بعد أسبوعين من المحاكمة التي حظيت بمتابعة واسعة من قبل وسائل الإعلام العالمية ، أصدرت محكمة بريطانية يوم الأربعاء الموافق 20 أكتوبر حكما بالسجن مدى الحياة ضد الأمير السعودي سعود بن عبد العزيز بن ناصر آل سعود بتهمة ضرب خادمه وقتله في أحد الفنادق الكبرى بلندن.
وجاء في بيان للمحكمة أن الحكم صدر على الأمير السعودي بعد إدانته بقتل مساعده بندر عبد العزيز في فبراير/شباط الماضي على أن يقضي في السجن عشرين عاما على الأقل.
وقال القاضي موجها كلامه للمتهم حين النطق بالحكم :"كنت في موقع سلطة وثقة بالنسبة للضحية وقد استغللت ذلك أبشع استغلال ، ليس من المعتاد أن يقف أمير في قفص الاتهام ولكن لا أحد فوق القانون في هذا البلد" ، هذا فيما وقف الأمير السعودي في قفص الاتهام أثناء النطق بالحكم وذراعاه مشبوكتان على صدره دون أن يبدي أي رد فعل.
وكانت محكمة "أولد بيلى" البريطانية أدانت يوم الثلاثاء الموافق 19 أكتوبر الأمير السعودي سعود بن عبد العزيز بن ناصر آل سعود " 34 عاما " بتهمة ضرب خادمه وقتله .
ووفقا لمصادر قضائية مطلعة في لندن ، فإن هيئة المحلفين وجدت بعد مداولات استغرقت ساعة و35 دقيقة الأمير السعودي مذنباً بقتل خادمه بندر عبد الله عبد العزيز "32 عاما" في 15 فبراير الماضي في غرفة فاخرة بفندق لاندمارك غربي لندن ، موضحة أن الإدانة هي تمهيد للحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وبدأت وقائع محاكمة الأمير السعودي يوم الثلاثاء الموافق 5 أكتوبر ، ومنذ البداية ، اتهم الادعاء العام البريطاني الأمير السعودي الموقوف في لندن منذ فبراير/ شباط الماضي بقتل خادمه بندر عبد الله عبد العزيز وذلك عبر استخدام أسلوب الضرب المبرح ، مشيراً أيضا إلى وجود عنصر جنسي يقف خلف الحادث.
أدلة على الشذوذ
وعرض الإدعاء العام البريطاني في مرافعة قدمها أمام محكمة "أولد بيلى" وهي المحكمة الجنائية المركزية في لندن أدلة تؤكد أن الأمير سعود "شاذ جنسياً" وكان يلجأ لخدمات جنسية للمثليين ، مشيراً إلى أن جثة بندر تحمل آثار علاقة جنسية يحتمل أنها جرت مع الأمير الذي أقام مع الضحية في غرفة واحدة بأحد الفنادق.
كما ذكر الإدعاء أن الأمير كان في بريطانيا ضمن جولة استجمام عالمية كانت ستقوده في وقت لاحق إلى المغرب وجزر المالديف ومدن أوروبية أخرى مصطحباً معه المجني عليه الذي وصفه بيان الإدعاء بـ"المساعد أو الخادم".
ورغم أنه عندما عثر على جثة بندر عبد العزيز في الفندق المذكور ، ذكر الأمير سعود أن الضحية كان قد تعرض للهجوم والسلب قبل ثلاثة أسابيع من مقتله ، إلا أن جوناثان ليدلو وهو المدعي العام البريطاني في القضية أكد أمام محكمة "أولد بيلي" أن الأمير سعود "اعترف بقتل مساعده".
وأضاف ليدلو أنه يتعين على لجنة المحلفين أن تقرر بالتالي ما إذا كان الأمير سعود مذنبا بجريمة القتل العمد أم القتل الخطأ.
وتابع " كان تم العثور على القتيل بعد تعرضه للضرب والخنق في الفراش في الغرفة التي كان يشترك فيها مع الأمير سعود في الفندق المذكور، المدعى عليه قتل مساعده في اعتداء انضوى على عنصر الجنس".
