الدكتور يونس حنون الساعدي
نمتاز نحن العراقيون عن غيرنا من شعوب الارض بان كل واحد منا يمتلك مهارة جسدية لايمتلكها اي من ابناء الشعوب الاخرى، فالعراقي هو البشر الوحيد الذي في استطاعته ان يضرب نفسه جلاّق (اي شلوت) وهو الوحيد الذي يستطيع ان يبصق على نفسه... يعني ماغلط ذاك الرجال عندما قال ( تباً للمستحيل)... فنحن تربينا منذ نعومة اظفارنا على جلد ذواتنا تكفيراً عن ذنوب اخترعها لنا كبارنا والصقوها على جباهنا ونحن خانعون..... بل اننا اكتشفنا قانوناً علمياً يحسدنا عليه مكتشف قوانين الوراثة غريغور ميندل ألا وهو توريث الذنوب مع الجينات البشرية.
نعم لقد ابتكر اولي الامر فينا وحدة قياس جديدة للكوارث والخطوب اسمها الذنوب.... كلما حلت علينا مصيبة قالوا انه الذنب الفلاني....
وكلما رمتنا الاقدار بحاكم اهوج يسوقنا بالسياط اخفضنا رؤوسنا وقلنا لانفسنا (حيل بينا وزايد ) فهذا سببه الذنب العلاني ..
وبحسب هذا الموروث "البعروري" سنبقى نحن العراقيون مثلاً نعزو الكثير من المصائب التي تحل على رؤوسنا الى (حوبة الحسين) اي اننا ندفع ثمن الجريمة التي ارتكبها احد الخلفاء الامويين بحق الامام الحسين لمجرد ان جريمته في ذلك الوقت وقعت ضمن الحدود الدولية المعترف بها للعراق في الوقت الحاضر، ولأن بضعة الوف من سكان احدى المدن العراقية خانوا الامام الحسين وتخلوا عنه، لذا اصبحت ذنوبهم حسب قانون نقل الملكية العراقي معلقة برقاب كل ابناء الرافدين بمختلف اطيافهم... اي حتى المسيحيين والصابئة والايزيديين الذين لم يكن لهم اي يد في واقعة كربلاء عليهم ان يدفعوا ثمن تلك الجريمة "وهمه الممنونين" ولسان حالهم يقول (بخيرهم ماخيروني، وبشرهم عمَّوا عليه)!!
وحسب قوانين الوراثة في بلاد مابين النهرين لازلنا نصر على ان مؤامرات من نسميها الصهيونية العالمية والمحافل الماسونية ستبقى متواترة ومتلاحقة على ابناء هذا البلد المنكود لان احد ملوك الدولة البابلية وهو نبوخذنصر قد سبى اليهود الى عاصمته بابل، لذا اقسم اليهود بالعزير على الانتقام من احفاده البررة (اي حضراتنا) حتى لو كان 90% من ابناء الشعب العراقي لايعرفون من هو هذا النبوخذ... ولا اشك اننا لن نتردد لحظة في التبرؤ منه ومن افعاله ولعن سنسفيل اجداده لو كان في ذلك ما يجعل بني صهيون يكفون اذاهم عنا....
ونحن نهيم حبا بذنوب الاجداد سواء اكانت تخصنا او تخص الاخرين ممن لا ناقة لنا معهم ولاجمل، فعندما اصدر بابا الفاتيكان في الستينيات مرسوماً دينياً بتبرئة اليهود المعاصرين من دم المسيح ثار الرئيس العراقي آنذاك المرحوم عبدالسلام عارف وارسل برقية استنكار وتنديد الى البابا معتبراً ان اليهود يجب ان يتوارثوا وزر و تبعات جريمتهم الى قيام الساعة، ناسياً اننا اصلاً لانعترف ان المسيح قد صُلب......
ماذكرني بهذا الكلام كله رسالة وصلتني كما وصلت الى العشرات مرسلة من احد متنطعة هذا الزمان يقول فيها بالحرف الواحد:
ان كل ماحل بنا من كوارث الاحتلال المريكي للعراق هو عقوبة الهية لنا لاننا تركنا ما امرنا به ديننا واهملنا حدود الله، ولان الفاحشة قد انتشرت بيننا و اصبحنا نتعاطى المنكر والخمور وانتشر الفساد بين شبابنا،،، لذا فالحل بيدنا نحن، لنخصص عشر دقائق من اي يوم نستغفر الله من الساعة العاشرة إلاّ عشر دقائق الى العاشرة مساءً (اي عشر دقائق فقط)، نستغفر الله فيها ولاشئ إلاّ الإستغفار ومن القلب وبيقين تام بالاستجابة ان شاء الله... تخيل لو طبق هذا المشروع حوالي نص مليون عراقي وكلهم مرة واحدة تخيل وقعها عند الرؤف الرحيم الذي لا يخلف وعده؟؟!!
(وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون)، آية 33 الأنفال. انتهى النص...
اذن هل عرفتم ياعراقيين كم انتم اشرار والعياذ بالله؟؟؟
تبين انكم الوحيدون في العالم الذين تعاطيتم الخمور والمنكر فحق عليكم العقاب، ورغم ان العراق هو الدولة الوحيدة التي اغلقت الحانات ومحلات الشرب بقرار رئاسي فان رب العالمين يريد ان يحاسبكم على كل قطرة من العرق والويسكي سبق ان شربتموها قبل الثورة... لذا انزل بكم من كوارث ما يجعلكم تتقيأونها كلها بل وتتقيأون معها حتى حليب امهاتكم.
وانتم الوحيدون في العالم الذين انتشرت فيكم الفاحشة بينما الناس في الدول التي تنعم بالامان والسلام مثل المانيا وهولندا وسويسرا وفرنسا وايطاليا لا يقترب فيها رجل من امرأة الا اذا كان ذلك على سنة اللة ورسوله.... لذا حل عليكم غضبه.
وبسبب كل هذه الذنوب ارسل الله 300الف جندي امريكي مدجج بالسلاح الى العراق باعتبار ان رئاسة اركان الجيوش السماوية تقع في واشنطن.
ولكن كل ذلك يجب ان لايدفعنا لليأس، فنفس التحفة الذي فسر لنا اسباب حظنا الاسود قد وجد لنا الحل: اذا اقنعنا نصف مليون منا ان يستغفروا بالنيابة عن العراقيين ذنوبهم وبشكل جماعي فسيرفع الله الغمة عنا.
تكفي 10 دقائق من الاستغفار كي تنسحب الجيوش ويعود العراق معززا مكرما الى ابنائه.
اقول لهذا العبقري الذي توصل الى هذا الحل:
ان اكبر الذنوب التي ارتكبها العراقيون في تاريخهم حصلت بعد الاحتلال، وليس قبله.
عندما قبلنا بان تحكمنا قاذورات المحاصصة.
وعندما ذهبنا الى صناديق الاقتراع وانتخبنا العملاء والسفاحين واللصوص الذين مزقوا احشاء هذا البلد وافترسوها.
وعندما جعلنا من طوابير اللطم والزناجيل وشج الرؤوس والتطبير عربوناً لحريتنا المزعومة ورمزاً لتخلصنا من الدكتاتورية.
و عندما ذبحنا بعضنا بعضاً على الهوية.
وعندما سمحنا لاولاد السفلة ان يتحكموا برقابنا وبمليارات الدولارات من اموال وحقوق ابنائنا ويبددوها دون ان نسألهم اين ذهبتم بها والبلد تزداد ظلاما وفقرا وجهلا يوماً بعد يوم.
وعندما تركنا علماءنا الحقيقيين واطباءنا ومهندسينا واساتذتنا ومثقفينا يُقْتَلون و يُخْطَفون و يُشَرّدون من البلد كي تخلو الساحة للجهلة وشذاذ الافاق من عصابات ساستنا الاراذل ومليشيات الكراهية الطائفية كفيلق غدر وكلاب القاعدة وحثالات مقتدى
وعندما سمحنا لبهائم طالبان وايران وضباع السلفية والوهابية ان ينصبوا انفسهم امراء في مدننا ويصدروا فتاواهم الشيطانية باسم الاسلام.
فهل كل هذه الذنوب تكفيها عشرة دقائق من الاستغفار؟
عمي دسويها لخاطري ربع ساعة بلكت الله يشمل بالغفران ذنوب العراقيين الموجودين بالخارج ايضاً وبضمنهم جنابي.
لكن مايشغلني هو: هل البصبصة على هيفاء وهبي مشمولة بالغفران... حتى لو كنت لا استطيع التوبة؟؟؟