منذ عشر سنوات جاءت إلي القاهرة من بلدها تونس يشدها الحنين إلي بلدها الثاني مصر- في رحلة سياحية لتقضي أياما قليلة للاستمتاع بمعالم مصر ونيلها الخالد وما إن وطأت قدماها أرض مصر حتي طال بها المقام عشر سنوات لم تبرحها إلا لزيارات خاطفة لأسرتها بتونس- وحتي لا يغيب عن عينيها نيل مصر الخالد كان خيارها الإقامة بمسكن يطل علي مجري النهر.. فكانت سكناها إحدي الشقق بالحي الراقي بجاردن سيتي.. عاشت »مونيا« تنعم بالهدوء بينما علاقاتها بالجيران ظلت محدودة. كانت مونيا سيدة من نساء الطبقة الراقية في تونس، تبدو في عنفوان شبابها، رائعة الجمال عظيمة الطموح رومانسية المشاعر منذ شبابها المبكر وهي تحلم مثل كل البنات- بالعريس الذي يخطفها فوق حصان أبيض.. لكنها عاشت سنوات المراهقة دون أن يدق قلبها لفتي الأحلام الذي كانت تراه اسطوريا.. لا يعيش في عالمنا، تقدم لها كثيرون ورفضتهم.. وقع في غرامها عديدون وأعرضت عنهم.. لم تجد هذا المخلوق الرومانسي الذي تسلمه مفاتيح قلبها عن طيب خاطر.. وأخيرا وقع المستحيل في مصر بعد وصولها بأيام قليلة وكأنها كانت علي موعد مع الحب عندما ساقتها الصدفة إلي طريق جارها بالشقة المواجهة لمسكنها.. وإذا باللقاء الأول داخل مصعد العمارة.. تحدثت العيون قبل اللسان.. كان إعجابا متبادلا تحول إلي حب جارف.. التقيا مرات ومرات حتي صارحها جارها بحبه وأمنياته بأن يتحول هذا الحب إلي زواج قال لها- أنا أطلبك ملكة علي قلبي وعمري وكل حياتي- كادت مونيا أن تطير من الفرحة لكنها ظلت حذرة في إظهار مشاعرها بينما هي تعرف أن جارها هو الفارس المرتقب لا تعرف عنه غير أنه يشغل وظيفة ضابط بالداخلية وهو حفيد أحد كبار الأدباء المعروفين في مصر منذ سنوات بعيدة.. وهوشاب وسيم فارع القوام رفيع المشاعر جذاب عذب اللسان.. اتفقا علي الزواج بعد أن باركت أسرتيهما زواجهما علي أن تكون ثقة مونيا هي عش الزوجية وسط حفل صاخب هز أرجاء الفندق الكبير علي نيل القاهرة تم زفاف مونيا إلي فارسها.. وسط عيون الحاسدين ولم تكن مونيا تدرس ما خبأه لها القدر.. أيام معدودة في شهرالعسل وخرج العروسان للإعلان عن اتفاقهما علي الطلاق وسط دهشة كل الأقارب..!! مفاجأة من العيار الثقيل.. أحباء الأمس تحولا إلي أنداد..!! غرقت سفينة الأحلام.. وتم استدعاء نفس المأذون الذي عقد قرانهما منذ أيام قليلة.. ليوثق طلاقهما.. ودب الحزن في كيان مونيا وطار صوابها.. اعتكفت في بيتها بينما تحول البيت السعيد إلي أطلال حزينة.. فقد كانت الأسباب واهية التي تعلل بها العروسان لإعلان هذا الطلاق.. مضت الأيام ثقيلة علي مونيا حتي فوجئت بفارسها وقد عاد يبدي الندم والحسرة علي ما جري بدا يشده الشوق والحنين إلي »مونيا«- جاء يزف إليها الخبر السعيد بأنه أعادها إلي عصمته قبل أن يأتي إليها نادما..!! بينما مونيا تكاد تطير من الفرحة ولسان حالها يقول- ما أحلي الرجوع إليه..!! أنستها الفرحة تساؤلات عن طبيعة إعادتها إلي عصمته..!! لكن المياه عادت إلي مجاريها ليدب الدفء في عش الزوجية السعيد.. عاشا معا أحلي أيام العمر لا يعكر صفوها غير خلافات عابرة سرعان ما تزول.. وما أسهل خداع امرأة في حالة حب..! عام كامل مضي قبل أن تتفجر المفاجأة المروعة.. عندما اختفي الزوج فجأة لم يعد إلي بيته مثلما اعتاد كل يوم.. وانتاب القلق قلب مونيا وقد راودتها الهواجس.. ربما أصابه مكروه خاصة أن تليفونه المحمول مغلق.. راحت تسأل عنه في كل مكان حتي المستشفيات وكأن الأرض انشقت وابتلعته.. تحول اختفاء الزوج إلي لغز محير.. حتي كانت المفاجأة الثانية التي جاءت علي لسان زميله بالعمل تطوع للرد علي مكالمات مونيا المتوالية.. فجر لها الزميل المفاجأة بأنها مطلقة منذ عام كامل وبأن مطلقها لم يكن قد أعادها لعصمته منذ طلاقها الأول..!! وجن جنون »مونيا« ودارت برأسها الدنيا لم تصدق لكنها تساءلت أليس غياب زوجها كافيا لتأكيد ما قاله لها زميله..؟! وكيف أنها عاشت عاما كاملا في الحرام مع مطلقها بالمخالفة للشرع والقانون..!! وبعدها تجلي العداء سافرا بين من كانا حبيبين منذ أيام قليلة- فراحا يتبادلان الاتهامات في أقسام الشرطة- هويتهمها بأنها تكيل الشتائم والتهديدات له من خلال رسائل يتلقاها علي تليفونه المحمول- وهي تتهمه في بلاغات بقسم شرطة قصر النيل بتعمده تلفيق الاتهامات لها علي غير الحقيقة مستغلا سلطات وظيفته..!! راح كلاهما يدق طبول الحرب للكيد للآخر..! وقد كانا إلي عهد قريب مثار دهشة الحساد- والحاقدين..!! أمام قصة حب عنيفة كانت تجمع الفرقاء..!! وبقيت مونيا في موقف لا تحسد عليه.. تبحث عن إجابة شافية لسؤال حائر- هل هي مطلقة أم أنها مازالت زوجة..؟! سلامة ضحا