها الجوية مقاتلة قاذفة والصاروخية الباليستية & صاروخ اريحا في قصف الاهداف الاستراتيجية والمدن السورية. يزيد قوة الرهان السوري احتمال تدخل الصواريخ الايرانية شهاب3 في قصف الاهداف الاسرائيلية الى جانب الصواريخ السورية, وذلك في اطار الشراكة الاستراتيجية القائمة بين طهران ودمشق. ناهيك عن مشاركة صواريخ حزب الله من لبنان في قصف المدن والمستعمرات في شمال اسرائيل في حال تعرض اي من ايران او سوريا لهجوم جوي او صاروخي او بري من جانب اسرائيل او الولايات المتحدة او كلتيهما.
وترى شعبة الاستخبارات الاسرائيلية ان المنطق العسكري السوري الآن هو دفاعي ورد فعل, ولكن السؤال الجوهري يبقى امام هذه الشعبة هو: متى ستنتقل دمشق من الوضع الدفاعي القائم الى وضع هجومي؟ وهل يغير الرئيس السوري بشار الاسد رأيه بعد ان يرى ان استعدادات جيشه الدفاعية تؤهله للقيام بهجوم على اسرائيل, مستغلا في ذلك ضعف الموقف الاميركي في المنطقة, بل وضعف الادارة الاميركية داخل الولايات المتحدة وعدم استعدادها للتورط في مغامرات عسكرية جديدة حتى وان كانت لصالح اسرائيل, ومستغلا ايضا ضعف حكومة اولمرت داخليا, وانشغال المؤسسة العسكرية الاسرائيلية بتضميد جراحها عقب حرب لبنان الاخيرة, علماً ان ما اصاب الجيش الاسرائيلي من تصدعات في هذه الحرب يحتاج الى فترة زمنية ليست قصيرة لترميمها, خصوصا في مجال مواجهة الصواريخ الهجومية المعادية قصيرة المدى ومنخفضة الارتفاع؟
من الواضح ان قواعد الحرب والسلام تغيرت في المنطقة, ولم تعد اسرائيل الدولة التي لا تقهر, ويوماً بعد يوم بدأ الاسرائيليون يتعايشون مع نتائج حرب تموزيوليو2006 ورغم ان القرار 1701 شكل رافعة لحماية حدود اسرائيل الشمالية, فإن اصواتا في تل ابيب بدأت ترتفع مطالبة بالبحث عن تسوية شاملة قبل ان تواجه اسرائيل انهيارات جديدة في اي حرب مقبلة.
وخبير عسكري سوري يؤكد ان سوريا تمتلك احدى الترسانات الكبرى من الاسلحة الصاروخية, متوسطة وبعيدة المدى, كورية وروسية الصنع, وحتى سورية الصنع &النموذج السوري وهي قادرة على ضرب البنية التحتية, والمراكز الحيوية في اسرائيل.
وجدير بالذكر ان قدرات هذه الصواريخ كبيرة, ودقة اصابتها عالية, وقدرتها التدميرية هائلة, بحيث يتجاوز وزن العبوة المتفجرة نصف الطن, وقدرتها على اختراق الاجواء الاسرائيلية عالية بسبب وجود مواد عازلة لا تستطيع الرادارات كشفها, ولا يستطيع الباتريوت مضاد الصواريخ التصدي لها, واذا اكتشفت فمن الصعب التصدي لها باعتبار ان المدة الزمنية للوصول الى الهدف لا تتجاوز 90 ثانية.
وبعض المحللين الاستراتيجيين يقدرون قيمة البنية التحتية السورية التي ستدمر في حال نشوب هذه الحرب المحتملة, من سدود ومحطات كهروحرارية ومنشآت حيوية ومصانع ومراكز عسكرية بمئة مليار من الدولارات, اما في اسرائيل فإن حجم الدمار المتوقع جراء اطلاق الصواريخ السورية يقدر بمئات المليارات من الدولارات حيث سيتم ضرب ما يسمى بوادي التكنولوجيا, وتقدر قيمته بخمسماية مليار دولار, وسيدمر بشكل شبه كامل, اضف الى ذلك ان هناك اكثر من مئة هدف حيوي وضع تحت مرمى الصواريخ السورية, وهذه الاهداف مقدر لها ان تدمر تماماً.