وأضاف " وجدت المحكمة أن تحاليل بقع الدم التي كان عثر عليها في الغرفة جاءت متسقة مع فرضية أن الضحية كان قد خضع لسلسلة من الاعتداءات المنفصلة قبل قتله ، لقد حاول الأمير سعود إزالة بعض بقع الدم وقام بغسل بعض الملابس الخاصة بالضحية والتي كانت ملطخة بالدماء".
واستطرد ليدلو " الأدلة تثبت بشكل قاطع تماما أنه إما مثلي الجنس (لوطي) أو لديه ميول مثلية ، إن تسجيلات الدائرة التليفزيونية المغلقة في فندق لاندمارك منذ الثاني والعشرين من شهر يناير/كانون الثاني المنصرم أظهرت أن الضحية كان قد تعرض في السابق إلى اعتداء مؤذ حقا من قبل الأمير سعود ، علمت المحكمة أن الأمير سعود بن ناصر آل سعود كان قد اعتدى على الضحية عدة مرات قبل أن يفارق الحياة " .
واختتم قائلا :" من الواضح أن استغلاله لبندر لم يكن ببساطة مقتصرا على الضرب الجسدي ، إن إخفاء المتهم للجانب الجنسي لاستغلاله للضحية كان بمجمله لأسباب أكثر شرانية إذ يميل الأمر إلى الاعتقاد بأنه كان هنالك ثمة عامل جنسي في الظروف المحيطة بحادثة القتل".
وفي رده على ما سبق ، أقر الأمير السعودي سعود بن عبد العزيز بن ناصر آل سعود بالتسبب بمقتل مساعده بندر عبد العزيز لكنه نفي تهمتي القتل العمد وإلحاق الأذى الجسدي البالغ بالضحية عن سابق إصرار وترصد.
كما نفى الأمير أي تلميح إلى أن تكون لديه أي ميول جنسية ، قائلا إنه كان يعامل مساعده كـ "صديق وعلى قدم المساواة" مع نفسه.
ومن جانبهم وبالنظر إلى أن المثلية الجنسية جريمة يعاقب عليها بالموت في السعودية ، فقد طلب محامو الأمير أن تجري جلسات المحاكمة مغلقة .
الجريمة المأساوية
وكان الأمير سعود بن ناصر آل سعود 34 عاما أقام مع مساعده بندر عبد العزيز 32 عاما في فندق لاندمارك منذ العشرين من شهر يناير/كانون الثاني الماضي كجزء من "عطلة جرى تمديدها".
وقد عثر على جثة بندر في الغرفة رقم 312 من فندق لاندمارك الفخم في حي مارليبون وسط لندن في الخامس عشر من شهر فبراير/شباط الماضي ، حيث كانت وسادته ملطخة بالدماء ، وقد بدا الأمير في حينها "مصدوما ومنزعجا".
وأبلغ الأمير الشرطة خلال التحقيق أنه كان ليلة الحادث يشرب في الحانة "البار" التابعة للفندق المذكور حتى ساعات الصباح الأولى قبيل أن يعود إلى غرفته ، موضحا أنه عندما استيقظ حوالي الساعة الثالثة من بعد الظهر بتوقيت جرينتش لم يستطع إيقاظ بندر حيث وجده مقتولا ، وخلص تشريح الجثة إلى أن بندر مات نتيجة الخنق والإصابات التي تعرض لها في الرأس.
ومن جانبها ، ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن السفارة السعودية كانت أصدرت بيانا في بداية تفجر القضية أوضحت فيه أن الأمير المتهم نفى بشدة صلته بالوفاة المأساوية لمرافقه ، وأعربت عن أسفها لتلك الأحداث المأساوية التي طالت مواطنين سعوديين ، موضحة أنها ستتابع الاهتمام بمصالح المواطنين السعوديين وفق القوانين والأنظمة البريطانية والسعودية.
وأضافت "بي بي سي" أنه رغم أن الأمير وهو حفيد العاهل السعودي من ناحية والدته حاول عبثاً الاستفادة من حصانة دبلوماسية مفترضة لدى توقيفه ، إلا أن مجرد انتمائه إلى العائلة المالكة لم يمنع مثوله أمام القضاء البريطاني .