ويكشف المصدر العسكري عن مفاجأة اخرى ويقول: لا يخفى على احد انه اذا خرجت هذه الحرب المحتملة عن اطارها التقليدي فلن تتوانى سوريا عن استخدام الاسلحة غير التقليدية واسرائيل تعرف اكثر من غيرها القدرات السورية في هذا المجال;كيميائي, بيولوجي&
لكن هل يمكن ان تنشب مثل هذه الحرب بالفعل؟ يرى بعض القريبين من دمشق انها قد تقع في اشهر, وستكون مفتوحة على المجهول, ويلاحظ زوار دمشق ان الشارع السوري متفائل في حال التصعيد, لانه كان يطالب الحكومة والنظام السوري دائما بالتعاطي مع قضية الجولان بجدية اكثر, وعلى ما يبدو فإن الرئيس بشار الاسد استشف هذه الحاجة التي يمليها ويفرضها رأي عام سوري, بدأ يتحدث عن صمت جبهة الجولان لسنوات طويلة من دون اي بارقة امل لاعادتها عبر عملية سلمية مع اسرائيل, وراح يطالب باسترداد الجولان بأي طريقة حربا ام سلماً, وان كان الاخير مستبعدا فانه من الواجب الوطني استردادها بالخيار الاول ألا وهو الحرب.
واللافت للنظر انه للمرة الاولى منذ هزيمة 1967 يتم تأسيس لجنة شعبية لتحرير الجولان, يقتصر عملها في الوقت الراهن على الاعلام والسياسة ودعم السوريين في الجولان المحتل.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل تتحول هذه اللجنة الى مؤسسة ذات طابع عسكري, وهل يحتاج النظام السوري الى نموذج كنموذج حزب الله لتحرير الجولان, ام انه سيخوض هذه الحرب كدولة لها مؤسساتها العسكرية وجيشها التقليدي؟
المصدر السوري يؤكد ان سوريا بدأت الاستعدادات عبر وضع خطة عاجلة وسريعة لبناء ملاجئ ذات مواصفات خاصة تستوعب الألوف من المواطنين في كل المحافظات, وذهب التفكير داخل الحكومة السورية الى امكان نقل المؤسسات الرسمية والوزارات الى مدن بعيدة عن خط التماس مع اسرائيل. وطرحت مدينة حلب كمقر بديل, وطرحت فكرة توزيع المؤسسات الحيوية على اكثر من مدينة واكثر من موقع.
ومراجعة التقارير الغربية الاخيرة تكشف ان سوريا باتت تملك صواريخ بعيدة المدى تستطيع ضرب اي موقع في اسرائيل, وقد تمكنت من تطوير صاروخ أرض أرض جديد يمكنها من ضرب المنشآت التحتية الاسرائيلية بدقة اكبر بفضل مساعدة ايرانية تقنية, علماً ان سوريا وايران تتقاسمان الخبرات التقنية في اكثر من مجال على مستوى انتاج الصواريخ. وتقول صحيفة هآرتس وفقاً لتقديرات امنية اسرائيلية, ان سوريا تملك مخزوناً من الصواريخ يصل الى عشرات الألوف تتراوح امداؤها بين 40 و200 كيلومتر, علاوة على صواريخ اخرى بقطر اكبر ومدى اقل.
وتتساءل هآرتس من يستطيع ان يتخيل ما الذي سيحدث في شوارع مدننا وقرانا اذا اندلعت الحرب مع سوريا ووصلت الى مستوى توجيه الضربات الى العمق الداخلي, ليس ملزما التوجه بعيدا. الأربعة آلاف صاروخ التي اطلقها حزب الله في حرب لبنان الثانية وشلت حياة مليون مواطن في شمال الدولة كانت عينة عن توجيه الضربات الى العمق الاسرائيلي. الجيش السوري يملك الف صاروخ بالستي يراوح مداها بين 300 و700 كيلومتر من طراز سكاد سي وسكاد بي وسكاد ديوهي قادرة على تغطية كل نقطة في اسرائيل &المسافة بين جنوب هضبة الجولان وتل ابيب تبلغ 150 كيلومتراًالصواريخ السورية مزودة برؤوس كيميائية وقد جرت على ما يبدو تجارب ايضا على المواد البيولوجية. يضاف الى كل ذلك صواريخ ;اس. اس 21, التي يعد مداها اقصر من البالستية كيلومترا; لكنها اكثر دقة. مطار رمات دافيد مثلاً موجود في مدى هذه الصواريخ. السوريون حصنوا صواريخهم وادخلوها في مرابض اسمنتية كعبرة مستفادة من حرب لبنان الثانية. تضيف &;هآرتس والاكثر اشكالية بالنسبة الى الجيش الاسرائيلي هو ذلك المخزون الصاروخي الذي تملكه سوريا. في مواجهة آلاف الصواريخ من طراز 220 ميلليمتراً مداها 70 كيلومتراً& و302 ملم كيلومترا لا يملك الجيش الاسرائيلي ردا مثلما لم يكن لديه رد على آلاف صواريخ الكاتيوشا التي اطلقها حزب الله على اسرائيل.
وينصب الاهتمام الاسرائيلي في الفترة الاخيرة على الصواريخ الجديدة التي استقدمها الحزب, في ضوء تقارير استخبارية عن تسلمه آلاف الصواريخ المتطورة.
والصواريخ التي تخشى اسرائيل ان تكون حقاً في حوزة حزب الله وبأن يقدم الاخير على استخدامها في ضرب تل ابيب ووسط اسرائيل, فهي الصواريخ الميدانية الثقيلة المتحركة مثل صواريخ زلزال وصواريخ نازيات وسلسلة ;زلزال طورتها المصانع الايرانية, بمساعدة كورية. وهي تعتبر من عائلة الصواريخ الباليستية القصيرة المدى. ويبلغ مدى صواريخ زلزال بين 125 و260 كيلومتراً وهي مزودة بنظام توجيه اوكراني الصنع. الا ان المصادر الغربية تستبعد وجود هذه الصواريخ لدى حزب الله وترجح امتلاك الحزب لصواريخ &laqascii117o;نازيات6 ونازيات 10وهي مطورة عن الصاروخ الروسي طراز;فروغ ويبلغ مداها 100 و140 كيلومتراً وتطلق هذه الصواريخ من منصات متحركة تشبه الى حد كبير الحفارات. ويبلغ وزن الرأس الحربي لصاروخ &نازيات6 حوالى 150 كلغ و نازيات 10حوالى 230 كلغ, وهما مزودان بنظام توجيه حديث اوكراني الصنع, مما يمكنهما من ضرب اهداف ضمن دائرة قطرية صغيرة.
وباختصار يمكن القول ان الجبهة اللبنانية السورية بعمقها الايراني قادرة على التصدي اذا خرجت الحرب المفتوحة عن دائرة العمليات الامنية المحدودة وتحولت الى مواجهة شاملة. وهناك اقتناع في اوساط الدوائر العسكرية الغربية ان سوريا وضعت في حسابها امكان قيام سلاح الجو الاسرائيلي المتفوق بعمليات تدمير واسعة للمدن السورية على غرار ما فعله في لبنان, وقد وضع السوريون خطة رد سريع سيتم تمريره الى اسرائيل بمجرد البدء في المعارك, وهو ان اي محاولة لضرب البنية التحتية للمدن السورية ستطلق آلاف الصواريخ الثقيلة بعيدة المدى وستحول تل ابيب الى مدينة مهجورة, واي محاولة لاستخدام اسلحة غير تقليدية ضد الجيش السوري او المدن السورية سيرد عليها بصواريخ ذات رؤوس كيميائية.
ومرحلة التدخل السوري قد يعقبها انذار ايراني بالتدخل ايضا, وهذه المرة قد يجد ربع مليون جندي اميركي في العراق انفسهم رهينة لاكثر من مليوني جندي ايراني فيما لو قررت واشنطن التدخل ضد سوريا عبر قواتها في العراق.